"لايسأل الذاهبون إلى العمر عن عمرهم ** يسألون عن الأرض:هل نهضت !** طفلتي الأرض **" "محمود درويش" كتب د.عبد الله إكرامن-باحث في علوم التربية والديداكتيك- على سبيل التقديم:الأرض/الإنسان نعرف جميعا أن كل أشكال الحنين والنوسطالجيا تستند عند الإنسان على مصادر وأسس فلسفية روحية،الحنين ترجمة عملية لعمق نظرية فكرية فلسفية..ترجمة لعمق روحي..حنين الإنسان للأرض وعلاقته بها، يصل حد امتزاج الذات بالأرض..من أجمل ما يلخص هذه العلاقة الحميمية الإنسان/الأرض ما كتبه درويش، عن امتزاج يصل حد الحلول الصوفي:لن تمروا**أنا الأرض في جسد**لن تمروا**أنا الأرض في صحوها**لن تمروا**أنا الأرض يا أيها العابرون على الأرض في صحوها ** لن تمروا**لن تمرو. ذكرى اليوم العالمي للأرض/يوم الأرض الفلسطيني : الاحتفال باليوم العالمي للأرض ،كما مختلف الأيام العالمية،أغلبها رُسم من طرف منظمة الأممالمتحدة،أو مقترحة من طرف منظمات غير حكومية أو جمعيات بغاية إثارة الانتباه لقضايا عالمية مصيرية.ويعتبر يوم الأرض المرسم من طرف الأممالمتحدة سنة 1971،والذي تُحيا ذكراه كل يومي 20 و 21 من شهر مارس من كل سنة(احتفل به أول مرة يوم 22 أبريل 1970)،من بين أيام الذكرى التي فُرض إحياؤُها...ذكرى يوم الأرض الفلسطيني واليوم العالمي للأرض،يجمعهما قاسم مشترك واحد:استشعار خطر يهدد الأرض مقر استقرار الإنسان...الخطر الصهيوني على أرض فلسطين،بما يمثله من استحواذ وتهويد، والرغبة في طمس كل معالم الحضارة الفلسطينية العربية الإسلامية،بل والرغبة في الإبادة، ،والخطر البشري على الكرة الأرضية بما اقترفه الإنسان من جرائم في حق السلامة الأيكلويجية للكرة الأرضية أصبحت تهدد الكائن البشري ،بل تهدد كل ما يسهم في استمرار الحياة على وجه الأرض. مرت أربعون سنة على اليوم الذي كانت فيه للسيناتور الأمريكي Gaylord Nelson فكرة تشجيع طلبة لإنجاز مشاريع للتحسيس بالقضايا البيئية داخل جماعاتهم،بناء على كون الجميع أصبح مقتنعا بالأخطار المهددة للبيئة...هي أخطار –المقال هذا غير معني بسردها،وهي معروفة- يرى الكثيرون أنها تهدد وجود الكيان البشري نفسه،بل وكل الكائنات الحية التي تخول أصلا وجود حياة على كوكبنا يوم الأرض الفلسطيني:الدلالة والأبعاد يحل يوم الثلاثون من مارس كل سنة، وتحل معه ذكرى...ذكرى يوم يتم الاحتفال بها أساسا كي نبقى مرتبطين بأرض...بقضية...كي لا ننسى..أرض وقضية الأكيد أن الكثيرين سيستغربون،كيف يمكن أن ننسى أرضا وقضية،هي كل يوم وكل حين، موضوع حديث مختلف وسائل للإعلام،هي في كل يوم وحين حديث السياسة والسياسيين ،هي كل يوم وحين حديث الكثير من الناس العاديين في مشارق الأرض ومغاربهإن... القضية قضية أرض...أرض فلسطينأية أرض هذه؟:نتحدث عن أرض ارتبطت بها منذ النشأة الأولى، حضارات وأحداث تاريخية ،أرض هي مهد الديانات السماوية ،هي أرض بقدر ما شغلت الناس عبر مختلف الحقب قديما،بقدر ما شغلهتم وتشغلهم الآن وستظل تشغلهم لسنوات،بما يرتبط بها من صراعات وأحداث سياسية ،وأحيانا معارك وقتال،ودوما انتفاضات... المنطقة دوما محط الكلام اليومي ،لا يمكن أن يمر يوم دون أن تكون موضوع أخبار. في محاولة لتدقيق الأمور( مع تحفظي مما قد يكون تسرب للمعطيات الإحصائية الواردة في المقال من أرقام غير دقيقة،إذ أقصى ما تمكنت منه، هو الرجوع لأكثر من مرجع-مواقع الكترونية وكتب-،والتيقن من تقارب المعطيات)..في محاولة إذن لتدقيق الأمور،نعيد للذاكرة، أننا نتحدث عن أرض هذه بشكل مختصر خصوصياتها، مساحة كلية بما يقارب 26323 كم⊃2; ، الأراضي المحتلة عام 1948 مساحتها20551 كيلومتر مربع الأراضي المحتلة عام1967 مساحتها 6249 كيلو متر مربع، و تبلغ مساحة المناطق الفلسطينية -الضفة الغربية و قطاع غزة- أكثر قليلا من 6000كم⊃2; ، 5690كم⊃2; في الضفة الغربية و 365 كم⊃2; في قطاع غزة .يبلغ طول الضفة الغربية حوالي 150كم , و عرضها يتراوح بين 31-58 كم, و هي في معظمها منطقة جبلية. أما غزة فهي منطقة ساحلية شبه مستطيلة يبلغ طولها 45 كم , و يتراوح عرضها بين 6 كم في الشمال و 13 كم في أقصى الجنوب. بالرغم من محدودية مساحة أراضي الضفة الغربية و قطاع غزة فان هاتين المنطقتين تتمتعان بدرجة عالية من التنوع البيئي و المناخي, و تعيش فيهما أنواع مختلفة من النباتات و الحيوانات و الطيور المحلية و المهاجرة. بعض النباتات و الأشجار مثل الزيتون و العنب و البلوط أصلية, و البعض الآخر مثل قصب السكر و القطن و البرتقال جلبته شعوب مختلفة حكمت فلسطين على مر العصور. هذا و يمكن تقسيم الضفة الغربية و غزة إلى عدد من الوحدات الجغرافية الصغيرة التي تختلف كل منها عن الأخرى على جميع الأصعدة فالتفاوت في الارتفاع بينها كبير جدا و كذلك المناخ و الغطاء النباتي ... الخ. الفلسطيني وما بقي له من أرضهحسب إحصائيات رسمية للمركز الإحصائي الفلسطيني سنة 2000 بلغ عدد السكان الفلسطينيين في العالم أكثر من ثمانية و نصف مليون نسمة (8.598.وبالرجوع لمختلف المعطيات الإحصائية المرتبطة بأمرين أساسين:-1-الأرض مساحة ،وباستحضار مختلف ما خضعت له منذ 1917 من أحداث. -2-الساكنة، وباستحضار ذات الأحداث،وباستحضار التأثير الديني (الديانات السماوية الثلاث)،وباستحضار مختلف الأحداث التي نعرفها جميعا...باستحضار كل هذا نخلص للخلاصات التالية: يحلو للفلسطينين-ونتفهم الأمر- الحديث عن أرض فلسطين وساكنتها ،بالشكل التالي:هنالك مفهومان للمساحه المقسمه في فلسطين:اولا المساحه الواقعيه وهي 70 بالمئه لليهود و 30 بالمائه للفلسطينين علما بأن اليهود يشاركوننا ايضا في 30 بالمائه هذه،وهنالك مساحه اخرى وهو التقسيم القلبي والروحي،مائه بالمائه من المساحه للفلسطينيين وصفر بالمائه لليهود.نعرف جميعا أن مسألة ،التعداد السكاني، والتصريح بالمعطيات الديموغرافية قد تشكل لبعض الأنظمة حرجا،والأمثلة كثيرة ،ونجدها بشكل خاص في بلدان تعرف صراعات طائفية تضططر لاختلاق إحصاءات لا تطابق الواقع،فترفع من العدد حيث يكون الأمر في صالحها،وتقوم بالعكس عند الضرورة،وتخلق في معظم الأحيان بلبلة إحصائية انطلاقا من تسريب إحصاءات متناقضة،كي يستمر الغموض...وتحديدا إسرائيل تنهج هذه السياسة بخصوص التصريح بساكنتها،سواء تعلق الأمر باليهود أو بالمسلمين،نعرف جميعا حرب الإحصائيات المرتبطة باللاجئين الفلسطينين..ومسألة الساكنة هذه، له وجه استغلال آخر،ويرتبط بتشجيع التوالد...الاستيطان...الهجرة،بالنسبة للمسيطر على الأرض،مقابل التصرف بالنقيض مع المتنازع معهم...تحديد النسل...استحواد على الأراضي بمختلف الطرق...التهجير..وهو ما يفسر بطبيعة الحال الارتفاع الكبير لليهود بفلسطين مابين بداية الانتداب البريطاني 1917 الذي انتقل من 63000 نسمة مع بداية الانتداب،إلى 650000 عند نهايته، وبذلك ارتفعت نسبة اليهود إلى مجموع عدد السكان في فلسطين من 8.3% عام 1919 إلى 31.5% عام 1948بعد خضوع فلسطين للانتداب البريطاني –إذن-أصبح عدد سكان فلسطين حسب التقدير الرسمي 673.000 منهم 521.000 من المسلمين و 67.000 من اليهود و 78.000 من المسيحيين و 7000 من المذاهب الأخرى ، وقد نجم عن نكبة فلسطين أن قسمت فلسطين إلى ثلاث مناطق جغرافية -1. الأراضي التي احتلها اليهود بعد حرب عام 1948 وقد شغلت 76.7 % من مساحة فلسطين .2. الضفة الغربية و تشغل 22 % من مساحة فلسطين .3. قطاع غزة و يشغل 1.3 % من مساحة فلسطين .باختصار مفيد،واعتبارا لمختلف ما تم التوسل به من طرف الصهاينة،فإننا حسب إحصائيات 1998 التي تمكنت من الحصول عليها: و مع حلول عام 1998 بلغ المجموع الكلي لعدد السكان على أرض فلسطين التاريخية 8.09 مليون نسمة منهم 5.50 مليون نسمة من سكان دولة الاغتصاب الصهيوني أي ما نسبته حوالي 67.9 % منهم حوالي 17% من الفلسطينيين أو ما يطلق عليهم فلسطينيو الداخل (48) ،والباقي من الفلسطينيين أي ما نسبته 32.1 % من المجموع الكلي يقيم منهم في الضفة الغربية 1.596.442 نسمة في قطاع غزة 1.000.175 مليون نسمة في قطاع غزة ،علما بأن الصهاينة تمكنوا خلال الإحدى عشر عام الماضية من المحافظة على التطور الديموغرافي لصالحها على الرغم من ارتفاع نسبة النمو السكاني في الجانب الفلسطيني ،ويرجع ذلك إلى موجات الهجرة في هذه السنواتلماذا يوم الأرض؟:الأصول والأبعاد: يوم الأرض الفلسطيني- هو يوم ذكرى يحييه الفلسطينبون في 30 مارس من كلّ سنة.. ذكرى يوم الأرض الخالد، والذي تعود أحداثه لمارس من سنة 1976 بعد أن قامت السّلطات الإسرائلية بمصادرة آلاف الدّونمات من الأراضي ذات الملكيّة الخاصّة،وخاصّة في الجليل. على اثر هذا المخطّط قرّرت الجماهير العربيّة بالدّاخل الفلسطينيّ بإعلان الاضراب الشّامل، متحدّية ولأوّل مرّة بعد احتلال فلسطين عام 1948 السّلطات الإسرائيليّة، وكان الرّدّ الإسرائيليّ ردا عسكريّا قويا، إذ دخلت قوّات معزّزة من الجيش الإسرائيليّ مدعومة بالدّبّابات والمجنزرات إلى القرى الفلسطينيّة وأعادت احتلالها موقعة شهداء وجرحى بين صفوف المدنيّين العزل .وصادرت قوات الجيش الإسرائيلي مساحات شاسعة من أراضي عدد من القرى العربية في الجليل الأوسط منهاعرابة وسخنين ودير حنا ،هي القرى التي تدعى اليوم مثلّث يوم الأرض، وذلك في نطاق مخطّط تهويد الجليل ،فقام فلسطينيو 1948 أو من يسمون فلسطينيو الداخل بإعلان إضراب عام وقامت مظاهرات عديدة في القرى والمدن العربية وحدثت صدامات بين الجماهير المتظاهرة وقوى الشرطة والجيش الإسرائيلي فكانت حصيلة الصدامات استشهادات أشخاص، قتلوا برصاص الجيش والشرطة. ولم تستجب حينها إسرائيل لمطالبة العرب بإقامة لجنة للتحقيق في قيام الجيش والشرطة بقتل مواطنين عُزَّل يحملون الجنسيّة الإسرائيليّة، واعتبرت إسرائيل الأمر مواجهة مع قوى معادية.على سبيل الختم: حاول الموقع Mag philo في لقاء أجراه مع الفيلسوف والمؤرخ الفرنسي Henry Laurens فهم التوثر بي الفلسطينين والإسرائليين انطلاق من السؤال:ثمة خلافات بين الشعوب،ومنه ما أنتج صراعات بين الفلسطينين والإسرائليين ،من بين هذه الخلافات ،أي منها الثقافي أو الاقتصادي،أو الديني يبدو صعب التجاوز؟ وكان جواب الفيلسوف المؤرخ:أساس الصراع الفلسطيني الإسرائلي،هو صراع على الأرض،بخصوصية لا نجدها في أي مكان آخر،إذيتعلق الأمر بأرض ذات بعدين:هي أولا أرض مقدسة،علما بأن لليهود وللمسلمين في هذه الأرض أماكنهم المقدسة.ثم من جهة ثانية،هي أرض مادية تقاس بالأمتار المربعة،وتقاس بتجذر ثقافي،وتقاس بمصادرها المائية الخ...إنها أرض يصارع عليها كل طرف،لنفس الغايات والأسباب،ولو اختلفت الأسباب والغايات لكان أمر إزالة الصراع محتملا...فالمشكل أن الصراع هو لغايات متماثلة وهو ما يجعل زوال الصراع أمرا صعبا،وعندما يتعلق الأمر بمستعمر(كسر الميم)ومستعمر (بفتح الميم) ،فإن كل واحد،يرى موته في عين الآخر....ومع كل ما قيل ويقال...ومع كل الصراعات...ومع كل ما تعرفه الأمة العربية والأمة الإسلامية من مشاكلها الخاصة بها...فإن حلم أن يصبح تقسيم الأراضي الفلسطينية حسب التقسيم القلبي الروحي:0 متر مربع لإسرائيل...كل المساحة للفلسطينيين،...هو حلم مشروع،في وقت تظل إمكانات تحقيق الحلم سرابا