انقلبت حياة عدد مهم من عائلات المعتقلين الإسلاميين في المغرب، الذين أدينوا على خلفية اعتداءات 16 أيار (مايو) الإرهابية سنة 2003، أو في ملفات تتعلق بتجنيد شباب قصد إرسالهم إلى بؤر التوتر في العراق وأفغانستان والصومال، رأسًا على عقب، بعد عدم تمكن الزوجة من التأقلم مع الوضع الجديد، الذي فرضه غياب رب الأسرة. فيما اختارت بعض زوجات الاسلاميين المحكومين لفترات طويلة البحث عن مختلف الوسائل لإعالة الأسرة والحيلولة دون سلك أبنائهن مسارات منحرفة، قررت أخريات تغيير نمط حياتهن، بعد تطليق “الزوج المعتقل”، وخلع الحجاب. وهنا نستحضر حالة زوجة أحد المعتقلين، التي توجهت إلى بلجيكا قصد إجراء عملية جراحية على عينها، قبل أن تقرر البقاء هناك، بعد إرسال طلب الطلاق من الزوج عبر المحكمة، والاقتران برجل آخر في الديار الأوروبية، عقب خلع الحجاب. وليست هذه هي الحالة الوحيدة الواردة في هذا الصدد، إذ إن بعض الزوجات لم يتحملن الظروف القاسية، التي فرضت عليهن بعد حبس المعيل، فاخترن تغيير حياتهن بشكل كامل، وامتهان نشاطات مختلفة. أما بعض المعتقلين، الذين غادروا أسوار السجن، عقب إنهاء عقوبتهم الحبسية، فقاموا بنزع ثوب “الالتزام” وارتدوا ثوب “الانحراف”، واتباع مسارات غير متوقعة، وهو ما حدث مع بعض أبنائهم أيضًا. وفي هذا الإطار، قال عبد الرحيم مهتاد، رئيس جمعية النصير لمساندة المعتقلين الإسلاميين، إنه، منذ انطلاق حملة الاعتقالات والمحاكمات، بدأت مآسي الزوجات والأبناء تكبر. مشيرًا إلى أن هناك من بين الزوجات اللواتي وجدن أنفسهن بين عشية وضحاها يعانين الأمرين ما بين فقدان رب الأسرة، ومواجهة متاعب الحياة اليومية، وأداء مصاريف الكراء والدواء والطعام، من اخترن الصبر والتمسك بالزوج والأبناء، في حين فضلت أخريات “الانفصال والابتعاد بعدما أغلقت في وجوههن أبواب الأمل، واقتحمن أبواب الشغل أو عملن على تدبير حياتهن بالشكل الذي يرضيهن”. من جهته، قال علي الشعباني، باحث في علم الاجتماع، إن “التحول في الاتجاه السلبي يمكن أن يحدث بسبب غياب معيل العائلة، الذي يؤدي عدم وجوده إلى وقوع اضطرابات كثيرة داخل الأسرة، إلى جانب الوضعية النفسية والاجتماعية التي تصبح عليها الزوجة”. وأضاف الباحث في علم الاجتماع: “مراجعة أو التخلي تمامًا عما كان يؤمن به الآباء قد لا يكون عند الجميع، بل لدى مجموعة فقط”، موضحًا أن “العائلة تعيش اضطرابات كثيرة ما بين البيت، والسجن، والمحاكم”. وذكر أن “حياة عائلات هؤلاء المعتقلين تتمحور حول هذه القضايا الثلاث، ولا يمكن نهائياً أن نجد زوجات المعتقلين يتابعن حياتهن بشكل عادي”. ووجد عدد من المعتقلين صعوبة في التأقلم داخل المجتمع، بعد مغادرتهم أسوار السجن، خاصة أولئك الذين انقلبت حياة أسرهم الصغيرة رأسًا على عقب، بعد عدم تمكن الزوجة من تحمل الظروف القاسية التي فرضها غياب المعيل.