ها هم بعض البرلمانيين يدخلون على خط المشاركة المغربية في أولمبياد لندن، فيقررون استدعاء وزير الشباب والرياضة ورؤساء الجامعات إلى المساءلة، على اعتبار أن ما حدث في العاصمة البريطانية شكل إحباطا للرأي العام الرياضي. ولكن هناك سؤال مهم. ماذا فعلت الأحزاب للرياضة المغربية حتى تكون منسجمة مع نفسها إذ تستدعي المسؤولين الرياضيين لتسائلهم في كل مرة عن الخيبات؟ لا شيء للأسف. فأغلب الأحزاب المغربية، بيمينها ويسارها ووسطها، وبلبيرالييها واشتراكييها وإسلامييها، لم تهتم لحال الرياضة في مغربنا، ودليل ذلك البرامج التي ظلت تتقدم بها إلى الانتخابات التشريعية، وخلت في كل مرة من الشأن الرياضي، كما لو أن الأمر يتعلق بشيء لا وجود له، أو على الأقل لا قيمة له. أكثر من هذا، فبالاستناد إلى إحصائيات كان قدمها الأستاذ منصف اليازغي، فإن الشأن الرياضي، على مدار ولايات حكومية، لم ينل في التصريح الحكومي إلا الفتات، بحيث أنه كان يشغل فقط بعض الأسطر، ويستتبع ذلك ميزانية هزيلة جدا، ومع ذلك فلم يكن أحد داخل البرلمان يقول "اللهم إن هذا منكر". وعندما جاءت نوال المتوكل، البطلة الأولمبية السابقة، إلى الوزارة، ولأن المطالب كانت ضخمة جدا، والحاجات حدث ولا حرج، فإن جزءا مهما من الميزانية الهزيلة كان يذهب في تجهيز الملاعب الكبرى، ولم يتسن للبطلة أن تفعل شيئا، اللهم المناظرة التي تليت فيها الرسالة الملكية الشهيرة. ما جد اليوم أن الدستور الحالي، الذي تواضع عليه المغرب أخيرا، هيأ للمسؤولين الحكوميين أرضية للتعاطي بشكل آخر مع الشأن الرياضي، على اعتبار أنه شأن ذو معنى، وينبغي الاهتمام به بطريقة تستجيب لاحتياجات الشعب. ومع ذلك، ففي الانتخابات الأخيرة لم يتضح أن هناك وعيا بقيمة الرياضة في المجتمع، سواء باعتبارها رافدا ثقافيا، أو قيمة حضارية، أو منزعا جسميا ونفسيا ضروريا، أو بوصفها مجمعا للقلوب والأهواء والأنفس، أو بما هي ضلع اقتصادي مهم جدا يمكنه الإسهام في التنمية بقوة. فكيف يمكن للبرلمان أن يكون منسجما مع نفسه في وضع كهذا، وهو لا يتحرك إلا عند كل مناسبة تتعلق بالخيبات، مستدعيا مسؤولا حكوميا أو رئيسا لجامعة ما، ثم ينتهي به الأمر إلى وضع اليد على اليد في انتظار ما سيأتي؟ إن المطلوب من البرلمان، وبالتالي من الأحزاب، هو التحرك بنشاط رياضي حقيقي، سواء تعلق الأمر بالتشريع، الذي يظل ناقصا، أو في ما يخص الخروج في زيارات ميدانية للاطلاع على أحوال الرياضيين، والإنصات إليهم، ومعرفة ما يلزمهم، ومدى ما يعانونه، وحينها سيكون منسجما مع نفسه. البرلمان يمكنه أن يفعل الكثير للرياضة المغربية، ولكن شريطة أن يعرفها عن قرب، أثناء التداريب، وفي الملاعب، وليس في جلسات تقرأ فيها الأرقام بشكل خاص جدا، ويتحدث فيها المسؤولون عن أشياء لا علاقة لها بما يحدث في الواقع.