تعيين مدير جديد للمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بتطوان    السفيرة بنيعيش: المغرب عبأ جهازا لوجستيا مهما تضامنا مع الشعب الإسباني على خلفية الفيضانات    الحسيمة : ملتقي المقاولة يناقش الانتقال الرقمي والسياحة المستدامة (الفيديو)    المنتخب المغربي يفوز على نظيره المصري في التصفيات المؤهلة لكأس أمام أفريقيا للشباب    إقصائيات كأس أمم إفريقيا 2025 (الجولة 5).. الغابون تحسم التأهل قبل مواجهة المغرب    اشتباكات بين الجمهور الفرنسي والاسرائيلي في مدرجات ملعب فرنسا الدولي أثناء مباراة المنتخبين    مقاييس التساقطات المطرية خلال 24 ساعة.. وتوقع هبات رياح قوية مع تطاير للغبار    بحضور التازي وشلبي ومورو.. إطلاق مشاريع تنموية واعدة بإقليم وزان    عنصر غذائي هام لتحسين مقاومة الأنسولين .. تعرف عليه!    المنتخب المغربي الأولمبي يواجه كوت ديفوار وديا في أبيدجان استعدادا للاستحقاقات المقبلة    الأرصاد الجوية تحذر من هبات رياح قوية مع تطاير للغبار مرتقبة اليوم وغدا بعدد من الأقاليم    وزيرة الاقتصاد والمالية تقول إن الحكومة واجهت عدة أزمات بعمل استباقي خفف من وطأة غلاء الأسعار    الدرك الملكي بتارجيست يضبط سيارة محملة ب130 كيلوغرامًا من مخدر الشيرا    لمدة 10 سنوات... المغرب يسعى لتوريد 7.5 ملايين طن من الكبريت من قطر    أزمة انقطاع الأدوية تثير تساؤلات حول السياسات الصحية بالمغرب    هل يستغني "الفيفا" عن تقنية "الفار" قريباً؟    مصرع شخص وإصابة اثنين في حادث انقلاب سيارة بأزيلال    بتهمة اختلاس أموال البرلمان الأوروبي.. مارين لوبان تواجه عقوبة السجن في فرنسا    بعد ورود اسمه ضمن لائحة المتغيبين عن جلسة للبرلمان .. مضيان يوضح    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    ‬المنافسة ‬وضيق ‬التنفس ‬الديموقراطي    أحزاب المعارضة تنتقد سياسات الحكومة    حوالي 5 مليون مغربي مصابون بالسكري أو في مرحلة ما قبل الإصابة    الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين تسلم "بطاقة الملاعب" للصحافيين المهنيين    ألغاز وظواهر في معرض هاروان ريد ببروكسيل    الحكومة تعلن استيراد 20 ألف طن من اللحوم الحمراء المجمدة    وفد من رجال الأعمال الفرنسيين يزور مشاريع هيكلية بجهة الداخلة-وادي الذهب    صيدليات المغرب تكشف عن السكري    ملتقى الزجل والفنون التراثية يحتفي بالتراث المغربي بطنجة    الروائي والمسرحي عبد الإله السماع في إصدار جديد    خلال 24 ساعة .. هذه كمية التساقطات المسجلة بجهة طنجة    الإعلان عن العروض المنتقاة للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح    نشرة إنذارية.. هبات رياح قوية مع تطاير للغبار مرتقبة اليوم الخميس وغدا الجمعة بعدد من أقاليم المملكة        معدل الإصابة بمرض السكري تضاعف خلال السنوات الثلاثين الماضية (دراسة)    تمديد آجال إيداع ملفات الترشيح للاستفادة من دعم الجولات المسرحية    مركز إفريقي يوصي باعتماد "بي سي آر" مغربي الصنع للكشف عن جدري القردة    الاحتيال وسوء استخدام السلطة يقودان رئيس اتحاد الكرة في جنوب إفريقا للاعتقال    عودة ترامب الهوليودية و أفول الحلم الأمريكي ..    حفل توزيع جوائز صنّاع الترفيه "JOY AWARDS" يستعد للإحتفاء بنجوم السينماوالموسيقى والرياضة من قلب الرياض    أسعار النفط تنخفض بضغط من توقعات ارتفاع الإنتاج وضعف الطلب    عواصف جديدة في إسبانيا تتسبب في إغلاق المدارس وتعليق رحلات القطارات بعد فيضانات مدمرة    "هيومن رايتس ووتش": التهجير القسري الممنهج بغزة يرقي لتطهير عرقي    إسرائيل تقصف مناطق يسيطر عليها حزب الله في بيروت وجنوب لبنان لليوم الثالث    الدولة الفلسطينية وشلَل المنظومة الدولية    هذه أسعار أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    ترامب يعين ماركو روبيو في منصب وزير الخارجية الأمريكي    غينيا الاستوائية والكوت ديفوار يتأهلان إلى نهائيات "كان المغرب 2025"    كيوسك الخميس | المناطق القروية في مواجهة الشيخوخة وهجرة السكان    الجيش الملكي يمدد عقد اللاعب أمين زحزوح    غارة جديدة تطال الضاحية الجنوبية لبيروت    أكاديمية المملكة تفكر في تحسين "الترجمة الآلية" بالخبرات البشرية والتقنية    الناقد المغربي عبدالله الشيخ يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغرب العربي.. ملامح خريف ساخن (إنفوغراف)
نشر في الشرق المغربية يوم 28 - 10 - 2014

لم يكن خريف 2014 عاديًا بالنسبة لمنطقة المغرب العربي، فالدول الخمس المشكِّلة لما يُعرف باتحاد «المغربي العربي» كانت على موعد مع هزات أمنية وسياسية خلفت بصمات سيكون لها أثرها في مستقبل المنطقة.
وتراوحت درجات سخونة الخريف المغاربي ما بين المرتفعة والمرتفعة جدًّا، ففي ليبيا القادمة للتو من ثورة لعب السلاح دورًا أساسيًّا في حسم مسارها لا تزال آمال الهدوء بعيدة المنال، لعدم وجود أرضية مشتركة تقف عليها التشكيلات السياسية والعسكرية المسيطرة على البلاد ميدانيًّا.
وبينما يعد الملف الليبي من أكثر الملفات المغاربية سخونة، تستعد تونس، خلال أسابيع، لطي صفحة من تاريخها عبر انتخابات تشريعية ورئاسية تحظى بمشاركة سياسية وشعبية واسعة، وإن كان ثمة ما ينغض إلى حد كبير من ألق ما أصبح يعرف ب«النموذج التونسي»، حيث التهديدات الأمنية تلاحق الشخصيات السياسية ومصالح الدولة أكثر من أي قوت مضى.
أما في الجزائر، التي ظلت خلال السنوات الأخيرة بعيدة عن التجاذبات ولو نسبيًّا، لم تطو البلاد بعد صفحة الانتخابات الرئاسية التي أُجريت في 17 أبريل الماضي، إذ لا يزال الجدل يتصاعد بشأنها، ما يشير إلى أنَّها لم تكن انتخابات وحسب، ويرافق ذلك جدلٌ آخر لا يقل أهمية وحساسية، وهو ملف صحة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (77 عامًا)، الذي لا يزال منذ سنوات يتصدر اهتمامات الشعب الجزائري ونخبته.
وتظل الحالة الموريتانية الأكثر تشابهًا مع الحالة الجزائرية، فبعد شهرين فقط من انتخابات الجزائر نظَّمت موريتانيا انتخابات رئاسية قاطعتها جل الأحزاب المعارضة، وهو ما أدى إلى حالة غير مسبوقة من التجاذب، جعلت مراقبين يعبِّرون عن مخاوفهم بشأن مستقل بلاد اتسمت كل أنظمة الحكم فيها بالهشاشة المفرطة.
ووسط روزنامة الأزمات المغاربية، تعد الحالة في المملكة المغربية أقل تلك الحالات سوءًا من حيث الاستقرار السياسي والأمني، فقد عاشت خريفها دون منغصات تذكر، ومع ذلك فلايزال ملف الصحراء الغربية من أهم القضايا المطروحة على المغرب، خاصة أنَّ الملف على عتبة تحوُّل جديد في العام المقبل، إذ ينتظر أن يصدر قرار أممي تتضارب التنبؤات حياله، وهو ما أثر بوضوح على تصريحات المسؤولين المغاربة خلال الأشهر القليلة الماضية.
وسنتناول أبرز ملامح الخريف المغاربي عبر التطرق إلى كل حالة على حدة، لاستيضاح جوانب قد تكون متوارية خلف السحابات الكثيفة، التي اجتاحت المنطقة المغاربية في خريف اتسم بالإثارة المفرطة، والتحولات المصيرية.
المغرب العربي
ليبيا.. مسار سياسي وأمني مضطرب
بعد أشهر قليلة تكمل ثورة ال17 فبراير عامها الرابع، في وقت لا تكاد تخلو رقعة من التراب الليبي من نزاعات وصراعات يأخذ الطابع العسكري النصيب الأوفر منها، فيما يأخذ المتبقي شكلاً سياسيًّا أو قبليًّا.
ربما ذلك ما جعل السفير الليبي لدى دولة كندا، فتحي محمد البعجة، يصف ما يحدث بأنه «حرب أهلية»، معتبرًا أن الليبيين لا يتحدثون عن حرب أهلية وإن كانوا يعيشونها بالفعل.
ويرى السفير الليبي، في حوار نشرته صحيفة «المصري اليوم» الجمعة (10 أكتوبر 2014)، أنَّ الانقسام في ليبيا يرجع إلى مجموعة من العوامل أهمها «وجود مجموعة سياسية انهزمت سياسيًّا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، التي أبرزت الكيان السياسي الشرعي في ليبيا وهو مجلس النواب».
وفي ذات السياق كان المبعوث الدولي السابق لدى ليبيا طارق متري حذَّر، في أغسطس الماضي، من أن تصبح البلاد أرضًا خصبة للإرهاب، وهو ما يستدعي التدخل ومساعدة الحكومة لفرض سيطرتها على الأراضي الليبية.
لكن التحذيرات الأممية والمحلية لم يواكبها حتى الآن تحرك فعلي في الاتجاه المطلوب، فبينما ترتفع درجة الصراع داخل الحدود الليبية تبقى التحركات الإقليمية والدولية مختصرة على المنابر والبيانات.
ويرى متابعون للشأن الليبي أنَّ محاولة أطراف سياسية بعينها إحياء المؤتمر الوطني العام، المنهية ولايته، من شأنه أن يزيد الطين بلة، خاصة أنَّ حالة البعث تلك جاءت بعد سيطرة قوات تابعة لما تُعرف بعملية «فجر ليبيا» التابعة للإسلاميين، على العاصمة (#طرابلس)، لكن المحاولة لم تلق صدورًا رحبة خارج نطاق سيطرة التشكيلات المسلحة الداعمة لها.
وفي الشرق الليبي تبدو الحالة أكثر سوءًا، ففي #بنغازي التي تسيطر عليها منذ أشهر تشكيلات مسلحة محسوبة على ما يعرف ب«الإسلام السياسي»، و منضوية تحت لواء «أنصار الشريعة»، ولا يكاد يمر يومٌ دون عمليات اغتيال تستهدف ناشطين، لعل من أبرزها استهداف الناشط والمدون توفيق بن سعود (18 عامًا) وصديقه سامي الكوافي في منطقة الكيش في مدينة #بنغازي في 19 من سبتمبر الماضي.
وخلال السنوات الماضية فشلت الحكومات المتعاقبة في جمع السلاح وإعادة تأطير الثوار ليواكبوا مرحلة الدولة ونظم المؤسسات، فكل ما قامت به الحكومات في هذا الصدد، برأي مراقبين، لم يتجاوز مرحلة التصريحات والدعوات دون أن يرقى إلى المستوى المطلوب، وهو ما توج في نهاية المطاف بأن أصبحت تلك التشكيلات الفاعل الأقوى في المشهد برمته.
فوضى السلاح تلك جعلت دولاً غربية تتخوف من أن تصبح ليبيا بؤرة مصدِّرة للإهاب في المنطقة، وهو يرفع درجات القلق ليس فقط بالنسبة لدول الجوار والإقليم بقدر ما يقلق أكثر الدول الأوروبية على الضفة الأخرى للمتوسط.
وفي هذا السياق قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، في تصريحات الشهر الماضي، إنَّ مجموعات إرهابية تتمركز في جنوب ليبيا كانت قواته طردتها من شمال مالي مطلع 2013.
ورغم الصورة القاتمة للوضع الليبي، فإنَّ الحديث بدأ يزداد حول ضرورة جلوس مكونات العملية السياسية إلى طاولة الحوار لتجنيب البلاد مزيد من التدهور، وقد جاءت في هذا الإطار دعوة رئيس مجلس النواب المنتخب عقيلة صالح، في رسالته لمناسبة عيد الأضحى، إذ دعا إلى «مراعاة وحدة ومصير وطننا في حوار يلتئم فيه الجميع، والجلوس حول مائدة مستديرة للحوار مرات ومرات حتى نصل إلى نتائج ينجم عنها الاستقرار واستتباب الأمن والأمان التي هي الآن مطلب كل مواطن ومواطنة في ليبيا».
لكن رسالة رئيس مجلس النواب لا تجد قبولاً ملموسًا على أرض الواقع، ففي مقابلة مع «بوابة الوسط» نُشرت الأربعاء 22 أكتوبر الجاري، قال الوكيل السابق لوزارة الدفاع خالد الشريف إنَّ حوار غدامس «حوار مَن لا يملك، بمعنى مَن تحاوروا في غدامس، وأعني الطرفين، لا يملكان القرار، فالطرف القادم عن #طبرق لا يملك شجاعة إصدار قرار ضد الطرف المتطرف في #طبرق، والذي يدعو إلى تقسيم ليبيا، والطرف المتحاور باسم الثوار لا يملك القول عن الثوار الذين قالوا كلمتهم في الجبهات وهي أنَّهم أدرى كيف يحافظون على ليبيا وحدة واحدة».
وفي الأيام القليلة الماضية بدأت نذر تصاعد الأزمة عبر موجة جديدة تمثَّلت في تصعيد اللواء المتقاعد خليفة #حفتر معركته لاسترجاع #بنغازي من يد التشكيلات الإسلامية المسلحة، التي تسيطر عليها منذ أشهر.
آثار الاشتباكات الدائرة منذ أيام لإستعادة #بنغازي من الجماعات الإسلامية المسلحة
تونس.. انتقال ديمقراطي رغم التحديات
في 26 من أكتوبر الجاري يتجه الناخبون التونسيون إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في البرلمان لخمس سنوات مقبلة، ينتظر التونسيون أن تنقلهم إلى واقع مختلف عن كل ما سبق، خاصة على المستويين الأمني والاقتصادي.
ولن تكون الانتخابات التشريعية هي نهاية المطاف، ففي 23 من نوفمبر المقبل ستُجرى الانتخابات الرئاسية، وسط تحديات أمنية تنصح الحكومة بأخذها على محمل الجد.
وتواصل الحكومة التونسية الموقتة برئاسة مهدي جمعة حشد إمكاناتها من أجل إجراء الاستحقاق الانتخابي في أوقاته المحددة وفي ظروف ترضي الجميع.
ولم تصل تونس إلى هذه المراحل المتقدمة نسبيًّا بكبسة زر، إذ حصل ذلك بعدما تمكَّنت النخبة السياسية من تجاوز كل العراقيل التي اعترضت مراحل الانتقال الديمقراطي وذلك عبر التنازلات المشتركة، التي مهدت لصياغة دستور الجمهورية الثانية الذي يرتقي في مضمونه إلى درجة دساتير الدول المتقدمة، وفق مختصين.
وستجُرى الانتخابات التونسية في ظروف اقتصادية واجتماعية وأمنية حرجة، فالبلاد لم تتعاف بعد من أزماتها الاقتصادية التي شملت أغلب القطاعات، فضلاً عن تراجع الإنتاج وارتفاع التوريد، وفق دراسة للبنك الدولي.
وبالتوازي مع ذلك يتواصل الحديث عن مخطط إرهابي لضرب استقرار تونس السياسي، وخلق أزمات تحُوْل دون وصول البلاد إلى بر الديمقراطية الآمن، فأكثر من مرة أعلنت الداخلية التونسية أنَّ الإرهابيين يخططون لاغتيالات سياسية وعمليات تفجير تزامنًا مع الانتخابات.
وفي ظل استمرار الحملات الدعائية الممهدة للانتخابات التشريعية، تتواصل الحروب الكلامية بين أكبر قوتين سياسيتين في تونس الآن، وهي حركة «النهضة» الإسلامية، وحركة «نداء تونس»، وعلى تخوم ذلك الصراع السياسي تواصل أحزاب أخرى معاركها السياسية لكن بحدة أقل.
وبذلك سيترك «خريف 2014» بصمة في التاريخ التونسي لن تنمحي، فمنه تعبر تونس نحو ربيعها الحقيقي الذي يأمل التونسيون أن تحقق فيه مكاسب على أكثر من صعيد، ومع ذلك فلا تغيب هواجس العودة إلى الوراء عن أذهان الكثيرين، كما لا يغيب ثقل التحديات التي توجه من سيعطيهم الشعب ثقته خلال أسابيع قليلة.
الجزائر.. أزمات في طريق التحوُّل
رغم ما تحاط بها من الأزمات التي ما فتئت تضرب الجزائر من سرية على المستوى الرسمي، فإنَّها بدت في الفترة الأخيرة تتجه تدريجيًّا نحو الظهور العلني كما لم يحدث من قبل، ويرجع ذلك وفق متابعين للشأن الجزائري إلى اقتراب مولد نظام سياسي جديد أو على الأقل ظهور شخصيات واختفاء أخرى عن المسرح العام.
ولم تنته بعد تداعيات الانتخابات الرئاسية التي أُجريت في ال17 أبريل الماضي، وتوَّجت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بولاية رئاسية رابعة، ما جعل كثيرين يعتبرونها بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس، فبعد أكثر من عقد ظلت السياسية والأمن في تلاحم لا ينفض، بدت نذر التحول ترى ولو من بعيد.
ولا يمكن النظر للحالة الجزائرية دون استحضار ما يعرف ب«العشرية السوداء»، التي خلفت ما يناهز مئتي ألف قتيل وأنهكت الدولة الجزائرية وخلقت مزاجًا شعبيًّا يحبذ الاستقرار على كل ما سواه.
ربما ذلك ما جعل الشعب الجزائري يتريث مع هبوب رياح «الربيع العربي» قبل نحو أربع سنوات، لكن ذلك التريث الشعبي لا يصاحبه تريث نخبوي، فالصراع بين النخب السياسية على أشده الآن.
فخلال الأشهر القليلة الماضية شكَّل معارضون من توجهات مختلفة إطارًا سياسيًّا موحدًا عُرف ب«تنسيقية التغيير الديمقراطي»، ويضم أكثر من 20 طرفًا بين أحزاب وشخصيات سياسية.
وفي الأيام الماضية نفَّذوا سلسلة جولات سياسية في الولايات الداخلية، لشرح فكرة التغيير السياسي السلمي الذي ينادون بضرورته، والبحث عن مخارج لتنفيذ هذا الخيار المرفوض من قبل السلطة والأحزاب السياسية الموالية لها.
وفي هذا سياق يقول رئيس حزب «جيل جديد» والعضو في التكتل جيلالي سفيان، في تصريحات نشرتها صحيفة «العربي الجديد» الجمعة 24 أكتوبر الجاري: «إن النزول إلى الشارع، كخيار جديد للمعارضة، هو التواصل مع المواطنين وإشعارهم بخطورة المرحلة وضرورات التغيير السلمي».
فكرة توحيد المعارضة الجزائرية، التي ظلت أقرب للمُحال خلال سنوات خلت، كانت قد تحققت بالفعل في العاشر من يونيو الماضي، بعد نجاح المعارضة في عقد مؤتمر حضره أكثر من 400 شخصية تُمثِّل قادة أحزاب وتنظيمات مدنية وشخصيات مستقلة، بينهم ثلاثة رؤساء حكومات سابقين.
أما في الأيام القليلة الماضية فقد ظهر أكبر تجلٍ للأزمة المخفاة رسميًّا، وفق معارضين، إذ خرجت أعدادٌ كبيرة من عناصر الأمن إلى الشارع، مطالبين بإقالة مدير الأمن وإحداث إصلاحات تغير من ما وصفوه «الوضع المأساوي» الذي يعيشه القطاع الأمني في البلاد.
وقد تفاجأت السلطات الجزائرية بهذا التطوُّر، وقرر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إعادة تنظيم جهاز الأمن الوطني على ضوء نتائج تحقيقيْن أمنييْن يُجرى الأول تحت إشراف وزارة الداخلية، والثاني بالتعاون بين خبراء من الرئاسة ووزارة الدفاع، وذلك وفق ما نشرته صحيفة «الخبر» في عددها الصادر السبت 18 أكتوبر الجاري.
لكن التوقعات جميعًا تنصرف للقول إنَّ نظامًا جديدًا سيخرج في الجزائر، بعد أن صار النظام الحالي يوصف على نطاق واسع ب«الشيخوخة المفرطة»، ولعل سلسلة الإقالات المفاجئة التي حدثت في أغسطس الماضي ترجِّح ذلك، فقد أقال بوتفليقة ساعده الأيمن عبد العزبز بلخادم رفقة عدد كبير من رموز المؤسسة العسكرية والأمنية.
هكذا تبدو الجزائر على عتبة مرحلة جديدة يشوبها الحذر، فلا خطاب السلم والاستقرار والتحذير من المجهول أصبح مجديًا وسط موجة التحولات التي تضرب المنطقة العربية، ولا تلاحم قادة الدولة ظل على حاله إذ بدت نذر خلافاتهم تطفو على السطح أكثر من أي وقت مضى.
الشرطة الجزائرية تمنع مسيرات رافضة لترشح بوتفليقة لولاية رابعة أبريل الماضي
موريتانيا.. أزمات سياسية بوجوه متعددة
لم تخلف موريتانيا منذ أكثر من ثلاثة عقود موعدًا مع الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية، فبعد مضي نحو 35 سنة على أول انقلاب عسكري في البلاد ظلت البلاد تتقلب بين الانقلابات والانقلابات المضادة.
وقد خلفت تلك المسيرة الطويلة مع الأزمات السياسية إرثًا يصعب محوه من ذاكرة السياسيين جميعهم الذين لم يعثروا بعد، وفق مراقبين، على آلية عمل سياسي تتسم بالمؤسسية والنضج، إذ مازال الترحال السياسي من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار أكثر الطرق تعبيدًا في البلاد.
وفي آخر معطيات المشهد السياسي الموريتاني انتخابات رئاسية لم تشارك فيها المعارضة التقليدية، وتوَّجت الرئيس محمد ولد عبد العزيز بمأمورية رئاسية ثانية تدوم حتى صيف 2019.
المعارضة الموريتانية كانت أعلنت في 28 فبراير الماضي تأسيس منتدى يجمع أطيافًا واسعة من القوى الداعية إلى «التغيير»، وهي مجموعة من الأحزاب و الحركات السياسية، والمركزيات النقابية، وهيئات المجتمع المدني، والمنظمات الشبابية، والشخصيات المستقلة.
جاء ذلك الإعلان قبل أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية التي أُجريت في 21 يونيو الماضي، بهدف تنسيق الجهود والتقدم بمرشح واحد للرئاسة، لكن ذلك الحكم تلاشى بعد رفض النظام تقديم تنازلات طالبت بها المعارضة من أجل ما تصفها انتخابات ديمقراطية وشفافة.
لكن ولد العزيز، الذي وصل سدة الحكم في أغسطس 2008 في انقلاب عسكري على أول رئيس مدني في تاريخ البلاد، مضى يقول إنَّ تجديد الطبقة السياسية أمرٌ ملحٌ جدًّا، كما محاربة الفساد، معتبرًا أنَّ المعارضة الموريتانية تضم شخصيات كثيرة شاخت و خلت أفئدتها من جسارة الحلم ولم تعد تصلح للشأن العام.
ومع سعي الرئيس الموريتاني لخلق طبقة سياسية جديدة، يقول مراقبون إنَّ المعارضة في بلاده بحكم الخلافات الداخلية المتنامية فيما بينها من جهة وحالة الإحباط التي تهيمن على قطاع هام من شعبيتها، ليست قادرة على مجابهة رئيس يقف الدولة لكل مكوناتها في صفه.
ومع أنَّ البلاد استطاعت تجنب رياح الربيع العربي، بفعل الحريات السياسية المتاحة نسبيًّا منذ العام 2005، إلا أنَّ متابعين للشأن الموريتاني يعلنون من حين لآخر تخوفهم من انزلاقات قد تهدد مصير البلاد في ظل تعدد العرقيات والقوميات والمظالم الاجتماعية، فضلاً عن ما يُعرف في موريتانيا ب«الإرث الإنساني»، وهو عبارة عن تصفيات حدثت في نهاية الثمانيات في الجيش راح ضحيتها عشرات الزنوج من ضباط ومجندين.
ظلت الأزمة السياسية الموريتانية تتجلى في الحشد والحشد المضاد
المغرب.. استقرار سياسي واستنفار دبلوماسي
ما إن هبت نسائم الربيع العربي مطلع 2011، واشتم عددٌ من شباب المملكة المغربية تلك النسائم وطالب بمزيد من الحريات والديمقراطية حتى خرج الملك محمد السادس بخطاب مطول ومفاجئ في التاسع من مارس 2011، وأعلن تعديلات دستورية واسعة.
بذلك انتهت حالة من الترقب سادت الأجواء السياسية، وبدأ منظرون يتحدثون عن ما سموه «النموذج المغربي»، في التعاطي مع التحولات.
ألقت تلك التعديلات الدستورية التي تنازل الملك بموجبها عن عدد كبير من صلاحياتها لصالح رئيس الحكومة لعل من أبرزها ترسيم اللغة الأمازيغية لغة رسمية ثانية للبلاد، وتعيين رئيس الوزراء من الحزب الأكثر تمثيلاً في البرلمان بينما كان للملك حق الاختيار الكامل.
وفي الأول من يوليو 2011 أجرى الاستفتاء على الدستور بعد موافقة الأحزاب السياسية عليه، وقد نال ثقة أكثر من 98%، لكن تجمعات شبابية محسوبة على تنسيقات 20 فبراير شككت في مصداقية الدستور.
وطيلة السنوات الثلاث لم يتوقف قطار السياسية يومًا، فقط ظلت السجالات السياسية قائمة لكن بصورة أقل حدة مما سبق، وإن كان الملك محمد السادس أبدى انزعاجه، خلال افتتاح الدورة البرلمانية الأخيرة الأحد 12 أكتوبر الجاري، إذ قال إنَّ التتبع للمشهد السياسي الوطني عمومًا، والبرلماني خصوصًا، لا يلاحظ أن الخطاب السياسي يرقى دائمًا إلى مستوى تطلعات المواطنين، وهو ما عد رسالة تحذير وتوبيخ لكثير من السجالات الماضية.
لكن المناكفات السياسية صاحبتها، خلال الأشهر الماضية، حربٌ دبلوماسية ضارية، إذ لا يزال الصراع حول قضية الصحراء الغربية في تصاعد مستمر، في وقت يتوقع أن يشهد مسار هذا الملف منعطفًا مهمًا العام المقبل.
ففي يوليو الماضي قال وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار، في جلسة برلمانية، إنَّ سنة 2015 ستكون «سنة مهمة» بالنسبة للقضية الصحراوية، لكن الوزير المغربي أكد تمسك بلاده بما سمَّاها «الثوابت الوطنية»، وهي أنَّه «لا نقاش خارج مبادرة الحكم الذاتي ولا حل خارج السيادة الترابية».
وبينما ينتظر أن يتبنى مجلس الأمن قرارًا مصيريًّا حول القضية الصحراوية في أبريل 2015، تواصلت على مدى الأشهر الماضية الحرب الدبلوماسية بين المملكة المغربية وجارتها الجزائر.
فالجزائر التي لا تخفى دعمها الكامل لجبهة «بوليساريو»، ما فتئت تتهم المغرب بممارسة انتهاكات لحقوق الإنسان في المناطق الصحراوية الخاضعة لسيطرتها، فيما ترد المغرب بأن الجزائر تمارس ما هو أشد داخل مخيمات «تندوف».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.