كتب عبد الله النملي يكتسي موضوع حكامة المدن أهمية قصوى، حيث أصبح محط نقاش واسع في سياق حضري يتميز بنمو سريع يطرح تحديا أمام الجماعات لتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، ذلك أن مدننا مدعوة لممارسة مهام تزداد تعقيدا. فالجماعات المحلية اليوم مطالبة بتقديم خدمات في مستوى تطلعات المواطنين. ولعل وضع تصور جديد لتقديم الخدمات أصبح أمرا لا مفر منه بحكم التنافسية بين المدن. وقد عرف الإهتمام بخدمة المواطن تطورا داخل المؤسسات العمومية بآسفي، بحيث تم اعتماد برامج إصلاحية أحدثت تغييرات عميقة في مستوى الخدمات. وإذا كانت الإصلاحات التي عرفتها بعض الإدارات بآسفي قطعت أشواطا مهمة على درب الرقي بمستوى الخدمات، فإن الجماعة الحضرية لآسفي تخلفت كثيرا عن المحيط، ولم تعرف نفس الوتيرة من التحديث والفعالية والحكامة، إذ ظلت عبر مجالسها إدارة محلية منغلقة على نفسها لا تكترث بوظائف التخطيط والتكوين، ولا تولي أية أهمية لاستشارة الساكنة لمعرفة حاجياتهم ومستوى رضاهم عن الخدمات. هذه العناصر مجتمعة جعلت وزارة الداخلية في شخص المديرية العامة للجماعات المحلية، بعد الوقوف على الإكراهات التي ميزت الإنتداب الجماعي 2003 -2009 تفكر في مقاربة جديدة لمصاحبة الجماعات المحلية حتى ترقى إلى مستوى المقاولة وتنبني على حكامة جيدة. وباعتبار الجماعة الحضرية لآسفي واحدة من الجماعات التي تعاني من النقص الملحوظ في برامج الحكامة المحلية وأظهرت اهتمامها ببرنامج الحكامة المحلية، فقد بادر مجلسها الحضري في دورة أكتوبر بإجماع أعضائه على الموافقة على مقرر رقم 34 يهم اتفاقية مع برنامج الحكامة المحلية بالمغرب "جماعة الغذ ". وسعيا منا لتقريب قراء موقع " آسفي اليوم " على مستجدات الشأن المحلي ذات الأهمية البالغة، سنحاول عبر هذه المقالة أن نسلط الضوء على هذه الإتفاقية، التي أعتبرها واحدة من الإتفاقيات الهامة التي يجري حاليا التنفيذ العملي لبعض مضامينها المختلفة، وخاصة محور الشباب من خلال تنظيم الملتقى الأول للشباب بآسفي14-15 أبريل. وقد تم التوقيع على اتفاقية بدء تنفيذ برنامج الحكامة المحلية من قبل محمد كريم رئيس الجماعة الحضرية لآسفي و JOHN GROARKIممثلا لبعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في المغرب، والمتعلقة ببرنامج الحكامة المحلية على مستوى الجماعة الحضرية لآسفي، خاصة وأن هذه الإتفاقية هي بمثابة الوصفة المطلوبة لمعالجة العديد من الإختلالات التي تعاني منها الجماعة الحضرية لآسفي، شريطة أن لا تظل حبرا على ورق وأن يتم تطبيقها على الوجه الأمثل وتوفير متطلبات نجاحها . التعريف ببرنامج الحكامة المحلية برنامج الحكامة المحلية " جماعة الغذ " هو برنامج من تصور الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID بشراكة مع المديرية العامة للجماعات المحلية DGCL . ويتم تنفيذه من طرف معهد الأبحاث الدولية .RTI وتدخل المساعدات المقدمة من طرف الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في إطار الإتفاقية الثنائية الموقعة بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والحكومة المغربية بتاريخ 25 شتنبر 2009 . والقيمة المالية للمشروع 10.8 مليون دولار أمريكي. ويستهدف الجهات التالية: فاس بولمان وسلا و دكالة عبدة. ويروم المشروع تحسين ممارسات الحكامة والمشاركة الموسعة للسكان وخاصة الشباب في مجال الحكامة، وهي الإستراتيجية المعتمدة حاليا من طرف المديرية العامة للجماعات المحلية التي تريد أن تجعل من المواطن محور كل المبادرات. الأنشطة الرئيسية للاتفاقية لقد اتفقت الجماعة الحضرية لآسفي وبرنامج الحكامة المحلية، على بذل الجهود من أجل إعداد ميثاق للحكامة المحلية الجيدة، وتقديم الدعم لإحداث لجنة المساواة وتكافؤ الفرص، ومواكبة البرامج المحلية المتعلقة بالشباب، ودعم إنجاز المخطط الجماعي للتنمية، وتقوية كفاءات موظفي الجماعة الحضرية لآسفي، ووضع إطار لنجاعة الجماعة، ودعم وضع استراتيجية التواصل بالجماعة، ووضع وتتبع جهاز الإفتحاص الداخلي .. محتويات الأنشطة 1- إعداد ميثاق للحكامة الجيدة الإرتقاء بعملية التخليق ومحاربة الرشوة كمبدأ من مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير الشأن المحلي التي تمكن من التقرب إلى المواطنين. ولهذه الغاية سيعمل برنامج الحكامة المحلية على توعية وتحسيس الهيئة الناخبة والموظفين الجماعيين. وذلك عبر إشراكهم في الندوات الجهوية المبرمجة أوفي مجموعات عمل لوضع ميثاق الحكامة الجيدة. 2 – الدعم لإحداث لجنة المساواة وتكافؤ الفرص تعتبر لجنة المساواة وتكافؤ الفرص المنصوص عليها بالميثاق الجماعي من مكونات المجتمع المدني وإحدى قنوات التواصل الجماعي والانفتاح، حيث تستحق اهتماما خاصا بها باعتبارها إحدى شروط نجاعة الخدمات الجماعية أمام انتظارات الساكنة على مستوى تكافؤ فرص المشاركة في الشأن المحلي. 3 - مواكبة البرامج المحلية للشباب من أجل إدماج الشباب وإشراكهم في الشأن المحلي، فإن برنامج الحكامة المحلية سيساعد الجماعة الحضرية لآسفي على تطوير استراتيجية ملائمة لخلق فضاءات الحوار مع الشباب، مع تفعيل سياسات وبرامج محددة قادرة على تلبية متطلباتهم الإجتماعية والثقافية والإقتصادية. ولبلوغ هذا الهدف تجري حاليا الجماعة الحضرية لآسفي برامج وأنشطة تشاركية مع الشباب، وكذا تقوية كفاءات المسيرين للأقسام الجماعية المكلفة بالشباب ومنشطي الأحياء الذين يمثلون حلقة وصل بين الجماعة والمجتمع المدني،فضلا عن دعم مبادرات الشباب الذين لديهم مشروع يتعلق بالحكامة المحلية عبر برنامج الهبات. 4 – دعم إعداد المخطط الجماعي للتنمية في إطار هذا النشاط يدعم برنامج الحكامة المحلية الجماعة الحضرية لآسفي من أجل إعداد المخطط الجماعي للتنمية، حيث قطعت مراحل متقدمة في هذا الإطار تجاوزت مرحلة تشخيص المرحلة الراهنة للجماعة، إضافة إلى الورشات التكوينية لفائدة الفرق المكلفة بإعداد المخطط الجماعي للتنمية الذي يشمل المساعدة في إعداد برامج العمل من أجل إنجاز المخطط الجماعي للتنمية، وتقديم توجيهات منهجية خاصة بالمخطط، ودعم تنظيم ورشات الإعلام والإنجاز للمخطط الجماعي،والهدف تأطير نشر المعلومات المتعلقة بالمخطط وتقديم الدعم من أجل إعداد دليل منهجي لإنجاز مخطط التواصل، وإجراء تقييمات دورية لتحقيق أنشطة المخطط الجماعي للتنمية. 5- تقوية كفاءات موظفي الجماعة الحضرية لأسفي يعتبر التكوين إحدى رافعات نجاعة الخدمات الجماعية الذي يمكن الموظفين تحمل مسؤولياتهم كاملة عبر برنامج التكوين الملائم لتحسين مرد ودية الخدمات الجماعية، ويشتمل هذا المحور على إعداد وتفعيل برامج التكوين من خلال المساعدة التقنية اللازمة لامتلاك طرق هندسة التكوين، ومواكبة الجماعة الحضرية لآسفي في إعداد مخطط التكوين وتنظيم حلقاته. 6- وضع إطار لنجاعة الخدمات الجماعية سيمكن هذا الإطار الجماعة الحضرية لآسفي من التوفر على وسيلة لتقييم مستوى نجاعة وظائفها الأساسية وتقييم أثر القرارات المتخذة ومساعدتها في اتخاذ القرارات المقبلة. 7- دعم وضع استراتيجية محلية للتواصل سيساعد برنامج الحكامة المحلية الجماعة الحضرية لآسفي في وضع استراتيجية التواصل انطلاقا من تشخيص الوضعية الراهنة للتواصل سواء الداخلي أو الخارجي اعتمادا على انتظارات ساكنتها. وبمجرد وضع هذا المخطط سيواكب برنامج الحكامة المحلية الجماعة من أجل تنفيذه، عن طريق تنشيط أوراش للتكوين بغية تحسيس المنتخبين وأطر وموظفي الجماعة الحضرية لآسفي بأهمية وظائف التواصل مع المواطنين، وتأطير الخلية المكلفة بالتواصل مع توفير وسائل العمل الضرورية والحديثة. 8- وضع وتتبع أجهزة الافتحاص الداخلي سيعمل برنامج الحكامة المحلية على تقييم الوضعية الراهنة للجماعة سيما فيما يخص المراقبة الداخلية ونظام تدبير المخاطر. ولهذه الغاية سيضع البرنامج خريطة المخاطر العملية التي يستوجب على الجماعة تدبيرها، كما سيضع البرنامج مرجعا عمليا يشتمل على تنظيم نوعية بنية الإفتحاص الداخلي وميثاقه، وإعداد دليل للإجراءات والإفتحاص الداخلي. وخلال المرحلة العملية لبنية الإفتحاص الداخلي فإن البرنامج سيؤطر المتفحصين الداخليين بالجماعة الحضرية لآسفي . والخلاصة الجماعة الحضرية لآسفي كانت حتى وقت قريب لا تنشغل إلا بما هو آني، وتجعل من الإستراتيجيات والتخطيط الحضري مجرد ترف فكري ليست له أية أهمية تذكر. واليوم نشهد بداية تحول في تدبير الشأن المحلي تبعا لاتفاقية الشراكة التي أبرمتها الجماعة الحضرية لآسفي مع برنامج الحكامة المحلية، وهي بذلك تكون قد وجهت علاقات التعاون نحو برامج ذات قيمة مضافة مثل: إعداد ميثاق للحكامة وإنجاز مخطط التنمية الجماعي ووضع استراتيجية للتواصل والتكوين وجهاز للإفتحاص الداخلي وإحداث لجنة المساواة وتكافؤ الفرص وتقوية كفاءات الموظفين ومواكبة البرامج المتعلقة بالشباب. وهي برامج كما هو واضح من عناوينها لا يجادل فيها اثنان ولا ينططح بشأن أهميتها عنزان، برامج تبدو أكثر توافقا مع حاجيات الجماعة الحضرية لآسفي ومنسجمة مع الأولويات الوطنية مما يساعد على إدماجها في إطار دينامية إنجاز وتمويل هذه البرامج الوطنية، وتلافي الضغط على ميزانية الجماعة المأزومة، وبالتالي الإستفادة من برامج الدعم التقني ومراكمة الخبرة. لأن المجال الحضري اليوم باعتباره يستنزف موارد مالية كبيرة فإنه من الضروري أن يتم الإتفاق بشأنه على السياسات المتبعة وبرامج التكوين المطلوبة والناتجة عن تحالف المصالح العامة والخاصة وتقليص المجالات التقليدية للتداول وجعل المواطن محور كل المبادرات من أجل خدمات جماعية ترقى إلى مستوى المقاولة وتحظى برضى المواطن. فهل تنجح الجماعة الحضرية لآسفي فيما تبقى من عمر هذا المجلس في ترجمة هذا البرنامج الطموح على أرض الواقع؟ علما أن المجلس الحضري السابق سبق له أن صادق هو الآخر على اتفاقية شراكة هامة(مقرر 04 ) في دورة فبراير 2004 تضع المركب الثقافي الزاوية رهن إشارة مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، لإحداث معهد متخصص في التقنيات الحديثة للتواصل والإعلام، مقابل ذلك وحسب ما نصت عليه المادة السابعة من الإتفاقية " يتعهد مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل بتنسيق مع المجلس الجماعي بإعادة تكوين مستشاري وموظفي ومستخدمي الجماعة الحضرية لآسفي حسب برنامج ممتد على ست سنوات " ورغم مرور أزيد من سبع سنوات على توقيع هذه الإتفاقية ظلت بدون تفعيل، فلا الجماعة احتفظت لنفسها بالمركب الثقافي من أجل استغلاله، ولا الموظفون والمستشارون استفادوا من التكوين الذي يشرف عليه المعهد في تخصصات تقنية من قبيل أنظمة الإعلام و تطوير أنظمة التواصل وتهيئ الحاسوب واتصالات المقاولات و الشبكات والتقنيات السمعية البصرية. وهي تكوينات تبدو الجماعة الحضرية لآسفي في أمس الحاجة إليها.