من بين أكبر المشكلات التي ابتلي بها الإعلام المحلي ، وكذا نظيره الوطني ، السرقات الموصوفة والمتعمدة وعن سابق إصرار وترصد للمواضيع والمقالات الفكرية و المجهودات العلمية ، وإعادة صياغتها بعد ” تفصيلها ” على المقاس ، وفي أحيان كثيرة إعادة نشرها كما هي بعد استبدال اسم صاحبها الحقيقي وتغيير العنوان الأصلي ، وهي عملية تنتشر بسهولة انتشار النار في الهشيم في جسم الإعلام المحلي وبالخصوص الالكتروني منه ، خصوصا مع الطفرة الإعلامية وسهولة الوصول إلى المقالات والكتابات الجادة ، كما أن سرعة ” النقل ” و ” تفصيل ” المادة المنتحلة بعد ” ترقيعها ” و ” إعادة خياطتها ” أو بالأصح ” إعادة تدويرها ” هي أيضا تتم بسرعة كبيرة ولن تحتاج إلا لبضع نقرات على الحاسوب ، وبالتالي أصبحنا أمام ” الصحافي النقال ” على وزن الهاتف النقال الذي لا يبذل أي جهد أو تعب سوى كتابة إسمه على المادة المسروقة وإعادة نشرها في صحف وطنية أو محلية أو مدونات إلكترونية ، كما أن مدراء النشر والمشرفين على منصات التدوين الالكتروني لا يكلفون أنفسهم مشقة فرز المواضيع أو مراجعتها علميا والتأكد من نسبتها لأصحابها الحقيقيين مادامت تغطي لهم النقص الحاصل والملحوظ في عدد الكتاب والمادة العلمية المراد نشرها . لقد ابتلي الجسم الصحفي والإعلامي عموما بأناس يمتلكون ” قالبا ” جاهزا يعيدون فيه صياغة جهود غيرهم ، ويستحوذون به على ما ينشرونه أو يكتبونه ، بدون إحالات مرجعية أو توثيق علمي ، وإذا كانت هذه الظاهرة المرضية منتشرة في صفوف الجامعيين والأكاديميين ويطلقون عليها أسماء مختلفة ( السرقات الأدبية ، السطو ، الإغارة ، الانتحال ، الانتهاك ، الغصب…) فإنها منتشرة بكثرة في الجسم الصحفي والإعلامي للاعتبارات السالفة . لا أحد ينكر وجود توارد الأفكار ، أو تشابه الخواطر ، ولا وحدة المصادر والمراجع ، ولا حتى التلاقي في بعض وجهات النظر أو التشابه في الخلاصات والاستنتاجات … لكن أن يتم نقل نصوص بأكملها ، ونقل الأفكار والجمل بحذافيرها ، وتتبع الكلمات والمصطلحات الأصلية حذو القدة بالقدة بنقطها وفواصلها وعلامات ترقيمها ، دون الإشارة إلى أصحابها ، فذلك شيء مخجل وغير مقبول خصوصا عندما يدعي المنتحل أنه ” صحافي” و ” كاتب رأي ” . وفي الأخير نردد مع طرفة بن العبد : ولا أغير على الأشعار أسرقها عنها غنيت وشر الناس من سرقا .