أهلا بأحد المغاربة الذي كان «ضيفا» رسميا في غوانتانامو .. بطبيعة الحال لابد أن يتعرف القراء على رضوان الشقوري ..؟ كباقي الشباب المغربي الذي عاش بشكل بسيط لا يحلم بالمستحيل، و لكن ينتظر الإنصاف و الإدماج عبر توفير مورد رزق ، فتحت عيني على مرحلة التجادبات السياسية التي عرفها مغرب نهاية السبعينيات وكامل الثمانينيات .. وما عرفته من سياسات التقشف التي انتهجتها الدولة .. في هذه الفترة بالذات ، كنت كباقي أقراني أتابع دراستي في إعدادية بن الخطيب، نلهو، نلعب، نمارس شغب المراهقة والطفولة المنفلتة من عقال النفس .. - أين قضيت طفولتك ..؟ - في المدينةالجديدةبآسفي .. حي البلاطو حاليا .. الباطيمات ديال الضومين ، كنت آخر العنقود من بين تسعة إخوة و خمس أخوات .. نعيش كما الناس ، جيراننا كانوا موظفين بسطاء ما تزال علاقتنا مستمرة معهم إلى اليوم ، في جو حميمي .. و إلى الآن لم يتغير شيء في الحومة .. المهم أن حياتنا في آسفي .. كانت جد عادية ، نسلخ أيامنا كباقي الأتراب في مطاردة القطط و اصطياد الطيور و ملاحقة آخر مستجدات سينما أطلس (عكيرة) .. كاراطي و هندي .. كانت أياما جميلة عندما أتذكرها .. ينز قلبي . - كنتم تقطنون في «العمارة المستعجلة» .. بلغني أنك كنت عداء ماهرا في 1500 متر و 5000 ..؟ - إيييه ... عرفنا ملعب الجريفات الذي أقيمت عليه اليوم متاجر أسيما .. فيه فتحنا أعيننا على أولى الدروس في ألعاب القوى مع المدرب السحمودي ، حسن الكراعي و بنيوك و البولامي .. عدونا في حلبات المغرب ، منير الدكالي و ملعب العوفير .. و لم يكتب لنا الاستمرار .. رغم أن فريقنا أي أولمبيك آسفي كان يعيش فترة ذهبية نتيجة وجيلا . - هل كنت في طفولتك و في أيام الحياة الأولى من عمر الإنسان التي تستدعي ممارسة كل الفضائح و ترويض الشغب على إيقاع الصخب .. كنت في طفولتك تتفرج على الرسوم المتحركة .. ؟ - وايلي .. كنت أعشق طوم سايير .. غراندايزر ، جزيرة الكنز .. الليث الأبيض ، كم استمتعنا بالهروب من كل شيء .. من أجل أن نكون بعد السادسة أمام تلفاز بالأبيض و الأسود .. نلاحق قصة ريمي أو زورو .. - قبل مجالستك .. قرأت أنكم مجرد عائلة متزمتة ، غارقة في الإسلام الراديكالي .. و لها مواقف ضد كل ما يرمز إلى الحداثة ؟ - لا يا سيدي .. حاشا لله .. لم تكن عائلتنا و لا أبي و لا أمي و إخواني و أخواتي .. بالمتزمتين و لا المنغلقين .. الشقاقرة عائلة معروفة في آسفي و لها تفرعات ، نصوم و نصلي كباقي الناس ، لم أذكر يوما أن أبي أو من يكبروني سنا من إخواني ، فرضوا علينا الصلاة أو ألزمونا بتدين مبكر . -إذن انقطعت عن الدراسة .. بدأت رياح التجارة و التمرد على القسم و الانضباط.. التحقت بالسوق ..؟ - سوق «العفاريت» كان بداية العلاقة مع عوالم التجارة.. كان ما يزال يستقبل المتلاشيات و فيراي الطاليان .. في الحقيقة «أكلنا الخبز» مع الناس و مع مغاربة طيبين و أقحاح .. سنوات و أنا على هذه الحال.. نبيع و نشتري .. لكن المكان الوحيد الذي لم أطرق بابه أو أجرب رزقه، هو المرسى.. لم أدخل يوما للميناء و لا اشتريت سردينا أو حوتا و لا تاجرت في خيرات بحرنا جملة أو تقسيطا.. بالمطلق .. لقد سلخت إثنا عشرة سنة في شارع الرباط و سيدي بوالذهب و الجوطية .. إلى أن بدأت أهفو إلى السفر للخارج..