رضوان الشقوري : من آسفي إلى غوانتانامو .. مرورا بسوريا و تركيا و إيران .. وصولا إلى أفغانستان و باكستان ، و معها السجون و المعتقلات و التعذيب .. و نهاية عند أقوى جيش في العالم.. في هذا الحوار المطول الذي أجراه الزميل محمد دهنون مع رضوان الشقوري واحد ممن قادتهم الاقدار الى السجن الشهير غوانتانامو..نجد غوصا عميقا ودقيقا في تجربة مغربي احتجزه الجيش الامريكي هناك في الجزيرة الكوبية ..كما سنطلع على أدق تفاصيل تلك التجربة التي توزعت بين سجون اسيوية ومعتقلات أمريكية ..في هذا الحوار القريب الى "جنس" المذكرات يتكلم الشقوري بلا تحفظ هو الذي عود العين الاسفية المحلية على وقوفه صامتا أمام ولاية اسفي في السنين الاخيرة .. نعيد نشر هذه الحلقات باتفاق مع جريدة "الاتحاد الاشتراكي "..قراءة ممتعة ( 1 ) قصة رحلة "جحيمية" لمغربي بين سجون أفغانستان و "غوانتانامو". جالسه: محمد دهنون غوانتانامو .. !!.. لم يكن أحد يعرف هاته الكلمة من قبل و لو على سبيل التهجي.. حتى سمع العالم بجزيرة تضم سجنا أمريكيا بهذا الإسم . حدث هذا مباشرة بعد الأحداث المفصلية و "التاريخية" التي ستحدد و ترسم خرائط العالم و الشرق بالخصوص في راهننا العربي الذي يميزه ما يسمى بالربيع و الحراك..حيث الثورات بلا قيادات و لا زعامات ..؟؟؟ تلك الاحداث التي ابتدأت بإسقاط أو نسف مركز التجارة العالمي بحي مانهاتن الأمريكي الشهير .. و لم تنته بعد .. فما يزال ذلك "العقل" يبدع .. و إبداعاته لا تتجاوز حدود المنطقة العربية.. ما علينا... مباشرة بعد الحرب على أفغانستان و دك "دولة طالبان".. و اعتقال العديد، بل المئات و الآلاف ممن يحملون سحنة عربية، بدأت تتسرب أحاديث جانبية و أخبار متناثرة هنا و هناك تقول بوجود معتقل أمريكي سري خارج الضوابط القانونية و غير خاضع للمراقبة. ذاك كان كله مجرد ثكنة عسكرية أمريكية أطلقت أوصالها على جزء من الأراضي الكوبية القديمة، كما يقول التاريخ.. الذي تضيف بعض وثائقه.. أن غوانتانامو يحوزها الأمريكيون بناء على عقد إيجار مفتوح بمبلغ لا يتجاوز الأربعة آلاف دولار سنويا .. و ترفض كوبا لحدود اليوم صرف تلك الشيكات المحولة من الخزينة الأمريكية .. هذا ما يقوله التاريخ .. لكن ماذا عن المعتقلين و المحتجزين الذين زاروا هذا السجن الكبير بعد أحداث 11 شتنبر .. ماذا كان يقع هناك..؟ .. كيف كانت الحياة عند عرب من جنسيات مختلفة.. كل تهمتهم، هي الإرهاب و الانتماء إلى تنظيم القاعدة.. المغاربة كان لهم "حظهم" أيضا من زيارة غوانتانامو .. ذات السياق اخترناه للنبش في حقيقة ما كان يقع هناك ، عبر مجالسة و محاورة رضوان الشقوري الذي قاده حظه العاثر إلى هذا المعتقل الأمريكي التي نعتته صحيفة نيويورك تايمز ذات كتابة ب "العار القومي" .. في هذا الحوار المطول الذي خصنا به الشقوري.. سيجد و يطلع القراء على حقائق و معطيات و أحداث بعين مغربية لاقطة عاشت ذلك عن كثب..بعيدا عن وثائق ويكيلكس و صحافة "الخابيات" ... هنا يحكي الشقوري كل شيء .. هذا الرجل الهادئ الصموت الخلوق .. من آسفي إلى غوانتانامو .. مرورا بسوريا و تركيا و إيران .. وصولا إلى أفغانستان و باكستان ، و معها السجون و المعتقلات و التعذيب .. و نهاية عند أقوى جيش في العالم.. آسفي .. العائلة .. سوق العفاريت .. أهلا بأحد المغاربة الذي كان "ضيفا" رسميا في غوانتانامو .. بطبيعة الحال لابد أن يتعرف القراء على رضوان الشقوري ..؟ كباقي الشباب المغربي الذي عاش بشكل بسيط لا يحلم بالمستحيل، و لكن ينتظر الإنصاف و الإدماج عبر توفير مورد رزق ، فتحت عيني على مرحلة التجادبات السياسية التي عرفها مغرب نهاية السبعينيات و كامل الثمانينيات .. و ما عرفته من سياسات التقشف التي انتهجتها الدولة .. في هذه الفترة بالذات ، كنت كباقي أقراني أتابع دراستي في إعدادية بن الخطيب، نلهو ، نلعب ، نمارس شغب المراهقة و الطفولة المنفلتة من عقال النفس .. - أين قضيت طفولتك ..؟ في المدينةالجديدةبآسفي .. حي البلاطو حاليا .. الباطيمات ديال الضومين ، كنت آخر العنقود من بين تسعة إخوة و خمس أخوات .. نعيش كما الناس ، جيراننا كانوا موظفين بسطاء ما تزال علاقتنا مستمرة معهم إلى اليوم ، في جو حميمي .. و إلى الآن لم يتغير شيء في الحومة .. المهم أن حياتنا في آسفي .. كانت جد عادية ، نسلخ أيامنا كباقي الأتراب في مطاردة القطط و اصطياد الطيور و ملاحقة آخر مستجدات سينما أطلس (عكيرة) .. كاراطي و هندي .. كانت أياما جميلة عندما أتذكرها .. ينز قلبي . - كنتم تقطنون في "العمارة المستعجلة" .. بلغني أنك كنت عداء ماهرا في 1500 متر و 5000 ..؟ إيييه ... عرفنا ملعب الجريفات الذي أقيمت عليه اليوم متاجر أسيما .. فيه فتحنا أعيننا على أولى الدروس في ألعاب القوى مع المدرب السحمودي ، حسن الكراعي و بنيوك و البولامي .. عدونا في حلبات المغرب ، منير الدكالي و ملعب العوفير .. و لم يكتب لنا الاستمرار .. رغم أن فريقنا أي أولمبيك آسفي كان يعيش فترة ذهبية نتيجة وجيلا . - هل كنت في طفولتك و في أيام الحياة الأولى من عمر الإنسان التي تستدعي ممارسة كل الفضائح و ترويض الشغب على إيقاع الصخب .. كنت في طفولتك تتفرج على الرسوم المتحركة .. ؟ وايلي .. كنت أعشق طوم سايير .. غراندايزر ، جزيرة الكنز .. الليث الأبيض ، كم استمتعنا بالهروب من كل شيء .. من أجل أن نكون بعد السادسة أمام تلفاز بالأبيض و الأسود .. نلاحق قصة ريمي أو زورو .. - قبل مجالستك .. قرأت أنكم مجرد عائلة متزمتة ، غارقة في الإسلام الراديكالي .. و لها مواقف ضد كل ما يرمز إلى الحداثة ؟ لا يا سيدي .. حاشا لله .. لم تكن عائلتنا و لا أبي و لا أمي و إخواني و أخواتي .. بالمتزمتين و لا المنغلقين .. الشقاقرة عائلة معروفة في آسفي و لها تفرعات ، نصوم و نصلي كباقي الناس ، لم أذكر يوما أن أبي أو من يكبروني سنا من إخواني ، فرضوا علينا الصلاة أو ألزمونا بتدين مبكر . - إذن انقطعت عن الدراسة .. بدأت رياح التجارة و التمرد على القسم و الانضباط.. التحقت بالسوق ..؟ سوق "العفاريت" كان بداية العلاقة مع عوالم التجارة.. كان ما يزال يستقبل المتلاشيات و فيراي الطاليان .. في الحقيقة "أكلنا الخبز" مع الناس و مع مغاربة طيبين و أقحاح .. سنوات و أنا على هذه الحال.. نبيع و نشتري .. لكن المكان الوحيد الذي لم أطرق بابه أو أجرب رزقه، هو المرسى.. لم أدخل يوما للميناء و لا اشتريت سردينا أو حوتا و لا تاجرت في خيرات بحرنا جملة أو تقسيطا.. بالمطلق .. لقد سلخت إثنا عشرة سنة في شارع الرباط و سيدي بوالذهب و الجوطية .. إلى أن بدأت أهفو إلى السفر للخارج.. نافذة .. نسلخ أيامنا كباقي الأتراب في مطاردة القطط و اصطياد الطيور و ملاحقة آخر مستجدات سينما أطلس (عكيرة) .. كاراطي و هندي .. كانت أياما جميلة عندما أتذكرها