قول الفيلسوف والروائي الروسي "ليو توليستوي" (1828-1910) في أحد كتاباته أن "المفكرين الأحرار هم أولئك المستعدون لاستعمال عقولهم بدون حكم مسبق، وبدون خوف، لفهم الأِشياء التي تتعارض مع أعرافهم وامتيازاتهم، وما يؤمنون به، فطريقة تفكير كهذه ليست شائعة، ولكنها متطلب أساسي للتفكير الصحيح، وعندما يفقد هذا "التفكير الصحيح"، فأنّ الحديث جدير به أن يصبح أسوء من عقيم و عديم الفائدة." التفكير الصحيح، حسب نظرتنا المتواضعة، يبني علي "حرية العقل"mind وهو الوضع الذي يختفي فيه الحكم المسبق، ويزول فيه الخوف من فهم ما هو مختلف. ما هي حرية العقل؟: حرية العقل الإنساني هي تمتع هذا العقل بالقدرة على التفكير المستقل في جميع البيئات الاجتماعية والسياسية والأخلاقية، وهي أيضا حريته في التفكير من دون وجود ضغوط خارجية قسرية تجبر هذا العقل على الاعتقاد أو الإيمان بأفكار لا يتقبلها هذا العقل. إضافة إلى ذلك، حرية العقل هي عدم سيطرة الآخرين أو مبادئهم أو أفكارهم على سلوك الأفراد الآخرين، وهي بشكل أهم، عدم سيطرة الآخرين على طريقة تفكير الأفراد وأحاسيسهم وعواطفهم ومشاعرهم! كيف يتم استعباد العقل؟ عملية استعباد العقل تبدأ عندما يتم النظر إليه "كصفحة بيضاء" تنتظر الملأ والتعبئة من قبل الآخرين، ففرض المثل والمبادئ والقيم الاجتماعية والأخلاقية المقبولة من الأكثرية في المجتمع، من دون أن يطلبها الأفراد، هو، شئنا أم أبينا، نوع آخر من الطغيان، أي طغيان أفكار الآخرين على حرية عقول الأفراد، ففي هذا السيناريو الاستعبادي التقليدي، لا يوجد لدي هذا العقل الإنساني خيار آخر، فإما أن يقبل بما يتم تلقينه من قبل الأكثرية في المجتمع، أو يتحمل العزل والطرد من المجتمع "الإنساني." لماذا حرية العقل مهمة بالنسبة للإفراد؟: حرية العقل الإنساني مهمة بالنسبة للأفراد، لأن "خلو" هذا العقل من جميع أنواع العوائق و"الكوابح" والمقيدات والسلاسل الفكرية التي يمكن أن تسجن أو تكبت أو تمنع هذا العقل من امتلاك أفكار أو طرق تفكير أو إدراك خاصة به، هي من أساسيات وبديهيات وجود الإنسان على الأرض، أي بمعني آخر، حرية العقل هي أول شيء "يمتلكه" الإنسان، فهي، حتى قبل اختراع مبدأ الملكية، أتت بديهية مع ظهور الإنسان! فُقْدُ هذه الملكية الأساسية أو حرية العقل، هو بداية طريق الاستعباد. كيف نحرر العقل؟:يتم تحرير العقل عن طريق إخلائه من النزعات العدائية تجاه الآخرين و من العادات النمطية في تقييم الآخرين حسب معتقداتهم ولون جلودهم وثقافتهم( وهي تقييمات و معايير وقياسات متفاوتة، غالبا ما تكون مخترعة من قبل عقل إنساني آخر). وتحرير العقل يتم أيضا عن طريق تنظيفه من كل الأيديولوجيات الإنسانية التي لا تعطي أهمية لقيمة الإنسان "الحقيقة، " وكل هذه الوسائل السابقة في تحرير العقل تأتي عن طريق التفكير مليا وبشكل مستمر ودائم في ما إذا كان عقلنا فعلا حرا في اختياره، حرا في طريقة تفكيره، حرا في تنظيمه وغربلته للأفكار التي يتلقاها من العالم الخارجي، فالتأكد من هذه الحقائق حول حالة عقلنا، ينتج عنه فتحنا "لبوابة" عالم جديد، وهو عالم ندرك فيه بأنّ عقلنا هو فعلا ملكنا نحن فقط، نحن فقط، وليس ملك الآخرين؟!