شرعت شركة "إيغل هيلز" الإماراتية، في بناء فندق و إقامات فاخرة على مستوى الميناء الترفيهي “مارينا طنجة” ، وهو ما لم يحترم قوانين التعمير و العمق التاريخي لعاصمة البوغاز حسب رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين. الرابطة و في تقرير لها ، التمست أن يمتد قرار هدم إقامات فاخرة بمنطقة تغازوت ضواحي أكادير ، إلى ” طنجة المثخنة بالجراح بسبب خروقات التعمير التي ترقى إلى مستوى الجرائم (العمرانية والبيئية والتاريخية..)”. و ذكرت الرابطة ، أنه ” في الوقت الذي تعد فيها الجهات المسؤولة بخلق مشاريع التنمية المستدامة وتغيير وجه المنطقة وتحقيق الرفاه وخلق الثروة، يتم تنزيل مشاريع غير واضحة المعالم، بعيدة كليا عن المعايير القانونية، متجاهلة البعد المستقبلي وحقوق الساكنة في البيئة السليمة.. والمثال هو مشروع الميناء الترفيهي الذي يطرح أكثر من علامة استفهام بسبب الرؤية التي يراد فرضها على تصميم المدينة التاريخية ضدا على أرادة الساكنة وعلى حساب الموروث الثقافي والتاريخي للمدينة”. و اعتبرت أن ” هذا المشروع الذي قدم على طبق من ذهب إلى الجهات المستثمرة، ترك مجالا كبيرا للمناورة والتلاعب بالمساحة المخصصة للمشروع ..ويكفي أن المشروع قد استحوذ على الملك البحري الذي يعد ملكا عموميا وإرثا لكل الأجيال، حيث يمنع تفويته إلا في إطار المصلحة العامة، فبالأحرى أن يتحول إلى أملاك للخواص.” وتتجلى خطورة هذا المشروع حسب الرابطة ، في انعكاساته السلبية على البيئة وعلى المجال العمراني الذي يعد امتدادا لنسيج المدينة في علاقتها بالبحر. إذ لم يعد الأمر مقتصرا على المرافق السياحية المتعلقة بالميناء الترفيهي، لأنه تم إقحام جسم غريب داخل التصميم المخصص للبنيات التحتية، وهو إحداث حي سكني على مساحة واسعة مغطاة بمباني عالية من أربع طوابق، مما سيشكل تشوها عمرانيا لا مثيل له، وخرقا سافرا لقوانين التعمير، وقانون الساحل.” “بل سيشكل ضربا للموروث الثقافي التاريخي لمدينة طنجة التي ارتبطت بالبحر وبالمنظر العام المنفتح على الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط، حيث يتم بشراسة استهداف ذلك المشهد البانورامي الذي سيتم القضاء عليه بعد نصب حاجز صخري من العمارات بهذا الشكل الذي يخنق الأنفاس” تقول الرابطة في تقريرها. و أضافت أنه ” تكسرت الرؤية والمنظر العام في كل الاتجاهات، حيث اختفى الميناء نفسه وكذلك البوغاز ، وكذلك جبال الساحل الجنوبي من إسبانيا، بل حتى معالم المدينة أصبحت تتوارى خلف كثافة البناء الذي يتم فرضه في هذه المنطقة بشكل مخالف للتصميم الأصلي للمشروع الذي ينص على عدم حجب الرؤية والنظر إلى البحر، ثم التقليص من كثافة البناء”. والأخطر من ذلك، يورد التقرير ، هو أن “هذا المشروع الذي أقيم على حساب فضاء الميناء التاريخي وكذلك الشاطئ البلدي، ما زال القائمون عليه يطمعون في الحصول على المزيد من المساحة الأرضية، وذلك من خلال الزيادة في التوسع داخل الشاطئ إلى حدود شارع بتهوفن قبالة فندق الموحدين حسب ما كشف عنه تصميم التهيئة الأخير الذي يراد تمريره بعد المصادقة عليه من طرف المجلس الجماعي الصامت الذي أصبح شريكا في هذا المخطط الخطير، مما يعني أن هذا الشاطئ الذي فقد أزيد من 50 %من المساحة الكلية بسبب التأثيرات العمرانية والتحولات البيئية، سيتعرض للمزيد من الابتلاع والتفويت لفائدة هذه الجهات التي لم تعد ترى في الأفق إلا مصالحها”. و أضافت أن ” المخطط الثالث الذي لا يقل خطورة أيضا، فهو مشروع القطار المعلق الذي يحلم به المسؤولون بعيدا عن الواقع والمنطق، علما أن المسافة بين الميناء ووسط المدينة جد محدودة، كما أن تضاريس المدينة ليست في المستوى الذي يتطلب استعمال هذه الوسيلة بسبب غياب الارتفاع .. والشيء الإضافي هو أن هذا المشروع سيتم على حسب الملك العمومي المحدد في موقعين أثريين لا يمكن استباحتهما، أولها فضاء منتزه سور المعكازين الذي يمثل عين المدينة على أوربا. والثاني البرج الموجود في القصبة والتي يمثل أول محطة للأرصاد الجوية بالمغرب، حيث يتضمن المشروع ربط القطار بهذين الموقعين انطلاقا من الميناء بهدف نقل السياح، مما سيؤثر من جهة على المنظر العام الذي سيعاني من التشوه بسبب التلوث البصري، ثم التضييق على الموقعين واحتلالهما وتحويلها إلى ملك خصوصي”. الرابطة ناشدت “السلطات العليا بالتدخل لفتح تحقيق في هذا المشروع الذي يحتاج إلى تصحيح مساره وتقويم اعوجاجه بالشكل الذي يحافظ على وجه المدينة وحقوقها التاريخية باعتبارها تراثا إنسانيا .. وكذلك تجنب عوامل الفشل المحتمل بسبب تركيز المشروع على جوانب لن تستفيد منها المدينة، لأنه كيف يتم تحويل الميناء إلى منطقة سكنية، وكيف يتم استهداف الشاطئ الذي يعد أحد معالم المدينة الرئيسية، مع العلم أنه لا وجود لطنجة بدون بحر”. كما طالبت “منتخبي المدينة وهيئات المجتمع المدني للتعبير عن الموقف اللازم تجاه ما يتم تنفيذه على أرض الواقع بشكل يتناقض كليا مع مصالح المدينة ومع الشعارات التي يرددها المسؤولون” ، مذكرةً ” المجلس الجماعي الحالي الذي يلتزم الصمت تجاه هذه القضية بالموقف الشجاع للمجلس البلدي لفترة التسعينيات حينما انتفض ضد قرار تمديد الميناء داخل الشاطئ وعارض ذلك المخطط آنذاك، فظل المشروع معلقا إلى أن حلت الفرصة المناسبة، فرصة الصمت المطبق والقبول بكل ما يقرر لهذه المدينة من الأعلى رغم النتائج الكارثية التي لا تخطئها العين”.