حضورية الانترنيت بالمجتمع المغربي أصبحت من بين أهم الظواهر الإجتماعية المعاصرة التي خلفت تأثيرا واضحا وتحولا ملموسا على المجتمع بصفة عامة، وفئة الأطفال والشباب بصفة خاصة، ولعل من بين أهم التحولات التي عرفها المجتمع المغربي بفعل ظاهرة الأنترنيت الإنتقال من "الواقعي" إلى "الإفتراضي"، فكيف إذن تم هذا الإنتقال، وأين تتجلى التمظهرات الإنتقالية التي عرفها المجتمع المغربي؟ محمد المستاري طالب باحث في علم الإجتماع لاشك في أن حضورية الانترنيت بالمجتمع المغربي أصبحت من بين أهم الظواهر الإجتماعية المعاصرة التي خلفت تأثيرا واضحا وتحولا ملموسا على المجتمع بصفة عامة، وفئة الأطفال والشباب بصفة خاصة، ولعل من بين أهم التحولات التي عرفها المجتمع المغربي بفعل ظاهرة الأنترنيت الإنتقال من "الواقعي" إلى "الإفتراضي"، فكيف إذن تم هذا الإنتقال، وأين تتجلى التمظهرات الإنتقالية التي عرفها المجتمع المغربي؟ بدءاً، لانشكك في أن الأنترنيت سيف ذو حدين له إيجابيات بقدر ماله من سلبيات، لكن مايهم ما موقعة المجتمع المغربي من إيجابياته؟ إن الحديث عن حضورية الأنترنيت في المجتمع المغربي، هو حديت عن ظاهرة إجتماعية عويصة أدت بذلك النظام الإجتماعي المعقول والمتوازن والأخلاقي نحو الإخلال والعطب والجمود الفكري. بحيث في الوقت الذي كانت فيه العلاقات الإجتماعية المغربية مبنية على الواقعي المتمثل مثلا في زواج فلان بن فلان بفلانة بنت فلان الذي هو من جيرانها أو من نسبها أو إبن وطنها (كمال أو إدريس مثلاً) أصبحت العلاقات إفتراضية في الإبحار داخل النيت بحثا عن جورج أو ريكريكو. وهذا الأمر غير خفي، ففي جميع السيبيرات كثير من الفتيات إبتداءً من اللواتي لم يكملن بعد ربيعهن الأول منغمسات في العوالم الإفتراضية، حيث هناك الخليجي والفرنسي والإسباني.. حتى ولو كان عجوزا فالمهم هو خلاصه لهن من عتبات الفقر، بدلا من المغربي الذي لايحمل معه سوى الفقر والمرارة (على حد تعبير مجموعة من الفتيات في جواب عن سؤال لماذا الشات مع الأجنبي؟) إنه فقدان التوازن في المجتمع المغربي حقا، بفعل الأنترنيت الذي لم تسلم منه حتى عقول الأطفال الصغار، فكثير من الفتيان والفتيات في نوادي الأنترنيت لا يزالون في سن عشر سنوات ومنهم من لم يكملها بعد، عيونهم متسمرة في الإطلاع على ثقافة العري، غاب عنهم الحياء والحشمة، وأصحاب نوادي الانترنيت لا يراقبون وغير مهتمين... ففي دراسة ميدانية تعدت شهرين من البحث، معتمدة على المنهج السوسيوأنثروبولوجي مستخدمة الأسلوب الوصفي التحليلي (كميا وكيفا) في دراسة أبعاد ظاهرة حضورية الأنترنيت في المجتمع المغربي، ومدى تأثيره على الحياة الإجتماعية لفئة الأطفال والشباب في عينة بحث غطت أزيد من 170مبحوث: إناثا وذكورا، في مجموعة من السبيرات معتمدة على مصادر بيانات مراقبي نوادي الأنترنيت والمستخدمين للأنترنيت، بأدوات وطرق بحث تنوعت بين الملاحظة المباشرة والمقابلات المفتوحة وطريقة أداة الإستبيان حيث تم تصميمها بخمسة محاور كانت كتالي:المحور الأول: إتصل بالبيانات الأساسية، والمحور الثاني: تعلق بأنماط إستخدام الأنترنيت، والمحور الثالث: تعلق بمبررات إستخدامهم له، والمحور الرابع: إتصل بالتأثيرات الإجتماعية والثقافية للأنترنيت، والمحور الأخير: تعلق بتأثيرات الأنترنيت على القواعد الإجتماعية والثقافية. إضافة إلى الإستعانة بكثير من المراقبين لنوادي الأنترنيت بتوزيعهم لعدد من الإستمارات وجمعها... فكانت النتائج النهائية والإحصائية في البحث بينت على أن %23,33 من أصل 170 يدخلون إلى الأنترنيت بغير مبررات من أجل هدر الوقت وضياعه في الشاط، و %23,76يدخلون إلا من أجل تحميل جديد الأغاني والفيديوات وأي شئ من هذا القبيل، و%1,29 في مشاهدة المواقع الإلكترونية التي تعرض الجنس والعري بين أعمار مختلفة، وبين العنصرين الذكوري والأنثوي، و%5,62 غير مصنفة (البحث عن مواقع كرة القدم، البحث في الفيس بوك والياهو، اللعب، تحميل لجيسيالات في الهواتف النقالة، وغير ذلك...) بينما فقط نسبة %6 التي تبحث عن مواضيع الدراسة وتحميل الكتب والعروض..علما بأن أكثر من %65 من عينة البحث يدرسون والباقي منهم أكثر من% 23 يتوفرون على مستوى تعليمي إعدادي أو ثانوي. وبشكل عام، توصلت الدراسة إلى نقطتين هامتين: على مستوى إستعمال الأنترنيت: توصلت الدراسة إلى سيادة إستخدام الأطفال والشباب للأنترنيت، ومتابعة كل جديد المواقع الإلكترونية، كما إتضح أن الأنترنيت في المجتمع المغربي قد أدى إلى تغيير نمط التفاعل والتواصل الإجتماعي بين الأفراد، عن طريق الإدمان عليه، والتواصل عن طريق الشاط.. أما على مستوى التأثيرات الإجتماعية، فكشفت الدراسة عن وجود تأثيرات إجتماعية وثقافية أغلبها سلبية كإعادة صياغة العلاقات الأسرية والمعايير الضابطة للسلوك الإجتماعي بين أفراد الأسرة..وزيادة درجة الإغتراب الإجتماعي لدى الشباب وإنعزاله عن سياقه الإجتماعي العام، وشيوع أنماط جديدة من الإنحرافات والسلوكات الشادة التي تخرج عن قواعد الذوق العام وتلويث سمعة الآخرين من الزملاء، وعرض صور الفتيات في الياهو واليوتوب بشكل لا أخلاقي ...، بمعنى أن حضورية الأنترنيت في المجتمع المغربي فقط إستهلاكية تركت تأثيرات سلبية أكثر منها إيجابية ولم تسلم منها فئة الشباب ولافئة الأطفال، الشئ الذي يلزم إعادة تشكيل ثقافة إيجابية فيما يتصل بترشيد وتوجيه إستعمال الأنترنيت وإستغلاله الإستغلال الأمثل، لأنه أصبح ضرورة أساسية يجب الإستفادة منه والإحتياط والحدر من تأثيراته السلبية...