أتذكر أنّه قبل سنة من الآن كنّا نتحدّث عن حصيلة العام 2011 في جميع المجالات، ونتطلع لما سيتحقّق خلال سنة 2012 بعين من الأمل والتفاؤل. واليوم ها نحن نصل نهاية 2012، ليتحدّث الجميع من جديد عن حصيلة هذا العام، ويتطلّع لما تحمله سنة 2013. كما لو أنّ الأمر مسلسل يتكرّر مع نهاية كلّ عام، في الرياضة كما في كلّ المجالات. كلّ ذلك كلام في كلام.. أرشيف يستخرج من الرفوف لتذكير الناس بشريط عام من الأحداث التي ولّت، وانتهى الأمر. لكنّ الأصل في الأمر يجب أن يكون أعمق من ذلك بكثير. نهاية السنة بالنسبة للشركات والمؤسسات التجارية مثلاً، هي محطّة مهمّة جدّاً للوقوف عند ما تمّ تحقيقه من أهداف وإنجازات. وتحديد الربح والخسارة بالتدقيق، لتخلص الإدارة في نهاية المطاف لنتيجة العام، إيجابية أم سلبية. وبعدها تضع خطّة عمل للسنة الموالية بناء على نتائج السنة الماضية، مع تحديد نقاط قوة و ضعف الشركة للتعامل معها. بل إنّ حتّى الإنسان العادي، له وقفت مهمّة مع نفسه في نهاية العام، ليقول ماذا حققت.. كيف و لماذا؟ ثم يضع خطّة للسنة الجديدة على المستويين الشخصي و المهني. فماذا عن الرياضة! هل سنكتفي دائماً بالتذكير بشريط الأحداث. أم سنبحث و"يبحثون" معنا عمّا قدّموه خلال عام من تسييرهم للرياضة؟ دعونا نتجاوز أمر الحساب للحظة، ونقول إن جرد أحداث السنة وإنجازاتها مهمّ أيضاً.. لنسلّم بالأمر هكذا. فماذا لدينا إذاً في شريط أحداث الرياضة المغربية خلال 2012. لا شيء إلاّ الفشل وراء الفشل والإندحار. ففي تونس سيقولون إن 2012 كانت محطّة رائعة لرياضتهم مع السبّاح التونسي العالمي أسامة الملّولي الذي توّج بميداليتين ذهبيتين في أولمبياد لندن. و في زامبيا، سيقولون بأن سنة 2012 كانت استثنائية لهم، بعد فوز منتخ بلادهم بلقب كأس أمم إفريقيا أمام منتخبات كبيرة في القارة السمراء. يحدث هذا بجوارنا في تونس و مصر و زامبيا.. وفي مصر سيقولون، لقد ربحت مصر دوري أبطال إفريقيا لكرة القدم مع النادي الأهلي الذي مثّلهم في مونديال الأندية باليابان بشكل مشرّف. أمّا في المغرب، فليس لنا ما نقول. برونزية يتيمة لعبد العاطي إيكيدر في الألعاب الأولمبية و تألّق فردي للأبطال المغاربة ذوي الإحتياجات الخاصة في دورة الألعاب البارالامبية. وبعد هذا.. فالباقي ترقيع للكلام، يغيب عنه الإنجاز الحقيقي والتتويج الملموس. للأسف حين نتوقف مع حصيلة الرياضة في 2012، نجد المغرب بلداً فقيراً. إنّه مغرب فقير، مغرب الرياضة. فالكرة المغربية دفنتها الجامعة وغيريتس في الغابون مع بداية 2012، بخروج مدلّ من الدّور الأول لكأس أمم إفريقيا، و الأندية الوطنية فقدت مكانتها القارية. وفي الألعاب الأولمبية جرّت الرياضة المغربية الفضائح بدل الميداليات، بعد توالي سقوط العدائين المغاربة في اختبارات المنشطات. أمّا المسابقات المحلية فتعيش الإنحراف بدل الإحتراف. والرياضة بأكملها تكاد تكون لا تتنفس، لكثرة مشاكلها التسييرية من الوزارة إلى الفرق مروراً بالجمعيات والجامعات. فماذا لدينا في شريط 2012.. للأسف لا شيء يذكر. و لهذا أعود لنقطة البداية، فبدل البحث في شريط الأحداث، وهي أحداث لا تسرّ و تفرح على أية حال، يجب على "صحاب الحال" التوقف للحظة، ليشرحوا لنا: "ماذا نريد من الرياضة؟" ويجيبونا إلى أين هم سائرون بها. فالرياضة ليست مجرّد لعبة وترفيه، بل إنّها جزء من إقتصاد البلاد، ووسيلة رائعة لترويج صورة البلد عبر العالم بشكل إيجابي. إنّها جزء من ثقافة وتاريخ البلاد. لهذا يجب التوّقف عن التعامل مع الرياضة كأنها مجرّد وسيلة ترفيه ثانوية دون أدنى أهمية لحصيلتها السنوية. ببساطة يجب تقديم الحساب، فلكلّ عمل حساب. فمن يحاسب اليوم على إخفاقات 2012، ومن يرسم خارطة عمل 2013 !؟ *هذا العمود ينشر أيضاً عدد يوم الإثنين من جريدة "المساء الرياضي" صفحة الكاتب على موقع فيسبوك للتواصل