"في لوحات سَعيدة الصّقلي سِحر اللَّون وجَماليَّةُ الفضاء ، لوحاتٌ تتميَّز بعفويَّتها وتِلقائيتها المعمقة للنظرة الجمالية إزاء مكوناتها المركبة بِلمَساتٍ رقيقةٍ ... لوحاتٌ لا يُمكن فصْلها عن محيط المبدعة ، فألوانها وإيحاءات مفرداتها تجد لها صلة ببيئتها الثرية بمعطيات حضارية وتراثية تنهل منها مكونات وجوه لوحاتها الجميلة ، لوحات تجسد الحلم ، كما تجسد تأملات وذوق الفنانة إزاء جمالية تركيب وتوليف الألوان و الأشكال البسيطة لتحولها إلى مظهر جمالي يبعث على الأنس والارتياح بعيدا عن المشهدية السوداوية الصادمة والمستفزة" 1 وإذا كانت لكل مبدعة سمة وأسلوب إبداعي يطَّرد في أعمالها فإن سعيدة الصقلي تعتمد في غالبية لوحاتها الاشتغال على تكرار نفس المفردة بشكل يضفي على فضاء اللوحة جمالية وإيقاعية فريدة . وهكذا تجد في أعمالها تكرارا لوجه ، أو شخص أو شجرة أو ما ترى في تكراره ملمحا جماليا يستطيع تحقيق جمالية محددة ...وبنفس المفردة أو الوحدة تعمل على إخراج ملامح فنية تعكس أحاسيسها واتجاهها الفني وميولاتها النفسية ، على أن الاشتغال على المفردة الواحدة يجب أن يؤَسس على نظرة إبداعية يتوفر فيها الإيقاع كما ينبغي التعامل الجمالي مع الفراغات ونسب المفردة على فضاء اللوحة حتى لا يسقط العمال المبني على التكرار فيما يشبه الزخرفة . إن المفردة باعتبارها العنصر البنائي الذي يكتسب حيويته وحركته وفاعليته الجمالية من خبرة الفنان و جهده في إعداد النسق البنائي الفني الذي يروم تجسيده ، نجدها العنصر المركزي في تشكيل أعمال سعيدة السقلي وفق تجربتها ومنظورها الإبداعي المثير. إنها تخلق مشاهد حية مفعمة بالحركة والحياة وهي تنتقل بك بين مفردات لوحاتها التي تصور جانبا من جوانب مخيالنا الماتح من حياتنا اليومية ... في لوحات سعيدة الصقلي أحيانا تجد هذا الازدحام للألوان لكن من غير تنافر ولا تناقض ، فهي تعمل على الربط الانسجامي بين هذا الشكل وذاك، وبين هذا اللون وذاك . وفي بعض أعمالها نجد اشتغالها على توزيع المفردات بتكرار يراعي إيقاعية التوزيع بشكل قريب من الملمح الهندسي لكن بصورة مرنة وأقل صرامة . في بعض أعمالها نجد المفردة بلونها وبمقاسها المختلف يعكس حركة الإنسان واحتفاليته وتواصله مع غيره ، وكل ذلك بشكل إبداعي بعيد عن المباشرة و المشهدية الاعتيادية. سعيدة تمتح جمالية أعمالها من تذوقها لخصوصيات تتعلق بمشاهد حياتها اليومية ، وبمشاهد المعمار والمؤثثات التراثية والحضارية المغربية . إن التأمل العميق في لوحات سعيدة الصقلي يجعلك تستحضر لوحات التشكيلية السعودية أم كلثوم العلوي التي تنهج نفس الأسلوب في التلوين وتكرار بعض المفردات وفي التعامل الذكي والفني مع الفراغات والوحدات المدرجة في اللوحة. فقرة مما كتبته عن سيدة الصقلي في كاتالوك الملتقى الدولي لقصبة الفنان ، شتنبر 2014م.