أعيش منذ بضعة أسابيع حالة من الرعب، لأني بكل بساطة "أخاف على عقيدتي من الزعزعة". أخاف أن تهب نسمة ريح تزعزع عقيدتي. أن تغرب الشمس في أحد الأيام وأن تشرق في صباح الغد لتجد عقيدتي قد تزعزت من مكانها. يبدو لي أن عقيدة المسلمين شديدة الهشاشة، معرضة للزعزعة لأتفه الأسباب.المغني إلتون جون سيزعزع عقيدة المسلمين. الأفلام الأمريكية عقيدة المسلمين. الأفلام الأمريكية ستزعزع عقيدة المسلمين. شاكيرا ستزعزع عقيدة المسلمين. المسلسلات التركية ستزعزع عقيدة المسلمين. كتابات محمد زفزاف ستزعزع عقيدة المسلمين. حين سمعت منذ بضعة أشهر خبر طرد مجموعة من الأجانب بتهمة الدعوة إلى المسيحية وزعزعة عقيدة المسلمين، ضحكت بمرارة شديدة.الأخبار الرسمية تتحدث عن "ارتكاب عمل مخالف للقانون". هذه سابقة ذكية تُحسب لمتخذي هذا القرار الأخرق. الدعوة للمسيحية هو فعلا عمل يعاقب عليه القانون المغربي، والقانون فوق الجميع. لكن القانون ليس قرآنا منزلا. القانون شيء خاضع للتطور وعليه اليوم أن يقبل بالحق في الاختلاف وبأن الدين والإيمان والقناعات أمر شخصي لا يمكن أن يعاقب عليه القانون. كيف نزغرد يوميا لدخول أجانب إلى الإسلام في المغرب وفي الخارج، ونرفض العكس بين ظهرانينا؟ لدي قراءة بسيطة جدا للموضوع: إذا زعزع شخص ما عقيدة مؤمن ما (كيفما كانت هذه العقيدة)، فالأمر لا يعني أن الأول مجرم، بل أن عقيدة الثاني هشة ضعيفة، أو أنه وجد في العقيدة الجديدة أجوبة لم يجدها في العقيدة القديمة. هذا هو صلب الموضوع. العقل يقتضي أن نقوّي القناعات ونعطي أسبابا وعوامل حقيقة للإيمان عن اقتناع، وبشكل يجعل المسلمين من المغاربة لا يتركون دينهم، وذلك عن اقتناع وإيمان حقيقيين.بدل ذلك، فنحن نطرد ما نعتبره خطرا. نتعامل بمكيالين: حين يدخل شخص ما الإسلام، لا نعتبر أن مسلما ما زعزع عقيدته، بل أنه عرف الطريق الصحيح؛ وحين يحاول مسيحي إقناع مغاربة بعقيدته، نعتبره يزعزع عقيدتنا. حين تقرر سويسرا، باستفتاء شعبي ديمقراطي، أن تمنع بناء الصوامع -وليس أداء تعاليم الإسلام-، ترتفع الأصوات احتجاجا ضد "الاضطهاد الذي يعاني منه الإسلام في الغرب". أنا لا أريد بهذا أن أشجع أحدا على ترك الإسلام والتوجه لدين آخر (وإلا فسيتم طردي من المغرب بتهمة زعزعة عقيدة المسلمين)، لكني أؤمن بحرية الاعتقاد وأعتقد بأن القانون لا يمكن أن يتدخل في قناعات الأفراد ولا أن يفرض عليهم دينا معينا. من المؤكد أن الكثير من المغاربة غيروا قناعاتهم الأولى، لكنهم لا يعلنون عن ذلك لأنهم بذلك سيكونون خارجين عن القانون (نفس القانون الذي يستقبل كل الوافدين إلى الإسلام من ديانات أخرى). لا أفهم مثلا أن يفرض القانون على أجنبي أن يصبح مسلما لكي يتزوج من مغربية، مما يضطر الكثيرين منهم إلى الإسلام إداريا فقط (علما أن الرجال المسلمين يتزوجون من أجنبيات دون إجبارية إسلامهن، وهذا موضوع آخر). إلى متى سنستمر في هذا النفاق الاجتماعي الذي يجعلنا نعتبر بأننا نملك الحقيقة القصوى؟ إلى متى سنتعامل بمكيالين و"سنزعزع" قناعات كل الآخرين، في حين نطردهم كلما قاموا بالمثل؟ إلى متى سنمارس الغباء تلو الغباء، لندفن كل يوم عقولنا بين أحجار ترفض أو تخاف مراجعة نفسها؟ أنصحكم بعدم البحث عن أجوبة، لئلا يتهمكم أحد بزعزعة عقيدة مسلم.