الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    لقاء بوزنيقة الأخير أثبت نجاحه.. الإرادة الليبية أقوى من كل العراقيل    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    التوافق المغربي الموريتاني ضربة مُعلمَين في مسار الشراكة الإقليمية    من الرباط... رئيس الوزراء الإسباني يدعو للاعتراف بفلسطين وإنهاء الاحتلال    مسؤولو الأممية الاشتراكية يدعون إلى التعاون لمكافحة التطرف وانعدام الأمن    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    ال"كاف" تتحدث عن مزايا استضافة المملكة المغربية لنهائيات كأس إفريقيا 2025    المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة بطنجة تقدم توصياتها    توقع لتساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1800 م وهبات رياح قوية    وفد شيلي يثمن طفرة التنمية بالداخلة    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    أوزين: الأمازيغية لغة 70 في المائة من المغاربة .. وعلمانية المملكة متفردة    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    ألمانيا تفتح التحقيق مع "مسلم سابق"    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    مدان ب 15 عاما.. فرنسا تبحث عن سجين هرب خلال موعد مع القنصلية المغربية    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025        توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات وهبات رياح قوية    أميركا تلغي مكافأة اعتقال الجولاني    الحوثيون يفضحون منظومة الدفاع الإسرائيلية ويقصفون تل أبيب    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع        "فيفا" يعلن حصول "نتفليكس" على حقوق بث كأس العالم 2027 و2031 للسيدات    مهرجان ابن جرير للسينما يكرم محمد الخياري        دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    كيوسك السبت | أول دواء جنيس مغربي من القنب الهندي لتعزيز السيادة الصحية    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    الطّريق إلى "تيزي نتاست"…جراح زلزال 8 شتنبر لم تندمل بعد (صور)    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مراكش تحتضن بطولة المغرب وكأس العرش للجمباز الفني    طنجة: انتقادات واسعة بعد قتل الكلاب ورميها في حاويات الأزبال    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    البنك الدولي يدعم المغرب ب250 مليون دولار لمواجهة تغير المناخ    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في آسفي اليوم يوم 25 - 12 - 2010

تحقيق : فشل تجربة التدبير المفوض للنفايات بآسفي ودعوات لعودة " كاميو " الجماعة !

خاص ب " أسفي اليوم " : عبد الله النملي
إذا كان تدبير النفايات الصلبة يعني القدرة على التحكم في النفايات ، من لحظة التخلص منها من طرف مالكها إلى غاية جمعها ونقلها بطرق تضمن الحفاظ على البيئة ، فإننا بآسفي لم نستطع بعد أن ندبر نفاياتنا بالشكل المطلوب ، بالرغم من أن الجماعة الحضرية لآسفي في شخص مجلسها السابق ، حددت لنفسها استراتيجية لتدبير النفايات الصلبة ، حددتها في أربعة مراحل . المرحلة الأولى وهي جمع النفايات من طرف الجماعة وحملها إلى مطرح غير مراقب ، وهي المرحلة التي شهدتها الجماعة قبل سنة 2004 ، والمرحلة الثانية هي مرحلة التدبير المفوض للنفايات الصلبة و جمع وحمل النفايات إلى مطرح غير مراقب ، كشكل من أشكال الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص ، والمرحلة الثالثة هي جمع ونقل النفايات إلى مطرح منظم ومراقب ، وهي المرحلة التي يفترض أن تبتدئ من سنة 2010 إلى غاية 2020 على امتداد عشر سنوات ، والمرحلة الرابعة وهي جمع ونقل النفايات إلى مطرح مراقب بهدف التدوير وإعادة الإستعمال ، وهي المرحلة التي ستنطلق ما بعد سنة 2020 .
المقال التالي يسلط الضوء بمزيد من التفصيل عن المرحلة الأولى والثانية من تدبير النفايات الصلبة بآسفي منذ المجالس السابقة ، ويكشف النقاب عن المشاكل التي كانت سببا في فشل تجربة التدبير المباشر للنفايات من قبل المجالس السابقة ، مرورا بتجربة التدبير المفوض التي انتهت هي الأخرى كسابقاتها الشيء الذي جعل الساكنة تحن لعودة '" كاميو " الجماعة . فهل اللجوء إلى التدبير المفوض إعلان صريح عن فشل المجالس السابقة ؟ وماهي الأسباب التي جعلت نظام التدبير المفوض يتحول من نعمة إبان إسناد المهمة لشركة فيوليا إلى نقمة على الساكنة بعد مرور سبع سنوات ؟ هذه الأسئلة وغيرها نرصدها في الموضوع التالي بعد أن أعلنت الجماعة الحضرية لآسفي عن طلبات عروض أثمان مفتوحة تهم التدبير المفوض لقطاع التطهير الصلب لمدينة آسفي حيث سيتم بمكتب رئيس الجماعة الحضرية لآسفي بتاريخ 13/01/2011 فتح الأظرفة المتعلقة بهذه العملية ..
مقدمة عامة
تحتل المرافق العمومية مكانة هامة ضمن اختصاصات الجماعات المحلية، لكونها تشكل أداة لتلبية الحاجيات اليومية للمواطنين في قطاعات حيوية. وتبعا لذلك فإن مسؤولية الجماعات المحلية ذات أهمية قصوى بالنظر لوظيفتها الأساسية وهي إحداث وتنظيم وتدبير هذه المرافق . إلا أنه وبالرغم من المجهودات التي بذلت فإن التحديات التي تواجه الجماعات المحلية تبقى عديدة نظرا للنمو الحضري الكبير ، و تزايد وتيرة نمو الأنشطة الاقتصادية والإجتماعية . ولقد نتج عن هذه الوضعية ازدياد الحاجيات من البنيات والتجهيزات الجماعية وكذلك المرافق العمومية الحضرية ، مما أدى إلى عدم التوازن بين العرض والطلب .ولعل مرفق النفايات الصلبة يحتل الصدارة في الأنشطة العمومية الجماعية بكل المدن المغربية ، نظرا لتأثيره المباشر على الصحة العمومية وظروف عيش المواطنين ، وكذا المشاكل الناجمة عن عمليات تدبيره . فعلى المستوى القانوني خول الميثاق الجماعي للجماعات المحلية مسؤولية تدبير مرفق النظافة إما عن طريق التدبير المباشر أو التدبير المفوض
التدبير المباشر للنفايات الصلبة في المجالس السابقة بآسفي
كانت عملية تدبير النفايات الصلبة بآسفي تقع على عاتق مصالح الجماعات الثلاث ، بياضة ، بوذهب الزاوية، والمجموعة الحضرية سابقا ، فكل جماعة حضرية كانت تتوفر على مصلحة تقنية ، يتحدد دورها في جمع النفايات ونقلها إلى المطرح ثم القضاء على النقط السوداء . وتقوم هذه المصالح باعتماد عدة وسائل لجمع النفايات ، منها التجول على الأبواب أو وضع نقط تجميع توضع فيها حاويات أو كنس النفايات بالشارع . ويقدر متوسط الكمية اليومية من النفايات التي كان ينتجها الفرد بآسفي حوالي 0.5 في المائة كلغ يوميا ، حددت المجموعة الحضرية سابقا متوسط تكلفة تجميع طن واحد من النفايات بما مجموعه 59.53 درهم ، أما معدل نمو النفايات المنزلية فقدر ب2.3 في المائة سنويا ، وأن نسبة ما يتم نقله للمزبلة لا يتعدى 75 في المائة أي حوالي 126 طن يوميا ، علما أن المدينة كانت تنتج أكثر من 200 طن يوميا من النفايات ، لتظل نسبة 25 في المائة عرضة للطرح العشوائي وهو ما جعل العجز في تجميع النفايات بآسفي يرتفع ليصل سنة 1995 إلى 560 طن .
وقد عرفت النفايات اليومية بآسفي وجهات مختلفة ، فمنها ما يتم تصريفه فوق أراضي فارغة ، ومنها ما يتم تصريفه نحو قناة وادي الشعبة ووادي الباشا ، ومنها ما يتم رميه في قنوات الواد الحار ويتسبب في إضعاف قدرتها على تصريف التطهير السائل كما حصل مؤخرا في الفيضانات الأخيرة .ويرجع السبب في هذا العجز المسجل في النفايات الناتجة عن الأنشطة المنزلية وكل ما خرج عن نطاق الاستعمال من مواد غير صالحة ، إلى نمو عدد ساكنة آسفي التي تقدر 313132 نسمة ، حيث ستبلغ النفايات المنزلية في سنة 2011 حوالي 65 ألف طن ، على اعتبار أن هناك تناسبا طرديا فكلما زاد عدد السكان زادت المخلفات ، إضافة لتطور المستوى المعيشي وتغير نمط الاستهلاك ، فبقدر الإنتاج يكون الاستهلاك ، الشيء الذي نتج عنه ارتفاع مهول في كميات النفايات المنتجة بآسفي ، مما سبب ضعفا في عملية التجميع نظرا للوسائل المادية والبشرية للجماعات الحضرية بآسفي سابقا والتي لم ترقى للمستوى المطلوب ، فالآليات القليلة في وضعية غير صالحة ، فضلا عن تعرضها الدائم للأعطاب الميكانيكية التي تصيبها خلال أوقات العمل ، أما اليد العاملة والتي لم تكن تتجاوز 248 عاملا فتعرف نقصا من حيث العدد والتأطير ، بحيث أن العدد الذي كان موجودا لايكفي لتنظيف سوى 30 في المائة من المساحة الواجب تطهيرها يوميا ، علاوة عن أن عملية جمع النفايات لا تغطي مجموع الوسط الحضري لآسفي ، إذ أن مجموعة من الأحياء لم تكن تشملها عملية التطهير حيث أن عملية الجمع تقتصر على مناطق دون أخرى ، أو أنها تتم في غالب الأحيان وفق استعمال زمني غير منتظم ، مما ينتج عنه تأخير في موعد مرور شاحنات الجمع ، الشيء الذي يؤدي إلى تشتت الأزبال داخل الأزقة ، وبالتالي رمي الأزبال داخل مجموعة من النقط السوداء التي انتشرت وازدادت مساحتها بشكل مخيف .
التدبير المفوض للنفايات الصلبة بآسفي : أبريل 2004
التدبير المفوض هو طريقة لتنظيم الأنشطة التي تقوم بإشراك المقاولات في تنفيذ مهمات المرفق العام. فهو الأداة المفضلة لمفهوم حديث للشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص ، وقد اعترف المشرع المغربي صراحة بالتدبير المفوض للمرافق العمومية بتاريخ 14 فبراير 2006 بهدف توفير إطار قانوني لهذه العقود ووضع مساطر صارمة لإبرام عقود التدبير المفوض ، حيث تم في هذا الإطار تنفيذ أكثر من 40 عملية تدبير مفوض على الصعيد الوطني .
وتبعا لذلك عرفت المصالح العمومية لتدبير النفايات الصلبة بالمغرب منذ 1996 عدة مبادرات من أجل اللجوء إلى خدمات القطاع الخاص ، بهدف تحسين مستوى الخدمات لصالح المواطنين بواسطة إدخال منطق المقاولة في تنظيم وتسيير هذه المصالح العمومية، وتعبئة موارد مالية جديدة لاقتناء المعدات غير المتوفرة .
ونظرا لكون العجز في تجميع النفايات يشكل تهديدا للصحة العمومية بآسفي ، فقد اعتبر المجلس الحضري لآسفي سابقا - بعد أن تم العودة لنظام وحدة المدينة- أن تدبير مرفق النظافة من طرف شركة مختصة فيه قيمة مضافة لتوفر الشركة على وسائل عصرية فعالة وطرق تدبير مهنية وعقلانية لإنجاز الخدمات.
وفي دورة أبريل 2004 صادق المجلس الحضري لآسفي على عملية التدبير المفوض للنفايات الصلبة من خلال إسناد المهمة لشركة اونيكس التي حولت اسمها إلى فيوليا ، وهي شركة أجنبية تدبر مجالات مختلفة عبر العالم ، حيث نصت الاتفاقية على أن ينتقل 248 عاملا للنظافة إلى الشركة ، مقابل حصولهم على تعويضات يومية إضافة لأجرتهم الشهرية ، على أن يقضي العمال مدة ثلاث سنوات يقررون بعدها إما الإندماج في الشركة أو العودة للجماعة . وقد حدد دفتر التحملات الذي لم يطلع عليه المجلس السابق ، مهمة الشركة في جمع النفايات المنزلية والقضاء على النقط السوداء وكنس الأزقة وجمع المخلفات النباتية . وقد استثمرت الشركة في بداية العمل ما قيمته 3 مليار و40 مليون سنتيم ، من خلال إدخال أسطول جديد قوامه 13 شاحنة كبيرة وصغيرة وحاويات بلاستيكية lespacks وحاويات حديدية كبيرة lescaissons ، وتخصيص شاحنتين لجمع المخلفات النباتية والمتلاشيات ودراجات نارية ، لتغطية العجز الحاصل في شاحنات الجماعة التي فقدت عنفوان شبابها بعد أن بلغ عمرها الثلاثين سنة .
وقد اعتمدت الشركة في خطتها على تقسيم المدينة إلى عشرة قطاعات، كما قامت بتوزيع 1400 حاوية بلاستيكية بمختلف الأحجام، وعملت على معالجة 100 نقطة سوداء في السنة الأولى، حيث وصل المعدل اليومي للنفايات المنزلية إلى 401 طن بمعدل 0.6 كلغ للفرد الواحد بآسفي. ولهذا الغرض تم تعيين خلية تقوم بالإشراف على جميع مراحل العمل اليومي للشركة ، تضم مراقبين جماعيين موزعين على تراب الجماعة مهمتهم تتبع الحمولات التي يتم وزنها ، حيث يتواجد بصفة دائمة أحد المراقبين ليتسلم الوصولات الخاصة بالحمولات ، والوصل الذي لا يحمل تأشيرة المراقب الجماعي يلغى . هذه الوضعية جعلت المدينة تدشن عهدا جديدا عنوانه الكبير "وداعا للأزبال والنفايات " !! .
التدبير المفوض للنفايات بآسفي : محاولة للتقييم
إن تجربة التدبير المفوض للنفايات الصلبة بآسفي تجعلنا نؤكد بما لا يدع مجالا للشك ، بروز تحسن ملحوظ في جمع ونقل النفايات خلال الثلاث سنوات الأولى لعملية التدبير المفوض ، غير أن التجربة أبانت فيما بعد عن تراجع كبير في عمل الشركة المفوض إليها ، حيث أن سبع سنوات كانت كافية ليتضح للجميع أن شركة فيوليا فاشلة في تدبير مرفق النظافة بآسفي ، وبدلا من أن تتحسن صورة المدينة بآسفي ازدادت قتامة وبشاعة ، حيث أصبحت الساكنة تحتج وتقدم الشكاوي والعرائض ، بعد أن حاصرت الأزبال والنفايات الساكنة ، وتحولت حاويات الأزبال إلى كابوس يقض مضجع الجميع ، حتى باتت خطرا يتقاذفها و يتخلص منها الجميع بعيدا عن منازلهم بسبب الروائح الكريهة التي تنشرها بعين المكان ، كل ذلك جعل الساكنة تصب جام غضبها على تدبير الشركة لدرجة أصبحت معها الساكنة تحن لطواف " كاميو " الجماعة الذي يخرجون إليه نفاياتهم على إيقاع أبواقه .
إن الوافد على آسفي أول مرة ، يثير انتباهه نظافة مداخلها وشوارعها الرئيسية ، لدرجة يعتقد معها أنها أجمل مدن المغرب ، وما أن تطأ قدماه دروبها وحواريها الفقيرة حتى تخنقه روائح الأزبال ، ليطرح السؤال البديهي أين الشركة التي فوض إليها أمر نظافة مدينة آسفي ؟ وأين القيمة المضافة التي تحدث عنها المجلس السابق في إدارة تدبير النفايات ؟ وأين تدبير المرفق طبقا لأحكام وشروط دفتر التحملات ؟ وأين العربات والآليات والمستخدمين المؤهلين ؟ وأين المهنية في تدبير مرفق النظافة ؟ وأين الحملات التحسيسية للمواطن ؟ وملح الختام كم تتقاضى الشركة مقابل هذه الخدمة ؟ وما أن يعرف المرء الجواب حتى يصاب بالدهشة والإستغراب ، ذلك أن نظافة الجماعة الحضرية لآسفي تثقل كاهل الجماعة بأزيد من ثلاثة ملايير سنتيم سنويا ، تشكل إلى جانب مجال الدعم للوكالة المستقلة للماء والكهرباء والوكالة المستقلة للنقل الحضري حوالي 20 في المائة من مصاريف التسيير ، تكاد تفوق ما تحصله الجماعة كمتوسط من ضريبة الخدمات الجماعية في ظل المديونية الكبيرة التي تعاني منها الجماعة ، دون أن يكون لذلك أثر على أرض الواقع ، الشيء الذي يستنكره المواطن المسفيوي الذي يؤدي ضريبة النظافة دون أن يستفيد من نظافة محيطه وبيئته .
وقد سبق أن قامت المصالح التقنية في يوليوز 2009 بناءا على توجيهات المجلس بجرد التقصيرات والمخالفات في عملية جمع النفايات وكنس الأزقة ، وتقويم لائحة المخالفات طبقا لدفتر التحملات ، وذلك قصد تنفيذ الإجراءات الزجرية اتجاه الشركة ، حيث تم استدعاء المدير العام للشركة على مرحلتين ، حيث التزم بتنفيذ برنامج هيكلي يقوم على استبدال كل الحاويات وإضافة طواف ثالث لجمع النفايات بالمناطق التي تشهد عجزا كميا أو عدديا ، فضلا عن اكتراء آليات ثقيلة عند حصول الأعطاب وتنفيذ برنامج لمحاربة النقط السوداء وإضافة حاويات حديدية من حجم 5.5 متر مكعب ، والقيام بحملة لكنس الأتربة قبل موسم الأمطار ، والقيام بعمليات لجمع الأكياس البلاستيكية بجوار المناطق الخضراء وبجوار المطرح البلدي غير أن الشركة لم تنفذ إلا القليل مما تعهدت به.
أما ممثل الشركة على المستوى المحلي ، فقد ألقى هو الآخر عرضا أمام أنظار المجلس السابق ، التزم فيه بإعادة النظر في انتشار الحاويات مع تقديم ورقة مفصلة عن التوزيع الجديد ومعالجة محطات الحاويات الحديدية وتعميم قطاع الكنس باليد العاملة ، ودعوة المجلس لاتخاذ مقرر في أصحاب العربات والشاحنات الني تفرغ حمولات الأتربة والمخلفات النباتية فوق البقع الفارغة أو بجانب الطريق ، مضيفا أن الأسواق العشوائية والعربات المجرورة والميخالا وعمليات إتلاف و إحراق الحاويات وسرقتها كلها عوامل تعرقل عمل الشركة . وإن كنا لا ننكر تماما مسؤولية المواطن في تردي وضعية النظافة بآسفي ، وتحميله جزءا من المسؤولية بسبب انتشار عشرات الأسواق العشوائية ، ووجود عائلات بآسفي تعيش على النبش والتفتيش في حاويات الأزبال بغية عزل النفايات خاصة الورق والكارتون بكل مشتقاته والزجاج والخرق البالية وبعض المعادن بهدف الإستهلاك الشخصي أو إعادة تدويرها أو بغرض بيعها، علاوة عن وجود العديد من أصحاب العربات الذين يبحثون لماشيتهم عن الخضر ويتسببون في إتلاف الحاويات ، غير أن كل ذلك لا يعتبر سببا وجيها ينفي عن شركة فيوليا مسؤولية التقصير ، ذلك أنها عندما تعاقدت مع الجماعة الحضرية لآسفي بهذا المبلغ الكبير فإنها تتحمل مسؤولية الصعوبات المتعلقة بهذه الخدمات ، وبالتالي ضرورة تعزيز أسطولها بالعتاد والموارد البشرية الكافية ، و عدم ترك الأزبال في الحاويات تتجمع مثل الجبال وأن تسرع في حملها بعيدا عن الميخالا وأصحاب العربات ، أما أن تتسلم هذه المبالغ دونما القيام بالواجب كما يتضمنه دفتر التحملات ، فهذا يجعل مسؤولية المجلس الحضري لآسفي قائمة دفاعا عن حقوق المواطن المعرضة دوما للتقصير ، وعليه اتخاذ ما يلزم من قرارات وتفعيل الجزاءات في حق الشركة أو الدعوة لطلبات عروض جديدة ما دام أمر العودة للتدبير المباشر للنفايات ضربا من المحال ، بعد أن أصبحت الجماعة لا تتوفر حتى على " برويطة " على حد تعبير أحد المستشارين ، وهي واحدة من الأخطاء التي ارتكبت في المجلس السابق .
وضعية كهذه جعلت الساكنة تعمها حالة من الاستياء بسبب تردي مستوى خدمات الشركة. وبحسب الشكايات التي أرسلت للجهات المختصة فقد أجمعت على أن الشركة لها مقاييس في التعامل مع الأحياء إذ نجد أحياءا نظيفة مثل وسط المدينة والمدينة الجديدة والحي الإداري ، وأخرى متسخة حسب تصنيف تبعية الأحياء بين الشمال والوسط والجنوب ، حيث نجد منظورا آخر للتدبير في عوالم التهميش ، حاويات مكسورة و متعفنة لم تعرف شيئا اسمه الماء والصابون ، وحولها جبال من مخلفات البناء والأزبال ، وعلى سبيل المثال لا الحصر ما يحدث بجوار مدرسة الباهية قبالة المنزل الكبير حي كاوكي المجموعة 8 ، حيث أن ساكنة هذا الحي الفقير المهمش ، تكاد تكون محكوم عليها بالتعايش اليومي مع الروائح الكريهة وجحافل الدباب والصراصير ومخلفات الأزبال والبناء ، وكأن أمر انتمائها إلى الجماعة الحضرية لآسفي لا يعدو استخلاص ضريبة الخدمات الجماعية.
ويجدر بالذكر في هذا الصدد أن أعضاء من المجلس الحضري لآسفي الحالي المنتمين لكل الطيف السياسي بالمجلس ، انضموا إلى صفوف الغاضبين والمحتجين على خدمات الشركة المفوض إليها ، حيث تم لأول مرة في المجلس الحضري الحالي تفعيل المادة 53 المتعلقة بالجزاءات بعد مخالفة الشركة للبنود التعاقدية تم تقييم مبالغها حسب جدول العقوبات ( انظر الجدول) وكذا العودة مجددا لعملية الميزان والتخلي عن عملية التعويض الجزافي التي أقرها المجلس السابق في 2007 ، بعد أن صارت أكوام الأزبال تبعث على الاشمئزاز، سيما أنها تتحول في فصل الصيف إلى مصدر لروائح كريهة تزكم الأنوف ، فأينما وليت داخل دروب وحواري آسفي إلا وأثار انتباهك مشهد الأزبال التي تبقى في مكانها تنشر روائحها الكريهة في انتظار طلعة شاحنة الأزبال التي قد تأتي بعد أن يكون المكان مطوقا عن آخره بالأزبال ، وتصبح مهمة الجمع والنقل أمرا لايطاق ، حتى أن المواطنين ونتيجة التأخير في نقل الأزبال يجدون أنفسهم مضطرين لوضع نفاياتهم أرضا ، عندما يجدون الحاويات ممتلئة عن آخرها وقد فاضت بالأزبال لتملأ المحيط المجاور ، حيث يتعذر معها الوصول للحاويات والصناديق الحديدية ، لأن شاحنة الجمع والنقل لا تأتي إلا مرة واحدة في اليوم ، ولعل الإبقاء على رحلة واحدة للتفريغ في اليوم فيه ضياع لمصالح الساكنة واقتصاد لمصاريف الشركة في البنزين والكازوال في ظل عدم انتظام رحلات التفريغ ، ناهيك عن أن 250 عامل للنظافة لا تسمح بتدبير ناجع للنفايات و كذا ضعف التعويضات المحددة في 600 درهما والتي كانت سببا في عودة العديد من العمال إلى الجماعة ولم يتبق منهم إلا 62 عاملا ، الشيء الذي يجعل العمال تحت رحمة العمل لساعات إضافية وكنس مساحات أطول ، وقطع حوالي 458 كلم بين دروب وأزقة آسفي ، في وقت يزداد فيه المجال العمراني اتساعا ، علما أن الشركة التزمت في السنة الثالثة بتعزيز أسطول الجمع بثلاث شاحنات لكنها اكتفت فقط بإضافة شاحنتين كما التزمت بإضافة ثلاث شاحنات لتعزيز قطاع الكنس لكنها اكتفت بإضافة شاحنتين فضلا عن أنها حذفت سبع شاحنات كانت مخصصة في جمع الأتربة والمخلفات النباتية وغسل الحاويات ، اضافة للأعطاب التي تلحق بالشاحنات دون وجود من يعوضها ، وهو مشكل مرتبط بصيانة المعدات التي تعتبر إحدى الأسباب الرئيسية لتدهور بيئة آسفي وتراجع خدمات الشركة ، إذ لايكفي أن نشيد ونوسع الرقعة الحضرية لآسفي دون الأخذ بعين الاعتبار مشكل صيانة المعدات التي هي في حاجة ماسة إلى التجديد والإصلاح المستمر ، حيث ظهر جليا أن الشركة لا تتوفر على الآليات الكفيلة بتعويض الشاحنات المعطوبة وبرامج للصيانة ، كما أن النقص في الآليات المستعملة للتطهير يجعلها تتعرض لضغط شديد بفعل الاستعمال اليومي المكثف ، نتيجة وضعية الطرق التي تجعل من هذه الآليات تتعرض للتلف السريع ، رغم المجهود الكبير للمجلس الحالي في إصلاح طرق المدينة رغم محدودية الميزانية .
ويبدو أن عيد الأضحى الأخير كان بمثابة " البارومتر "الحقيقي لقياس مدى استعدادات شركة فيوليا في معالجة النفايات ، وخاصة خلال الفترة الصباحية بعد عملية الذبح حيث أصبحت الأزبال مطروحة في كل مكان بعد أن تضاعف وزن النفايات المنقولة لثلاث مرات عما كان عليه الأمر في الأيام العادية ، الشيء الذي كان يستدعي القيام باستعدادات مبكرة وجهود إضافية لا تتوفر عليها الشركة ، في غياب انعدام الوعي البيئي للساكنة ومحدودية إمكانيات الشركة وغياب التنسيق مع السلطات والجمعيات والوداديات ، من أجل بلورة مخطط مشترك يروم التحسيس من أجل يوم عيد بآسفي من دون أزبال عبر اشهار اللافتات التوعوية وتوزيع المنشورات والملصقات بالأماكن العامة .
خلاصة:
يلاحظ أن نظام التدبير المفوض الذي أخذت به الجماعة الحضرية لآسفي ، لم يستطع أن يحد من المشاكل المتفاقمة ، إذ أن الشركة المفوض إليها لم تقدم الإضافة المطلوبة ، حيث سجلت خدماتها تراجعا ملحوظا حتى أن التكلفة المالية أكبر بكثير من الخدمات المنجزة على الأرض . وإذا كان البعض لا يزال يدافع عن تجربة التدبير المفوض بآسفي ، فإن المواطنين شرعوا في محاكمة هذه التجربة الفاشلة من خلال الاحتجاجات والبيانات والشكاوي والعرائض وبيانات الجمعيات الحقوقية ووداديات الأحياء ، وفي ذلك دليل واضح عن الفشل الذي تواجهه هذه التجربة بآسفي وغيره ، ونعتقد أن السبب في ذلك يعود بالأساس إلى ضعف المراقبة ومحدودية الإمكانيات ، والتباين الواضح في أهداف الجماعات ورغبات الخواص ، فإذا كانت الجماعات تهدف إلى تلبية حاجيات ساكنيها والقيام بالدور المنوط بها وفقا للميثاق الجماعي ، وبالتالي غياب معطى الربح أثناء عملية تدبير النفايات ، اللهم إذا استثنينا ضريبة النظافة ، فإنه على العكس من ذلك يعتبر هاجس الربح المادي هو الركيزة الأساسية بالنسبة للخواص ، مما ينتج عنه تهميش الجانب الإيكولوجي وتدهور البيئة الحضرية المحلية بجميع مكوناتها . فكيف يستطيع المجلس الحالي أن يدبر مرفق النظافة في ظل الديون التي تراكمت عليه حتى وصلت إلى أربعة ملايير ونصف وكذا التراجع الملحوظ في خدمات شركة فيوليا ؟ . وهل سيتقيد المفوض إليه الجديد ببنود دفتر التحملات المعدل أم أن دار لقمان ستبقى على حالها ؟

جدول المعطيات الأساسية من سنة 2011 إلى غاية 2018
2011 2012 2013 2014 2015 2016 2017 2018
عدد السكان 319708 326421 3276 340275 347421 354717 362166 369771
كمية النفايات المنزلية (طن/سنة) 55546 56712 57904 59119 60361 61628 62923 64244
كمية النفايات المشابهة لها (طن/سنة) 9802 10008 10218 10433 10652 10876 11104 11337
نسبة الجمع 100/. 100/. 100/. 100/. 100/. 100/. 100/. 100/.
كمية الإنتاج الإجمالي (طن/سنة) 65348 66720 68122 69552 71013 72504 74027 75581
المصدر الجدول رقم 1 ص 5 المادة 10 معطيات عامة من دفتر التحملات المعدل للجماعة الحضرية لآسفي المترجم إلى العربية في سابقة هي الأولى من نوعها وطنيا .
جدول العقوبات في حالة المخالفات : يؤدي المفوض إليه تعويض يومي للجماعة يساوي مايلي :

نوع المخالفة مبلغ الجزاء بالدرهم عن كل يوم
قطاع لم يتم به الجمع أو الكنس 10000
عدم تسليم التقارير السنوية داخل الآجال المحددة في العقد 5000
ترك النفايات في مكانها ( عدم الجمع والكنس) أو تجميع معيب لها ساعتين بعد تبليغ المفوض عن ذلك 5000
عدم التزود بعربة أو عدم تعويضها بعد ساعتين بسبب عطل (دون الإشارة القبلية من لدن المفوض) 2500
عربة تم اعتبارها ملوثة ولم يتم تعويضها فيspan style="font-family: Aharoni; color: black; font-size:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.