تقديم:ارتأينا في هذه الورقة البيداغوجية أن نطرح على المهتمين بالفعل التربوي التكويني وجهة نظر احد أقطاب ديداكتيك الرياضيات بفرنسا "اندري انتيبي"، و المتعلقة بالمقبرة الثابتة LA CANSTANTE MACABRE و مدى تأثريها على الفشل الدراسي للمتعلمين، و لا ندعي من وراء هذا العرض لمحتوى مقاربته في الكتابين الصادرين مؤخرا، تأكيد توافقنا المبدئي و النهائي مع هذا النظرية البيداغوجية المتفشية و بحدة في قراراتنا التقويمية لنتائج الفئات المستهدفة في منظومة التربية و التكوين، و إنما رغبتنا في إثارة نقاش موضوعي حول خلفياتها النظرية و التطبيقية، و مدى قدرتنا كفاعلين تعليميين على مقاومتها كمتغير سلبي في ممارستنا الديداكتيكية، خصوصا عندما ننساق و بشكل إكراهي نحو برمجتها استجابة لترقبات سلطة القرار التربوي التكويني داخل المجتمع المغربي، بممارسة الإصطفاء و الإقصاء على كل متعلم تخلف عن الركب التربوي التكويني أثناء وضعية التقويم، و الحكم عليه بالتالي بالفصل أو التكرار كإشهاد سواء على سوء كفاياته و عدم تحقيقه لعتبة النجاح المبرمجة او على مستوى عدم انضابطه و احترامه للسلوك المدني المراهن عليه داخل مدرسة النجاح. و تتقاطع وجهة النظر هاته في بعض مقوماتها البيداغوجية مع ما طرحناه في كتابنا [ المدرسة المغربية و رهانات الحراك المعرفي 2004] حول الأدوار الإستراتيجية للفاعل التعليمي التربوي، و التي حددناها في المواصفات التالية: · أن يكون مناضلا بيداغوجيا، · ان يكون حراكا معرفيا، · أن يكون مدبرا للاختلافات المعرفية، · أن يكون مقلصا للفوارق الفردية و السوسيووجدانية الموجودة بين المتعلمين، · ان يتحلى بمواصفات المكون و المربي، و ليس بصفة المدرس و الحاكم الذي يصدر قراراته الزجرية على جماعة الفصل عبر ممارسته الإصطفاء على متعلميه، و ذلك بإقحامهم و بشكل بيروقراطي و تعسفي في عتبة الفشل الدراسي نتيجة سوء تحصيلهم الدراسي و سوء امتثالهم للقانون الداخلي للمؤسسة. إيمانا منا حتى لا نكون بيداغوجويين تقنيين بوجود متغيرات كثيرة أخرى ذات مستوى هيكلي مازالت قائمة كحقيقة سوسيولوجية في بينة مدارسنا المغربية، و لها علاقة بظاهرة الفشل الدراسي، الذي يشكل موضوعا مركزيا في هذه الورقة، نذكر من بينها على سبيل المثال لا الحصر: · مشكل الاكتظاظ؛ · وضعية الأطفال المشكل؛ · ضعف و تباين المستويات المعرفية و المهارية لدى المتعلمين؛ · طغيان التوجهات البيداغوجية التقليدية في الممارسة الديداكتيكية؛ · غياب التحفيز؛ · محورة وضعيات التقويم حول المضامين عوض الكفايات الأساسية؛ · تسييج وضعيات التقويم الاشهادي بترسانة من القوانين التنظيمية و التشريعية؛ · الفقر البيئي الثقافي و الاقتصادي داخل أوساط الأسر المعوزة التي ينتمي إليها الأطفال الذين يعانون من صعوبات تعلمية؛و قد تكون اللائحة طويلة في تشخيص و عرض العوامل المساهمة في تفشي ظاهرة الفشل الدراسي كما هي موضحة في مجموعة من الدراسات الأكاديمية التي تنتمي لحقل السوسيولوجيا و السيكوسوسيولوجيا، و أيضا في تقرير مجلس الأعلى للتعليم، و في برنامج المخطط الاستعجالي المؤجرأ حاليا. و في ضوء ذلك سنحاول عرض وجهة نظر "اندري انتيبي" في موضوع "المقبرة الثابتة"، انطلاقا من محاولة الإجابة عن التساؤلات التالية: أولا: ماذا يعني "اندري انتيبي" بالمقبرة الثابتة من الناحية البيداغوجية؟. ثانيا: لماذا وجب علينا كفاعلين تعليميين و تربويين النضال ضد هذه المقبرة الثابتة؟. ثالثا: ما العلاقة القائمة بين المقبرة الثابتة و الفشل الدراسي؟.قبل الإجابة عن هذه التساؤلات الثلاث سنقوم بعرض وجهة نظر الاتجاه السوسيوتربوي الفرداني الذي يتبناه كل من "محمد الشرقاوي" في كتابه "المفارقات في النجاح المدرسي"، و مقاربة "ريموند بودون" من خلال أطروحته حول " اللاتكافؤ في الفرص التعليمية"، حيث يذهب هذا الأخير إلى اعتبار بأن النجاح المدرسي و الفشل المدرسي، تتحكم فيهما المتغيرات المدرسية و البيداغوجية أكثر من المتغيرات السوسيواقتصادية، لان الأصل الاجتماعي إذا كان يتحكم في السنوات الأولى من الحياة المدرسية للطفل المتعلم و يؤثر سلبا في مساره التعليمي التعلمي، فإن مفعوله يتناقص تدريجيا كلما انتقل المتعلم إلى الأسلاك التعليمية العليا، كالثانويات والجامعة و المعاهد العليا و عن كانت المسألة بنسب ضعيفة، و لكنه يترك هامش التدخل لبنية الهيمنة خصوصا على مستوى الحصول على الشغل و الوظيف. و من هذا المنطلق السوسيولوجي التربوي تتضح لنا متغيرة "المقبرة الثابتة" في التأثير السلبي الذي تمارسه حسب وجهة "اندري انتيبي" على طموحات الشباب في متابعة دراستهم على المدى البعيد، خصوصا عندما يجدون أنفسهم أمام معايير تقويمية ذات بعد اصطفائي و تراتبي مرهونة لهاجس النقطة الممنوحة من طرف المدرسين و التي تعتمد على مبدأ الاستحقاق و التقسيم التعسفي.1 . ماذا يعني " أندري انتيبي " بالمقبرة الثابتة؟ حسب وجهة نظر" اندري انتيبي" هي خلفية نظرية يسلم بها المدرس و يمارسها كإرث شعوري تقليدي أو لاشعوري لتصنيف المتعلمين إلى ثلاثة أصناف و بشكل إكراهي و إلزامي استجابة بطبيعة الحال لترقبات سلطة القرار التربوي التكويني داخل المجتمع: · المتعلمون الممتازون، · المتعلمون المتوسطون، · ثم المتعلمون الضعاف المبرمجون للفشل الدراسي. لنوضح أكثر هذه المسلمة: نلاحظ في عقليات رجال التربية و التكوين خصوصا أثناء اقتراح وضعية تقويمية لمادة محددة، يقول "انتيبي" بأن أغلبيتهم ينساقون نحو وضع وحدات او أسئلة تقويمية ذات مستوى تعجيزي و تصنيفي، حتى لا يحصل جل المتعلمين على نقط ممتازة، و هو سلوك أنوي ذاتي موجود في سلوكات و ردود افعال المدرسين، مفاده حصولهم من جهة على رضا المفتش و المدير، ومن جهة أخرى تجنب كل الاتهامات التي يمكن أن توجه إليهم من طرف الآخرين بدعوى انهم متساهلون و أكثر سخاء مع المتعلمين أثناء منح نقط مرتفعة.لنتصور أننا نتعامل مع أستاذ قسم متميز من الناحية البيداغوجية و الديداكتيكية و المعرفية، يشرف على تدريس جماعة فصل متجانسة نسبيا من الناحية المعرفية و المهارية، و ذا عطاء فعال سواء أثناء شرحه للدروس، و معالجته للتعثرات المشخصة من طرفه، أو أثناء القيام بانجاز اختبارات تقويمية لجماعة الفصل هاته، بحيث يحصل جلهم على نقط جيدة، فماذا سيقع في مثل هذه الوضعية؟ و ما هي نوعية الاتهامات التي توجه له من طرف الزملاء و الإدارة و المجتمع المدني؟؛ أكيد انه سينعت بالأستاذ المتساهل و الأكثر سخاء في منح نقط مجانية لجماعة فصله بدون استثناء. فمثل هذه الردود الانفعالية واردة بكثرة في نظامنا التربوي التكويني، و معاشة بشكل تقليدي في المؤسسات المدرسية بمختلف اسلاكها ، و هي ناجمة أساسا عن وجود عقليات تحاول أن تنحو نحو شرعنة النسب المائوية المبرمجة للنجاح بالإبقاء على ثلث من المتعلمين الناجحين و ثلث من المتوسطين ، ثم ثلث من المتعلمين الفاشلين دراسيا بالرغم من المجهودات التي تبذلها هذه الفئة الأخيرة في تحصيلهم الدراسي. و بذلك تدخل هذه النسب المأوية للنقط الضعيفة ضمن ما أسماه "اندري انتيبي" "بالمقبرة الثابتة" و التي تعكس لا محالة أحد العوامل الأساسية المساهمة في الوضع المازمي لمنظومات التربية و التكوين داخل مجموعة من المجتمعات العالمية؛ 2. لماذا وجب علينا كفاعلين تربويين النضال ضد المقبرة الثابتة في أفق القضاء عليها؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال المركزي، يشير "اندري انتيبي" بأن القضاء على المقبرة الثابتة ليس موكولا فقط للمدرسين كفاعلين تربويين و تكوينيين، و إنما هو مناط بكل الفعاليات التي تنتمي للمجتمع المدني، من أحزاب سياسية و منظمات نقابية و حقوقية و فيديراليات الآباء، و كل المهتمين بمنظومة التربية و التكوين سواء من بعيد آو قريب؛ ذلك لأن ظاهرة المقبرة الثابتة تنخر الأنظمة التربوية و التكوينية بشكل سافر، بل تعتبر من احد العوامل الأساسية في تفشي ظاهرة الهدر المدرسي، و في الإقصاء المبكر للمتعلمين للشارع آو لملاجئ اصطناعية و مفتعلة و مؤقتة نتيجة فشلهم الدراسي، و إحباطهم نفسيا بدعوى كونهم غير مؤهلين من الناحية المعرفية و المهارية لتحقيق نتائج ايجابية مستقبلا.فأحيانا نفكر بشكل لاشعوري بأن عملية تشتيت النقط هي ظاهرة طبيعية، و كأننا نقيس بذلك وزن كل شخص، و هذا غير صحيح من الناحية البيداغوجية. قد يبدو الأمر طبيعي في حالة ما إذا قمنا باختبارات مقننة أجريناها على أطفال غير متمدرسين، و تقويمنا لنتائجهم و تصنيفها قد يبدو طبيعيا؛ نفس الشيء بالنسبة لقياس الطول و الوزن، فطبيعي أن يكون هناك اختلاف بين الأطفال من الناحية المنطقية، و شرعية التصنيف و الترتيب قد تبدوا قانونية من الناحية المبدئية، و لكن في المجال المدرسي الوضعية مختلفة تماما. لأن من مهام المدرس في تخطيطه الديداكتيكي، تمرير محتوى و إكساب المتعلمين الكفايات المستهدفة، و إذا ما حقق هدفه التعلمي[ او الكفايات الأساسية المستهدفة]، و هو ملزم بذلك من الناحية الديداكتيكية، فليس من المعقول أن تكون هناك نسب مائوية للنقط الضعيفة عبر أجرأة المقبرة الثابتة.لنبسط الأمر أكثر من خلال المثال التالي المتعلق بالحقيبة ذات العجلتين:فحاليا نلاحظ داخل المطارات و محطات القطار يقول انتيبي" حقائب سفر مدعمة بعجلات للتخفيف من عبء حملها على الأكتاف: · فكم من سنوات انتظرنا من أجل وضع عجلات تحث الحقيبة؟ · كم من شخص عانى من مشاكل الظهر نتيجة حمله للحقيبة غير المجهزة بالعجلات؟ · و كم من شخص تردد على الطبيب نتيجة حمله لها؟ · لماذا كان تفكيرنا التقليدي السابق ينساق نحو اعتبار أن العجلات لا توضع إلا وراء الخيول أو تحت العربة فقط و ليس تحث الحقيبة؟. فمثل هذه التساؤلات تشفع لنا الدعوة بتغيير اختياراتنا الديداكتيكية، و المطالبة بالقضاء على "المقبرة الثابتة"، و ليس القضاء على النقط كما يفهم البعض من وجهة نظرنا هاته؛ فلسنا مع حذف النقط يقول انتيبي و إنما الأساسي في نظرنا هو وضع معايير تقويمية موضوعية ذات مستوى متكافئ بالنسبة لجميع المتعلمين الذين يشكلون جماعة فصل؛ كما أن اعتماد اختيار منح نقط مرتفعة للجميع هو اختيار مرفوض، فالأساسي بالنسبة لنا هو تشجيع العمل الجيد و دعمه، و ليس عبر منح نقط مجانية للذين لا يستحقونها؛ إنما همنا الأكبر في هذه الورقة هو القضاء على المقبرة الثابتة عبر التخلص من منح النقط الضعيفة للمتعلمين خصوصا الذين يبذلون جهدا، أو يعتقدون من كونهم لم ينصفوا من طرف مدرسيهم؛ كما وجب علينا كفاعلين تكونيين عدم استغلال النقط كشكل من أشكال الردع و العقاب للمتعلمين الذين يمارسون الشغب بالرغم من المجهودات الفكرية و المعرفية التي يبدلونها أثناء انجاز وضعية تقويمية محددة؛ فمثل هذا السلوكات الانتقامية التي ينهجها بعض الأساتذة تساهم في تقويض العلاقة بين الفاعل التعليمي و المتعلمين، و في دفع المتعلمين إلى فقدان الثقة بأنفسهم، الشيء الذي يمكن أن تترتب عنها ردود أفعال سيئة قد تكون لها انعكاسات سلبية على مستقبلهم التعلمي أو الدفع بهم اكراها اللجوء الى العصيان و التمرد على المدرسة و على المدرسين من خلال ممارسة سلوكات عدوانية تجاههم، او اتجاه العالم الخارجي. · إذن كيف يمكن للفاعلين التربويين تدبير مشكل النقط الضعيفة و مساعدة المتعلمين الضعاف على تجاوزها؟كإجابة عن هذا السؤال المركزي، يشير "اندري انتيبي" لبعض الإجراءات البيداغوجية التي يمكن للفاعل التعليمي اعتمادها كإجراء وقائي ضد المقبرة الثابتة بشكل خاص، و ضد الفشل الدراسي بشكل عام، و يتعلق الأمر بموضوع التقويم القائم على عقد الثقة مع المتعلمين[ EPCCD ]، و هو إجراء بيداغوجي يقوم على ثلاث مراحل أساسية: 1. الإعلان عن برنامج التقويم، مع إخبار المتعلمين في بداية السنة الدراسية بنوع الاختبارات التي سيخضعون له؛ 2. تحضير وضعية ديداكتيكية تتيح لجماعة الفصل طرح أسئلتها حول سوء تفهماتها لبعض مقاطع الدرس غير المستوعبة من طرفها؛ 3. اقتراح وحدات سؤالية وفق معايير تقويمية متكافئة أي في متناول الجميع، عوض اللجوء لصياغة أسئلة تعجيزية ذات مستوى متاهي، لم يسبق لهم التدرب عليها أو غير مألوفة في زمنهم التعليمي التعلمي ، مع تصحيح الموضوع المقترح؛و بناء عليه، كيف يمكننا العمل على بناء هذا النوع من التقويمات في صيغة عقد مع المتعلمين خصوصا أولئك الذي يواجهون صعوبات أثناء وضعية الانجاز و التطبيق، و المعرضون للمقبرة الثابتة الممارسة من طرف المدرسين؟.لتفعيل التقويم القائم على عقد الثقة حسب وجهة نظر "اندري انتيبي" وجب اتخاذ الإجراءات التالية: 1. أولا يجب على المدرس أن يتخلص من فكرة كونه أستاذا يمارس الاصطفاء على متعلميه اعتمادا على مبدأ الاستحقاق، و أن يتمثل نفسه كمكون و مسهل و مبسط و معالج للتعثرات التي يواجهها المتعلمون عندما ينتجون فرضا مراقبا. 2. وجب على المدرس تحديد الكفاية الأساسية المستهدفة في وضعية التقويم النهائي، و إخبار المتعلمين بها تجنبا للتضليل و للمتاهات المصطنعة افتراضا. 3. ثانيا أن يحضر وحدات سؤالية في متناول الجميع كحافز لهم على بذل جهد أكثر ، عوض اعتماده على أسئلة معقدة و اصطفائية تفقدهم الثقة في أنفسهم، و تحدث لهم تروماتيزمات و صدمات نفسية قد تكون لها انعكاسات سلبية على حياتهم التعليمية المستقبلية [ و هو ما عبر عنه مجموعة من علماء النفس الذين عاينوا و باشروا عينة من المتعلمين الذي يعانون من نتائج المقبرة الثابتة "اندري انتيبي"]. 4. على الفاعل التعليمي ، أثناء صياغة أسئلة اختبارية، مراعاة بنود عقد الثقة المتفاوض في شانه بينه و بين متعلميه خصوصا: · على مستوى درجة الصعوبة التي تحتويها الأسئلة؛ · و على مستوى حجم الأسئلة و طولها و علاقاتها بالمدة الزمنية المخصصة للانجاز[ يتعلق الامر في هذه القضية بضحايا الأقسام التحضيرية الذي يعانون و بحدة من مضاعفات المقبرة الثابتة في غياب التقويم بواسطة عقد الثقة]؛ و في هذه الحالات المعتمدة كإجراء منهجي و ديموقراطي يشير "انتيبي"، سوف لن يكون الفشل الدراسي الذي سيقع فيه المتعلمون طلبة الأقسام التحضيرية جائرا، مادام جلاء بنود العقد قائم كحقيقة في ادراكات و ترقبات المتعلمين أثناء وضعية التقويم، و سوف لن تكون هناك احتجاجات أو صدمات نفسية جراء المواجهة الأولية للوحدات السؤالية المقترحة عليهم من طرف الأستاذ.إننا بالقضاء على ظاهرة المقبرة الثابتة يقول "اندري انتيبي" سنكون قد عملنا على تحقيق المتغيرات التالية: · سنحصل على متعلمين و طلبة اقل عرضة للازمات النفسية المبرمجة من طرف المؤسسة المدرسية بواسطة المقبرة الثابتة؛ · سنقلص من حجم عنفها المدرسي الرمزي التقويمي؛ · سنتيح للمتعلمين بذل جهد أكثر لتجديد الثقة في أنفسهم، و الحصول بالتالي على نتائج ايجابية قد تكون لها آثار مهمة على مستقبلهم التعلمي؛ · سنعزز الثقة لدى المتعلمين و الطلبة في العمل المدرسي و الاستمرارية في متابعة دراستهم؛ · كما أن ما يحفز أكثر على المثابرة و الاجتهاد هو النجاح و ليس الفشل الدراسي؛فمثل هذه التغيرات من الناحية الإستراتيجية و الديداكتيكية من شانها أن تسعى نحو دمقرطة التربية و التكوين، و فتح هامش التدارك و الاستعداد النفسي الاجتماعي لدى المتعلمين الذين يوجدون في وضعية صعبة من حيث التفهمات، لمواجهة وضعيات التقويم بثقة يقينية و بحزم ثاقب للإجابة على كل الوحدات السؤالية المطروحة عليهم دونما الشعور بالنقص أو التردد و الحيرة البيداغوجية المعتادة في ممارسة المقبرة الثابتة ذات البعد الاقصائي. 3 ما العلاقة القائمة بين المقبرة الثابتة و الفشل الدراسي؟ لقد أكدت مجموعة من الدراسات التي تهتم بالحقل الديداكتيكي على قيمة الاختيارات البيداغوجية المعتمدة من طرف الفاعلين التربويين في التقليص من حجم الفوارق البيداغوجية الموجودة بين المتعلمين، و ذلك من خلال اعتماد استراتيجيات بيداغوجية للتشخيص و الكشف عن طبيعة المتغيرات المتحكمة فيها و ممارسة بيداغوجيات تصحيحية و علاجية، في أفق منح فرص متكافئة لهم للتحصيل الدراسي الهادف. فمن خلال استقرائنا للواقع التربوي التكويني داخل بعض المجتمعات البشرية، غالبا ما نصادف مجموعة من المتغيرات التي تحكم أفعال السادة الأساتذة و المفتشين، و المتجلية بالخصوص في إصدار أحكام قيمة على متعلمين و طلبة تخلفوا عن الركب التعليمي التعلمي، أو حصلوا على نتائج سلبية أثناء وضعية التقويم، و تكون هذه الأفعال مصاحبة بنعوتات تقزيمية و تحقيرية تفضي بهم إلى الشعور بالنقص و الدونوية مقارنة مع زملائهم، على الرغم من كونهم يبذلون جهدا حسب إيقاعاتهم التعلمية، و حسب زمنهم التعلمي. و هذا السلوك التقليدي مع الأسف مازال ممارسا و بحدة في المؤسسات التربوية التكوينية و الذي ذهب ضحيته عدد كبير من المتعلمين و الطلبة الذين تسربوا من المدرسة نتيجة شعورهم بالنقص. إن هدفنا الاستراتيجي كمدرسين يقول "انتيبي" ليس ممارسة الاصطفاء على المتعلمين، عن طريق إصدار أحكام قاسية حيال أعمالهم، و ممارسة احباطات في حقهم، بالتنقيص من قيمة سعيهم و مجهوداتهم الفكرية و المعرفية كيفما كانت طبيعتها، و إنما هو تحفيزهم على الاجتهاد و بذل الجهد حسب إمكانياتهم الذاتية و الموضوعية، و بت الثقة في أنفسهم، و تشجيعهم على تجاوز الصعوبات التي تعتريهم اعتمادا على التصحيح و المعالجة. لأن ما يدفع بالمتعلمين للعمل و المثابرة ليس الفشل و إنما هو النجاح بمختلف أشكاله و تنوعاته، خصوصا عندما نعمل جاهدين على تطوير إرادة النجاح في سلوكاتهم اليومية.4. تخريج عام:تلكم خلاصة تركيبية للخلفية النظرية المتعلقة بالمقبرة الثابتة كما هي مطروحة من طرف دراسات "اندري انتيبي" و بعض مناصريه ممن حدوا حدوه في المطالبة بالقضاء عليها داخل الممارسات المهنية لرجال و نساء التربية و التكوين، لإنصاف المتعلمين و الطلبة المرتبين في أسفل لائحة التنقيط، و مساعدتهم على الاندماج مع المتن المعرفية و المهارية التي يروجها المنهاج الدراسي المقرر في الأسلاك التروية التكوينية، و هذا المنظور الذي يطالب بالقضاء على المقبرة التابثة، هو الآن محط نقاش في عدد كبير من المنابر البيداغوجية و الديداكتيكية الأوروبية، ما بين مؤيدين و معارضين لتوجهاتها البيداغوجية. و نأمل من رواء هذه الورقة المشروع أن تثير لدى القراء و الفاعلين المهتمين بالحقل التربوي التكويني بالمغرب، ردود أفعال حيال مقتضياتها و أبعادها و خلفياتها البيداغوجية في برمجة الفشل الدراسي لدى المتعلمين الضعاف، و التأثير السلبي الممارس بواسطتها على مستقبلهم التعليمي التعلمي، خصوصا و نحن مقبلين على اعتماد احد النماذج البيداغوجية المتعلقة بالوضعيات الإدماجية التي تعتمد في مستوياتها العامة على الكفايات الأساسية المبرمجة في كل سلك تعليمي، و التي من أهدافها الأساسية ضمان مبدأ التكافؤ في اكتساب و تعبئة المعارف و معارف العمل و معارف الكينونة و استثمارها و توظيفها لمعالجة وضعيات مشكل مركبة لها علاقة بكفايات الحياة المعيشية، اعتمادا على وضعيات تقويمية ذات مستوى إشهادي تخول للمتعلمين افتراضا الانتقال إلى مستويات عليا بدون معانات من خلفيات المقبرة ثابتة. André Antibi. La constante macabre ou comment a-t-on décourage des génération d élèves. Ed MATH Adore 2003.André Antibi. Les notes . La fin du cauchemar ou En finir avec la constante Macabre. Ed MATH Adore. 2007.