يعتبر البرلمان أعلى هيئة دستورية يخول لها القانون حق مراقبة كل القطاعات الحكومية، خاصة فيما يتعلق بطريقة صرف الميزانيات. في هذا السياق، يلاحظ أن البرلمان المغربي يكتفي في غالب الأحيان، بمناقشة ميزانية الدولة العامة، ونادرا ما يبادر لتحليل ومناقشة الميزانيات الفرعية الخاصة بكل قطاع على حدى، بل إنه يتجاهل كليا مناقشة بعض القطاعات كما هو الحال في قطاع الرياضة والشباب، الذي يبقى بعيدا عن المراقبة والمسائلة فيما يتعلق بميزانيته الفرعية، وطريقة صرف مسؤوليه للمال العام. وعندما يبادر برلماننا لاستحضار هذا القطاع في أجندة مسائلاته واستفساراته سيما فيما يتعلق بقطاع الرياضة، فإنه يمر مرور الكرام، ولا يطرح في مناقشته سوى أسئلة حول نتائج بعض المنتخبات الرياضية، أو في أحسن الأحوال، يرفع صوته معبرا عن انزعاجه من المبالغة في قيمة ما يتقاضاه مدربو المنتخبات الكروية من رواتب عالية! في الحوار التالي، نستضيف عبدالمالك أفرياط المستشار البرلماني، وعضو الفريق الفديرالي للوحدة والديموقراطية، الذي يعتبر، حسب متتبعين للشأن البرلماني المغربي، أحد أبرز الأصوات التي رفعت دائما سؤال الرياضة وفرضته تحت قبة هذه المؤسسة التشريعية: { نادرا ما يحضر السؤال حول قطاع الرياضة تحت قبة البرلمان؟ صحيح، لا يحضر الشأن الرياضي كثيرا في المناقشات البرلمانية، ودائما كانت الرياضة بالنسبة للبرلمانيين، ليست سوى فصل من المكون الاجتماعي الوطني. لذلك، كان النقاش يشمل القطاع الاجتماعي بعموميته، وضمنه قطاعي الرياضة والشباب. وتبرز في بعض الأحيان، المسألة الرياضية لتستأثر بكل الاهتمام في البرلمان، خاصة في النكسات وفي ظل الإقصاء والنتائج السلبية، كما حدث مرارا مباشرة بعد خروج المنتخب الوطني لكرة القدم صاغرا من بعض التظاهرات الإفريقية أو الدولية. { لا يحضر النقاش حول التدبير المالي في قطاع الرياضة، وعندما يحضر السؤال حول المال، فالأمر يتعلق غالبا برواتب المدربين فقط؟ البرلمان يناقش الميزانية الفرعية للقطاع الرياضي، يسائل الوزير حول برنامج وزارته ومشاريعها، لكننا كبرلمانيين لا نتوفر على كل المعطيات الخاصة بالتدبير المالي، وكل ما يرتبط به، خاصة حقيقة الأرقام المالية المتداولة في التسيير الرياضي الوطني، أو المتعلقة بالتسيير على مستوى الجامعات الرياضية، وفي هذا الجانب بالذات، لن أكون مبالغا حين أؤكد أننا في البرلمان لا نمتلك أدنى إمكانية لمراقبة صرف المال العام في الرياضة الوطنية، سيما في الجامعات. { مع أن القانون ينص على إلزامية مراقبة مالية الجمعيات التي تتوصل بانتظام بمنحة يفوق مبلغها 10000.00 (عشرة آلاف درهم) مع وضع دفتر محاسباتي من طرف وزير المالية. بالفعل، ونحن كنا دائما نطرح استفساراتنا حول ضرورة القيام بافتحاص كل الجمعيات وفي مقدمتها الجامعات الرياضية. أذكر في هذا الإطار، أنني طرحت سؤالا داخل البرلمان حول مآل الافتحاص المالي الذي كانت بعض الجامعات الرياضية قد خضعت له، وتسائلت عن السبب الذي جعل الأمر يقتصر فقط على جامعات السباحة، كرة السلة وكرة الطائرة، في الوقت الذي تم تجاهل وإغفال جامعات أخرى كجامعة كرة القدم التي تتوفر على موارد مالية مهمة وتصرف الملايير من السنتيمات. وأكدت أن إصلاح القطاع الرياضي يبدأ من الوضوح ومن تطبيق القانون على الجميع. اليوم، مرت قرابة السنتين على قيام الوزارة بعمليات افتحاص مالية على كل الجامعات الرياضية، للأسف لم تعلن بعد التقارير والنتائج، ونحن في الفريق الفديرالي للوحدة والديمقراطية بصدد مناقشة هذا الموضوع في الدورات القادمة للبرلمان. { لوزارة الشباب والرياضة مواردها من المال العام، وصناديق توفر لها مداخيل عالية جدا؟ نعلم أن للوزارة مداخيلها وصناديقها، لكننا كبرلمانيين، وبكل صراحة، لا نتوفر على أية معطيات دقيقة خاصة بهذا الجانب. وأعتقد أنه حان الوقت لكي نبحث عن الوضوح وعن إجابات شافية في هذا الجانب.. سنحاول ذلك في الدورات القادمة، إذ لا يعقل وليس بمنطقي أن يظل الغموض سائدا وأن يظل الاطلاع على تلك الصناديق وعلى حقيقة كل الأرقام المالية المتداولة مستعصيا علينا نحن البرلمانيون، خصوصا المرتبط منها بالعقود التي تبرمها بعض الجامعات مع مدربين أجانب كما هو الحال في جامعة كرة القدم مثلا. { ما رأيكم في التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات واستثناءه للمؤسسات الرياضية؟ الاستثناء وعدم ورد الرياضة في التقرير، لا يعني أن الرياضة في شقها المتعلق بالتدبير المالي، سليمة وصحيحة، الأكيد أن هناك اختلالات وفساد، وأستغرب كيف يغمض المجلس الأعلى للحسابات أعينه عن مراقبة صرف المال العام في الرياضة الوطنية. سنطالب بعملية افتحاص مالي شامل في قطاع الرياضة.. وأكرر أننا، وبخلاف السائد في برلمانات الدول الأوربية، برلماننا يواجه صعوبات في التوفر على المعطيات وعلى المعلومات والوثائق.