نظم الحزب الاشتراكي الموحد بمدينة الجديدة نشاطا ثقافيا تحت عنوان "مظاهر الفساد الاقتصادي والمالي على ضوء مطالب حركة 20 فبراير" بقاعة الندوات بالمجلس البلدي بمدينة الجديدة يوم السبت 14 أبريل 2011.وقد عرف هذا اللقاء الثقافي مداخلة الأستاذ نجيب أقصبي عضو المكتب السياسي للحزب وأستاذ الاقتصاد بالمعهد الوطني للزراعة والبيطرة بالرباط، والتي تمحورت حول البحث في الجذور التاريخية المؤسسة للفساد في النظام الخزني المغربي من خلال ثلاثة محاور أساسية متمثلة في البحث في مختلف العلاقات الموجودة بين المظاهر المتعددة للفساد وجوهر السلطة كسلطة مبنية على التحالفات الممكنة في أفق بناء الهيمنة والسيطرة على المجتمع، والعلاقات الموضوعية بين النظام المخزني ومظاهر الفساد كمنظومة من القيم والمعايير والرموز المؤسسة للثقافة السياسية التقليدية، وكذا السبل والحلول الناجعة التي يقترحها الحزب الاشتراكي الموحد قصد معالجة ظاهرة الفساد في المجتمع المغربي. في البدء، حاول الأستاذ أقصبي تحديد مفهوم السلطة كجوهر يتضمن إمكانية خلق واقع الفساد باعتبار أن غياب الديمقراطية يؤدي بالضرورة إلى هيمنة وسيادة الأقلية على باقي أفراد المجتمع من خلال بناء آليات سلطوية تؤسس للفساد وتشرعنه. من هذا المنظور، فإن السلطة تؤسس شرعيتها داخل نظام الفساد عبر الأجهزة السلطوية المادية والرمزية، وكذا عبر التحالف مع النخب والطبقات والحاشية التي تدور في فلكها في إطار مصالح مشتركة مبنية على إستغلال وتوزيع فائض الإنتاج في أفق الهيمنة والسيطرة على المجتمع، مما يجعل مبدئي الرضى والقبول مكونات أساسية "طبيعية" في نظر المجتمع، وتنتفي بالتالي تمظهرات السلطة في أشكالها السلطوية الزجرية والقهرية. وتتشكل السلطة أساسا عبر منظومات فكرية أو إيديولوجيا، وكذا عبر الأشكال المجتمعية المختلفة والتحالفات المصلحية والدينية قصد الهيمنة والسيطرة داخل المجتمع. ويتساءل الأستاذ أقصبي عن الآليات التي تستعملها السلطة من أجل مأسسة الفساد داخل المجتمع المغربي، والتي حددها في ثلاثة آليات أساسية تتمثل في إقتصاد الريع من خلال استغلال الموارد الطبيعية، ونظام التعيينات وكذا السياسات العمومية خاصة السياسات الجبائية التي تعد المنبع الأساس للفساد في النظام المغربي. كما يوجد الفساد في صميم النظام المخزني بحيث أن السلطة المخزنية كانت تسيطر وتهيمن على المجتمع المغربي عبر مجموعة من القنوات كالقيدالية والزوايا والصلحاء والشرفاء والقبيلة... هذا، وفي إطار شعارات "حركة 20 فبراير" التي تلتقي موضوعيا مع تصورات وطروحات القوى الديمقراطية في المغرب، يرى الأستاذ نجيب أقصبي أن المدخل الأساس لأي إصلاح هو إصلاح الدستور باعتبار أن الدستور يقوم بتنظيم العلاقات بين المؤسسات، وبالتالي ضرورة إقامة دستور ديمقراطي تتأسس من خلاله السلطة على المشروعية الديمقراطية. كما ينبني هذا الدستور على ملكية برلمانية حيث الملك يسود ولا يحكم، وعلى فصل حقيقي للسلط في إطار الإستقلالية والفعالية، وعلى القضاء بشكل جذري على إقتصاد الريع بحيث أنه لا يمكن التقدم في القضاء على الفساد دون إلغاء إقتصاد الريع، وعلى إصلاحات سياسية هيكلية جذرية موازية ومصاحبة للإصلاح الدستوري. ويخلص الأستاذ أقصبي إلى أن المعضلة الكبرى التي تواجه النظام المغربي تتمثل في نخبه الهجينة التي تقف عائقا أمام تقدم البلاد.