الحج ركن رئيسي من أركان الإسلام الخمسة وبه تكتمل الشعائر الإسلامية، ونظرا للظروف التي مرت بها اليمن خلال العام الماضي، تعرقل تفويج الحجاج ودخل في عمليات لغط، مما تسبب في اقحام هذا الركن الديني في الصراعات السياسية المقززة، ونتج عنه حرمان المواطن اليمني من أداء هذه الفريضة العام الماضي 1436ه. ويتسائل كثير من المواطنين والمهتمين عن إمكانية تأدية فريضة الحج لهذا العام وعن الآلية التي من المقرر أن يتم الاتفاق عليها بين الجانبين اليمني والسعودي، وتحييد هذا القطاع عن الحرب الدائرة، على اعتبار ان منع اليمنيين أو حرمان شريحة أو فئة يتناقض مع روح الشريعة الإسلامية ويتنافى مع القيم الإنسانية. وأبدى مواطنون يمنيون تذمرهم من العراقيل التي تقيد سفرهم لأداء العمرة و الحج على حد سواء وإغلاق الوكالات المفوجة لهم، مناشدين السلطات السعودية تحييد هذا القطاع عن الصراع السياسي والحربي وتذليل كافة الصعوبات والعراقيل امام الراغبين لأداء الشعائر الإسلامية المقدسة. وفي الصدد تجدر الإشارة الى ان مايقارب من 3400 حاج يمني فقط هم من استطاع أداء فريضة الحج الموسم الماضي من أصل 19000 حاج. وبعيدا عن كل الظروف التي أحاطت بموسم الحج الماضي والتي كانت سببا في حرمان هذه النسبة الكبيرة من أداء فريضة الحج، وبين تبادل الأطراف المعنية للاتهامات المتبادلة والقاء كل طرف المسئولية على الطرف الأخر، فان جميع الأطراف امام مسئولية كبرى، تتمثل في أن فريضة الحج ركن من أركان الإسلام وشعيرة دينية مقدسة، يتوجب على الجميع المساهمة الفعالة لاخراجها من دائرة الصراعات السياسية والعسكرية ومضاعفة الجهود بما يضمن إزالة الصعوبات والمعوقات امام الحجاج اليمنيين كونها وقبل كل شيء مسئولية جماعية يجب ان تظل نقطة التقاء بين كل الفرقاء، والمعنيون بمختلف توجهاتهم مسئولون امام الله سبحانة وتعالى في إنجاح وتأدية هذه الشعائر المقدسة. ومع اطلالة موسم الحج الجديد لهذا العام 1437ه عادت الى الواجهة الأجواء السلبية لتلقي بظلالها على موسم الحج لهذا العام معززة المخاوف في ظل الحديث عن رغبة البعض لنقل مركز التسجيل وتفويج الحجاج اليمنيين الى منطقة أخرى غير العاصمة صنعاء لدواعي ليست في صلب قدسية الفريضة الدينية والشعيرة الإسلامية المقدسة. وفي هذا الصدد يؤكد مختصون في قطاع الحج والعمرة أن تفويج الحجاج من أي محافظة أخرى يواجه استحالة تامة لعدة أسباب تتمثل أهمها في صعوبة تأمين العمل المصرفي حيث ان البنوك التي لديها فروع في عدن تجد صعوبة في العمل نتيجة الأوضاع الأمنية المضطربة وانتشار الجماعات المسلحة المتشددة. كما أن عملية التفويج من أي محافظة أخرى (حسب رغبة البعض) ستجد صعوبة نظرا لتواجد نظم المعلومات وقاعدة البيانات في المقر الرئيسي لقطاع الحج والعمرة في صنعاء، فضلا عن ان الكادر البشري المؤهل يتواجد في قطاع الحج والعمرة في صنعاء والذي يتمتع بخبرة كبيرة في مجال تسهيل إجراءات تسجيل الحجاج وتفويجهم، وهذا ما يفتقده أي توجه لتفويج الحجاج من عدن، او أي منطقة أخرى غير العاصمة صنعاء. وانطلاقا من الشعور بهذه المسئولية وحرصا منها على إنجاح وتأدية هذه الشعائر فان قيادة قطاع الحج والعمرة في وزارة الأوقاف (وهو الجهة المعنية بإدارة شئون الحج والعمرة) تؤكد على استقلالية قطاع الحج والعمرة وتدير شئونه بحيادية وحرفية مهنية وبخبرات وكفاءات تؤدي مهامها وفقا للمعايير والضوابط والآليات المتبعة في كل مواسم الحج السابقة. وفي هذا السياق تؤكد قيادة القطاع ممثلة بالشيخ مختار حسين الصارمي وكيل قطاع الحج والعمرة استعدادها للتعاون المثمر والبناء مع وزارة الحج في المملكة العربية السعودية ومع كل المعنيين، وبما يكفل في إتمام وانجاح أداء الحجاج اليمنيين لشعائر الحج والعمرة لهذا العام. وأكد الوكيل الصارمي عزمه بذل كل الجهود والعمل مع الجانب السعودي لتلافي ماحصل خلال موسم الحج الماضي، وبعيدا عن أي توظيفات سياسية تذهب بالفريضة الدينية عن قدسيتها الربانية. ودعا الجانب السعودي الى الموافقة على طلب الجانب اليمني للمشاركة في البروتوكول الذي يعقد سنويا في مثل هذه الفترة من كل عام لتوقيع اتفاقيات تفويج الحجاج وتسهيل سفر الوفد. ويرى مراقبون الجهود الحثيثة المبذولة في قطاع الحج والعمرة قد قللت من حجم المخاوف التي تتملك الراغبين في أداء فريضة الحج، واوجدت بصيص أمل يتمثل في أن تكون فريضة الحج نقطة التقاء يتجاوز معها الفرقاء اليمنيون صراعاتهم وخلافاتهم للنأي بهذه الفريضة عن الصراعات. وفي هذا الاتجاه جاءت خطوة الوكيل الصارمي من باب حسن النوايا ولتأكيد الحرص على إنجاح موسم الحج، بادر قطاع الحج والعمرة باعتماد سبع وكالات جديدة. وتأتي هذه الخطوة في اطار تهيئة بيئة توافقية بين الأطراف اليمنية وكبادرة حسن نية للنأي بفريضة الحج عن المهاترات والصراعات. وأبدى الوكيل استعداده لمعالجة أوضاع الوكالات المخالفة التي تم شطبها خلال العام الماضي في حال التزمت هذه الوكالات بالعمل وفق اللوائح المنظمة لعملية تفويج الحجاج. وعلى الجانب الاخر يأمل مراقبون بأن تكون الخطوة التي كشفت عنها مصادر مقربة من الجانب السعودي والمتمثلة بتحديد موعد اللقاء التشاوري بين الجانبين اليمني والسعودي بداية شهر ابريل المقبل، تعد الخطوة الأولى لتعزيز الثقة وبادرة امل لآلاف الحجيج الذين يأملون تأدية شعائر الحج لهذا العام ويأملون في أداء هذه الشعيرة المقدسة دون عقبات. وبدوره طمأن قطاع الحج والعمرة بوزارة الأوقاف والإرشاد كل الذين لم يتمكنوا من السفر لاداء فريضة الحج الموسم الماضي بأن لهم الأولوية لتأدية فريضة الحج لهذا العام، وستعمل الوزارة جاهدة على تذليل كل الصعاب واحاطتهم بكل الرعاية اللازمة.