تعتبر تجربة حراس الأمن الخواص من التجارب الرائدة على المستوى الوطني أدت إلى تأسيس الكثير من الشركات التي تضطلع بمهمة توفير الأمن والنظام في الكثير من المؤسسات البنكية والإستشفائية، بل أصبحت المؤسسات التعليمية ومن خلال الأكاديميات تربطها عقود لممارسة الدور الأمني بالمدارس والثانويات. ولم تشذ مدينة وجدة عن هذه التجربة وأصبحنا نرى هؤلاء الحراس الخواص بزي معين داخل الكثير من المؤسسات العمومية والخاصة، لكن هذه التجربة بمدينة الألف سنة أصبحت تثير الكثير من المخاوف وتدفع احتجاج مجموعة كبيرة من المواطنين. ولتقريب القارئ من هذه المخاوف نشد الرحال إلى مستشفى الفارابي، حيث وضعت شركة مجموعة من حراس الأمن الخواص غير أن المعاينة لوظيفة هؤلاء الحراس تبين أنهم لم يخضعوا لأي تدريب، كما أنهم يجهلون القانون مما دفعهم إلى التمادي على حقوق الغير واكتساب نفوذ خارج كل القوانين المعمول بها، حيث يقف الحارس الخاص على بوابة المستشفى أو المستعجلات فارضا سلطته على المواطنين دون مبرر لذلك فهو الآمر والناهي، وفي كثير من الأحيان يدخل في مشاداة كلامية قد تصل أحيانا إلى ممارسة العنف ضد المواطنين، وهذا ما حدث يوم الأربعاء أثناء الزيارة، بل تصل ممارسة العنف حتى على طاقم المستشفى، وهذا ما وقع حيث اعتدى حارسا الشركة على ممرض وأودعوه ضربا بباب قسم المستعجلات أمام مرأى الحارسة العامة. لكن الأخطر في الأمر، أن الحراس الخواص المرابطون بأبواب المستعجلات أصبحوا يمارسون سلطة ونفوذا يفوق من نفوذ الأطباء بل نفوذ رجال الشرطة، وبقي المواطنون يواجهون مصيرهم المحتوم خاصة وأن البعض منهم اشتكى من الابتزاز وطلب الرشوة لولوج مستشفى الفارابي، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه فإن هؤلاء الحراس الذين يتم انتقاؤهم بطريقة عشوائية لا يتجاوز في أغلب الأحيان مستواهم الدراسي التاسعة إعدادي سيسطرون كليا على المستشفى فتضيع مصالح المواطنين. بل قد نتصور في المستقبل القريب مريضا على أبواب الموت لا يدخل المستشفى إلا إذا أدى إتاوة أي "رشوة". من هنا ينتظر من الإدارة الجديدة أن تعمل جديا لتطبيق شعاراتها وأهدافها التي تسعى إلى تصحيح أخطاء المسيرين السابقين وتحقيق تواصل جدي ومسؤول مع المواطنين، لكن إلى أي حد ستتمكن هذه الإدارة من تحقيق التواصل الإيجابي في ظل هيمنة حراس لا يفقهون في التواصل أي شيء؟