المنظمة الديمقراطية للشغل تعتبر التخفيض من ميزانية التجهيز للقطاعات الاجتماعية الحيوية مساس خطير بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطن...
في سابقة أخرى أكثر مساسا بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين وضربة قوية أخرى للمقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا، أقدم رئيس الحكومة على التخفيض من ميزانية الاستثمار لسنة 2013 ويهم هذا التخفيض ميزانية الاستثمار لكل القطاعات الوزارية بنسب تتراوح ما بين 25 و60 في المائة نالت منها القطاعات الاجتماعية حصة الأسد و خاصة قطاع الصحة الذي وصلت نسبة التخفيض من ميزانية الاستثمار المخصصة له برسم سنة 2013 ما يعادل 50 في المائة. ويعد هذا القرار الجديد،بعد الزيادة في أسعار المحروقات الشهير ومحاولة الإجهاز على صندوق المقاصة وفرض ضريبة جديدة على الطبقات المتوسطة، ضربة قوية أخرى للمقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا و ستكون له انعكاسات جد خطيرة على المقاولة الوطنية التي تعتمد و تنتعش من خلال الاستثمار العمومي وبالتالي سيرتفع حجم خسائرها وإفلاسها مما ستكون له دون شك انعكاسات مباشرة على سوق الشغل من تقليص لساعات العمل أو التخفيض من عدد الأجراء أو حتى التسريح الجماعي للعمال نتيجة إغلاق المؤسسات وإفلاسها و عدم قدرتها على المنافسة غير المتوازنة في ظل هيمنة الشركات الكبرى والمتعددة الجنسية التي تغزو بضائعها السوق الوطنية دون أدنى اعتراض وحواجز جمركية علما أن عددا كبيرا من المقاولات الوطنية هي مدينة اليوم للدولة منذ أكثر من سنة تنتظر مستحقاتها دون جدوى. وجدير بالذكر أن هدا القرار الحكومي الجديد يأتي على خلفية تداعيات الأزمة المالية الدولية على الاقتصاد الوطني ولما وصلت إليه بلادنا من عجز موازناتي ومالي مقلق علاوة على الوضعية العامة الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة والمنذرة بكل الاحتمالات والتي هي نتيجة للاختيارات النيوليبرالية المفرطة والقبول الأعمى لتوصيات البنك وصندوق النقد الدوليين. فكيف تفسر الحكومة إعدادها لمشروع ميزانية سنوية للبلاد وتقديمه أمام برلمان الأمة ،بعد جولات ماراطونية من النقاش والتعديلات ،ليصل إلى المصادقة تم نعود اليوم إلى نقطة الصفر لتتخذ الحكومة قرار التخفيض من ميزانية التجهيزّ؟ كيف لحكومة مسؤولة القيام بإعداد ميزانية سنوية على فرضيات مغلوطة لم تأخذ بعين الاعتبار التأثيرات المحتملة للأزمة المالية الدولية والتباهي بشعارات وخطب المناعة للاقتصاد الوطني؟ هل سيصمد خطاب الأمس للسيد رئيس الحكومة أمام جيراننا الإسبان حول مناعة اقتصادنا ونحن اليوم على شفة حفرة من الهاوية؟ أين هي ميدالية الإستحقاق التي حصل عليها وزيرنا في المالية؟ ثم هل نحن أمام قانون مالي تعديلي وبالتالي كيف يمكن للحكومة اتخاد قرار من هذا الحجم متعلق بتخفيض ميزانية صوت عليها البرلمان دون الرجوع إلى المؤسسة التشريعية وفق الفصل 75 من الدستور والقانون التنظيمي للمالية ؟ ومن جانب آخر،ففي الوقت الذي يطالب فيه المجتمع المدني وخاصة الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة برفع ميزانية وزارة الصحة الى 10 في المائة من إجمالي ميزانية الدولة بما يتناسب مع المعايير الدولية وما تخصصه عدة دول ذات نفس المستوى الاقتصادي لهذا القطاع الاجتماعي و كما حددتها المنظمة العالمية للصحة، اختار رئيس الحكومة التقليص من ميزانية التجهيز لقطاع الصحة بنسبة تعادل 50 في المائة وبالتالي يكون قد وضع بين قوسين كل المشاريع الأساسية الكبرى بقطاع الصحة التي تم تقديم أهمها أمام ملك البلاد ويتعلق الأمر بنظام المساعدة الطبية لذوي الدخل المحدود الذي لازال يعرف تعثرات كبيرة وبرنامج المستعجلات وإحداث كليات الطب بكل من طنجة وأكادير فضلا عن برنامج التقليص من وفيات الأمهات الحوامل والأطفال دون سن الخامسة ونحن على بعد سنتين فقط من نهاية مخطط الألفية للتنمية. لقد سبق للمنظمة الديمقراطية للصحة وللشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة أن نبهتا إلى خطورة نفاذ الأدوية داخل المستشفيات العمومية أكدتها كل التقارير وفرض شراء أدوية على حاملي بطاقة الراميد وضمنهم عشرات الآلاف من مرضى السكري حيث تعاني كل المستشفيات العمومية والمراكز الصحية اليوم بالمغرب من خصاص كبير في الأدوية والمستلزمات الطبية والأمصال و اللقاحات، بل أخطر ما في الأمر أن وزارة الصحة ومستشفياتها لم تتوصل بعد بالغلاف المالي المرصود من طرف الحكومة لشراء الأدوية في إطار صندوق التماسك الاجتماعي وهو ما سيجعل الطبقات المتوسطة،المساهمة من أجورها لمساعدة الفقراء والمعوزين، تتير تساؤلات حول مصيرها اليوم . إننا في المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل نعتبر أن أي تخفيض لميزانية التجهيز،وبخاصة في القطاعات الاجتماعية الحيوية كالتعليم والصحة والسكن والماء الصالح للشرب والكهرباء والشغل وكل القطاعات التي تمس الجوانب الاجتماعية للمواطنين بشكل مباشر، ستكون له انعكاسات سلبية كبيرة على أوضاعهم المعيشية والصحية والتعليمية وعلى حقهم في الشغل الكريم واللائق وبالتالي فهو مرفوض وعلى الحكومة تحمل مسؤولية تبعاته.