قالت محللة السياسات التربوية بمديرية التربية والكفاءات بمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، سمية مغنوش، اليوم الأربعاء بالرباط، إن المنظومة التربوية بالمغرب مدعوة إلى تحسين مكتسبات التلاميذ التعلمية، التي تظل دون متوسط الأداء الدولي المعتمد من طرف المنظمة. وأكدت مغنوش، في لقاء صحفي عقدته بوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي لتقديم قراءة في نتائج أداء التلاميذ المغاربة في البرنامج الدولي لتقويم التلاميذ “بيزا”، أن أغلبية التلاميذ المغاربة حصلوا على نتائج تحت العتبة 2 وهو متوسط المنظمة لتقويم التلاميذ، مسجلة أن الرفع من قدرات ونتائج التلاميذ المغاربة أمر ممكن جدا حيث نجت العديد من الدول في تحسين نتائجها على مدى سنوات. وأبرزت مغنوش أن المغرب حقق نتائج إيجابية في مجال الإنصاف في مجال التربية، مبرزة أن معدل قدرة النظام التعليمي المغربي على ضمان تعليم لجميع التلاميذ، بغض النظر عن وسطهم الاجتماعي والاقتصادي في تلقي تعليم ذي جودة كانت مرتفعة مقارنة بدول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأيضا بالمقارنة مع المتوسط المعتمد من قبل المنظمة. وسجلت أن الوسط السوسيو اقتصادي الذي ينتمي إليه التلميذ ليس دائما محددا للنتائج، إذ أن حوالي 13 في المائة من التلاميذ المغاربة، رغم انتمائهم لوسط سوسيو اقتصادي هش، تمكنوا من الحصول على معدلات صنفتهم في المستوى الأعلى في القراءة، في حين لم تتجاوز هذه النسبة في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عند أقرانهم من الوسط نفسه 11 في المائة. وأشارت إلى أن المعدل الوطني في مجال القراءة استقر في 359 نقطة مقابل معدل دولي بلغ 487 نقطة، في حين بلغ أعلى معدل على مستوى الدول المشاركة في الدراسة 555 نقطة سجلته الصين الشعبية، معتبرة ان هذا المعدل يظل ضعيفا نسبيا مقارنة مع الدول العربية المشاركة. وأوردت أن التلاميذ المغاربة حصلوا على 368 نقطة كمعدل وطني في مجال الرياضيات، مقابل معدل دولي بلغ 489 نقطة، فيما حققت الصين الشعبية مرة أخرى أعلى أداء على مستوى الدول المشاركة والذي بلغ 591 نقطة، مسجلة أن هذا المعدل المحصل عليه في اختبارات الرياضيات بالنسبة للتلاميذ المغاربة مرتفع مقارنة مع المعدل الذي تم تسجيله في اختبار القراءة، لكن يظل أيضا ضعيفا مقارنة مع الدول العربية المشاركة خاصة لبنان والأردن. وفي مجال العلوم، تشير مغنوش، حقق التلاميذ المغاربة معدلا وطنيا أعلى من معدل أدائهم في مجالي القراءة والرياضيات، حيث بلغ 377 نقطة مقابل المعدل الدولي الذي استقر في 489 نقطة. وقد بلغ الأداء الأعلى على مستوى الدول المشاركة 590 نقطة وحققه تلامذة الصين الشعبية. وأردفت أن البرنامج الدولي لتقويم التلاميذ “بيزا” يهدف إلى قياس قدرة التلاميذ على توظيف المعرفة في المواقف الحياتية اليومية التي يتعرض لها في المدرسة والبيت والمجتمع، ومقارنة مستويات وأداء التلاميذ والنظام التعليمي بالدول المشاركة في الدراسة. وتابعت أن البرنامج يروم قياس مستوى البيئة التعليمية، وقياس أثر البرامج التطويرية، ودعم صناع القرار والنظم التعليمية في تشخيص مجالات القوة والضعف لتحسين البيئة التعليمية، وتسليط الضوء على السياسات التعلمية بالبلدان المشاركة. من جانبه، أكد مدير المركز الوطني للتقويم والامتحانات والتوجيه بوزارة التربية الوطنية، محمد الساسي، أن المغرب يعتبر البلد الإفريقي الوحيد وسادس بلد عربي يشارك في هذا البرنامج الدولي لتقويم التلاميذ برسم دورة 2018، وهي دورة تروم تقويم أداء التلاميذ في القراءة كمجال رئيسي، بالإضافة إلى مجال الرياضيات ومجال العلوم و”الكفايات الكونية” كمجال جديد، وذلك إلى جانب 78 دولة تمثل مختلف القارات. وأشار إلى أن مشاركة المغرب في هذا البرنامج، في نسخته السابعة، جاء لتقييم أداء التلاميذ المغاربة وتكوين صورة واضحة على مستواهم، معتبرا أن هذه المشاركة تشكل المدخل الأساسي لتطوير الأداء الوطني للتلاميذ، ومناسبة لمقارنة أداءهم بأداء التلاميذ على المستوى الدولي. وأكد أن هذه الدراسة لا تقف عند مستوى رصد الأداء فحسب، بل تربطه بمحدداته والأسباب التي تفسر الفارق في أداء التلاميذ، مضيفا أن نتائج المغرب لا يمكن تصنيفها في خانة دون المستوى المنتظر باعتبارها أول تجربة ونموذجا فريدا داخل الوسط المغربي يفتح آفاق جديدة لتطوير المناهج الدراسية والممارسات الصفية. وأضاف أنه تم انتقاء حجم العينة الوطنية حسب ثلاث محددات، هي التوزيع حسب الجهات والجنس وصنف التعليم، مسجلا أن أغلب الدول ذات الأداء الجيد كانت ممثلة بتلاميذ مسجلين بالمستوى العاشر (المقابل لمستوى الجذع المشترك) والمستوى الحادي عشر (المقابل للسنة الأولى بكالوريا)، وهي كلها معطيات تستدعي تعميق تحليل النتائج الوطنية. وأوضح أن المقارنات المنجزة بهذا الخصوص أبانت أن 22 في المائة من تلاميذ العينة الوطنية كانوا يتابعون دراستهم وقت اجتيازهم للاختبارات الخاصة بالبرنامج بمستويي الأولى والثانية إعدادي مقابل 2 في المائة في الصين الشعبية، وأن 54 في المائة من تلاميذ العينة الوطنية كانوا يتابعون دراستهم بالسلك الإعدادي مقابل 40 في المائة كأعلى نسبة تم تسجيلها بالدول ذات الأداء المتقدم. يشار إلى أن حجم العينة الدولية للدراسة بلغ 600 ألف تلميذ وتلميذة، فيما بلغ حجم العينة الوطنية 6814 تلميذا وتلميذة ينتمون إلى 179 مؤسسة بالسلكين الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي، موزعين على الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين. وبلغت عينة المدرسين والمدرسات المشاركين في هذه الدراسة 3470. ويعنى برنامج “بيزا”، الذي تشرف على تنظيمه منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية كل ثلاث سنوات، بتقويم أداء المنظومات التربوية على المستوى الدولي من خلال رصد أداء تلاميذ الفئة العمرية 15 سنة في مجالات ثلاثة، وهي القراءة والرياضيات والعلوم، وذلك بغض النظر عن السلك أو المستوى الدراسي أو المسار التكويني الذي يسايرون به دراستهم أو تكوينهم.