كثرة انشغاله وسرعة تنقله صعبا الحوار مع ضيف "المغربية" محمد أوزين، وزير الشباب والرياضة، وبقيت أنتظر ذلك الوقت الذي سيخصصه للمقابلة حتى اللحظات الأخيرة قبل سفره إلى مدينة طانطان، ظهر يوم الجمعة الماضي. (كرتوش) تحدث الضيف أثناء الحوار بصراحة عن المتاعب التي تسبب فيها المدرب البلجيكي للمنتخب الوطني لكرة القدم، وعن سوء التنسيق بينه وبين كاتب الدولة المكلف بالمالية، إدريس الأزمي، الذي كاد أن يحدث أزمة حكومية بفعل تصريحه الذي قال فيه إن غيريتس لا يؤدي الضرائب على الدخل. وكشف أوزين ل"المغربية" أنه يريد أن تكون كل المعلومات المتعلقة بمهامه في وزارة الشباب والرياضة متاحة وسهلة الوصول إليها بالنسبة للجميع، وأن هذا ما جعله يدعو البرلمان إلى تشكيل لجنة للوقوف على حقيقة أن غيريتس يؤدي الضريبة على الدخل، تقتطع من أجره. وقال الوزير "إذا لم تعمل الحكومة على الالتزام بالوعود التي عبرت عنها في البرنامج الحكومي، سينجم عن ذلك إحباط لدى المواطنين، والنتيجة الحتمية لذلك، هي اتساع الهوة بين المواطن والحكومة، الناتجة عن أزمة الثقة". وأكد أن "الفريق الحكومي يسعى إلى استرجاع ثقة المواطنين، لأنه واع بأن الفشل في تحقيق الوعود التي جاءت بها الحكومة في التصريح الحكومي، ستدفع المغرب إلى المجهول". هل يوجد في وزارة الشباب والرياضة موظفون أشباح؟ - لا، إن الأمر يختلف في وزارة الشباب والرياضة، رغم ما راج من حديث أخيرا عن وجود موظفين أشباح، فالحقيقة هي أن الوزارة لديها قانون يعطي الحق لكل بطل تمكن من تحقيق إحدى الميداليات، سواء ذهبية أو فضية أو نحاسية، أن يصبح متعاقدا مع الوزارة. والهدف من ذلك التعاقد، هو وضع تجربة البطل، وخبلاته وماراكمه رياضيا، وخبرته، رهن إشارة الوزارة، ورهن إشارة الأندية المنخرطة في ذلك النوع الرياضي الذي يمثله. كم عدد الأبطال المتعاقدين مع الوزارة؟ - لدينا تقريبا 30 موظفا، أغلبهم موزعون على مندوبيات الوزارة، إلا أن الحديث والجدل يهم فقط أربعة أسماء، وهم أبطال معروفون. وحينما التحقت بالوزارة، اتصلت بهم وطلبت منهم أن يلتحقوا بوظائفهم، تفاديا لدخولهم في صفة الأشباح. وطلبت منهم الحضور، وأن يقدموا للوزارة برنامج عملهم السنوي الخاص بالأنشطة، التي يمكن أن يزاولوها للنهوض بالأنواع الرياضية التي يمارسونها. والهدف من استدعاء أولئك الأبطال ليس من أجل البهرجة، بل لتصحيح وضع خاطئ كان معمولا به في وقت سابق، ليس إلا. هل يمكنكم أن توضحوا السلالم الإدارية لهؤلاء الأبطال؟ - هناك قانون يحدد الرتبة الإدارية الممنوحة على حساب الميدالية المحصل عليها، وتطبيقا لذلك، فإن من يحصل على الميدالية الذهبية يكون مصنفا في سلم إداري أعلى ممن يحصل على ميدالية فضية، وصاحب الميدالية الفضية يكون أعلى من صاحب الميدالية النحاسية. ماذا سيميزكم عن غيركم من الوزراء الذين تعاقبوا على قطاع الشباب والرياضة؟ - طبيعي أن يكون هناك تميز، لكن الأهم اليوم هو أن نتعامل بحذر وبكياسة، وبحكمة وتعقل، في إصدار الوعود. يجب أن نعي جيدا أن المواطنين، اليوم، يدونون ويسجلون، وبالنظر إلى الظرف السياسي الذي يمر منه المغرب اليوم، هناك آمال معلقة على الحكومة الجديدة، والكل ينتظر التغيير، والتحدي الموجود لدى الحكومة الآن، هو أننا حينما نقدم وعودا نخلق آمالا وانتظارات لدى المواطنين ولدى الشباب على الخصوص. وبالتالي، إذا لم يحصل الالتزام بتلك الوعود، سينجم عن ذلك إحباط لدى المواطنين والنتيجة الحتمية لذلك الإحباط، هي اتساع الهوة بين المواطن والحكومة الناتجة عن أزمة الثقة. نحن نسعى إلى استرجاع ثقة المواطنين، وإذا فشلنا في تحقيق الوعود التي جاءت بها الحكومة في التصريح الحكومي، سنكون، عوض أن نرجع الثقة، ساهمنا في توسيع تلك المسافة. والخطر في ذلك هو أننا سنفتح الباب على مصراعيه للمجازفة، وسيصبح القرار يتخذ في الشارع. إن التحدي الأساسي لدى الحكومة اليوم، هو أن نكون في مستوى تحقيق الوعود التي جاء بها التصريح الحكومي. هذا ما كنت أقوله للمواطنين في الحملة الانتخابية في دائرة واد يفران، إذ كنت أتعامل بحذر شديد في إطلاق الوعود، لأن الوقت تغير ولا يمكن أن نتعامل مع المواطنين بقطع وعود جميلة، ونرسم لهم عالما ورديا. لا، كنت أشعرهم أن الظرفية الحالية التي يجتازها المغرب صعبة، وتتطلب اقتراح بعض الحلول التشاركية، لأن التوجه، الذي أؤمن به، ليس حل المشاكل كلها، فنحن لا نتوفر على عصا سحرية، لكن أقول إذا تمكننا من إشراك المواطنين يمكن أن نحل 50 في المائة من تلك المشاكل، وأظن أننا سنكون قدمنا على الأقل ما تعاقدنا عليه مع المواطنين. إن المواطنين يعرفون الصعوبات التي فرضتها الظرفية السياسية التي يجتازها العالم العربي على الخصوص، والأزمة الاقتصادية العالمية، والتداعيات السلبية لها على الاقتصاد الوطني. والمواطنون اليوم يهمهم أن تعطيهم انطباعا بأنك تعيش همومهم، لأنهم حين يشعرون بذلك، يقدرون تلك المسؤولية، ويشعرون كذلك أن هناك تفهما وإنصاتا وقربا في التعامل معهم. وأقول إن المغاربة محتاجون، ليس إلى حلول شاملة، بل فقط جزئية، تستجيب للأولويات. هل هناك توجه لديكم لخلق مدينة رياضية في مدينة يفران؟ نعم، هذا صحيح، هناك العدد الكافي من المرافق الرياضية في هذه المدينة، لأنها تتوفر على المؤهلات الكافية لذلك، كما توجد بها الأكاديمية الملكية لألعاب القوى، وقاعة عملاقة متعددة التخصصات الرياضية، ومركب رياضي لكرة القدم، وهذا ما يشجعنا على التوجه نحو خلق المدينة الرياضية في مدينة يفران. كما أننا بصدد التفكير في خلق فضاءات أولمبية، تساعدنا على خلق المدينة الرياضية بيفران، مع الاهتمام بالمرافق الرياضية بالمدن المجاورة، كمدينة أزرو، التي تتوفر على مركب لا يقل أهمية، به ملعب لكرة القدم بالعشب الطبيعي، وقاعة مغطاة، وبه فضاء للتدليك، ومجموعة من المرافق الاجتماعية. واليوم، نحن بصدد تهيئ الظروف المناسبة لإطلاق المدينة الرياضية في تلك المنطقة. إن الاستثمار الرياضي لا يتوقف على المدن، بل هناك تفكير في العالم القروي، الذي يعاني النسيان والتهميش، ولشبابه إحساس بذلك الحيف، لأنهم يجدون أنفسهم أنهم مهمشين وغير معنيين بالتوجه الجديد ولا بالشعارات والوعود والمشاريع. لكن أريد أن أوضح أن الاهتمام بالعالم القروي ليس معناه أنني سأقوم بخلق فضاءات رياضية كاملة في العالم القروي، بل سأقوم بخلق ملاعب للقرب صغيرة، تقدم منتوجا رياضيا في المستوى المطلوب، وإذا تطلبت الحاجة توسيعها وإعطاءها حجما أكبر، سنقوم بذلك، لأن ملاعب القرب كانت في الماضي تخضع لتصنيف من صنف (ألف) و(باء) وما إلى ذلك في الترتيب، وكانت تكلفة الملاعب المصنفة في حرف (ألف) مرتفعة شيئا ما، تصل إلى 5 ملايين درهم فما فوق، لذلك أنا لا أريد أن أذهب في هذا الاتجاه، إذ لا يهمني أن أشيد مركبا من فئة (ألف) يحتوي على ملعبين ومسبح، أريد أن أنطلق بتشييد ملعب واحد بمستودع للملابس يعطي الرغبة للشباب بممارسة الرياضة في جو ملائم، ويحتوي على دار للشباب، تساهم في التثقيف والإبداع وليس لملء الفراغ والترفيه. كما أريد إعادة الحياة لدور الشباب، التي أغلبها مقفل في المغرب، وهناك توجه للاشتغال بأسلوب الشراكة مع الجمعيات، للبحث عن الطريقة المثلى للتنشيط، تعنى بالمسرح وكل الفنون. ودور الشباب هي التي منحتنا ذلك الفن الذي نتغنى به اليوم، وهي فضاء للدربة والتنشئة الفنية والرياضية، ونحاول أن نعيد لها ذلك الدور الذي لعبته في الماضي. كان الوزير السابق يتكلم عن تفويت بعض عقارات دور الشباب، هل ستسلكون الاتجاه نفسه؟ لا، أبدا، أنا أرفض أن أفوت مترا مربعا واحدا من عقارات دور الشباب بالمغرب، لأن ذلك لا يتماشى مع استراتيجية الحكومة، ولا حتى مع المسؤولية. أنا أتحمل المسؤولية، والهدف هو أن نزيد من حجم العقار وليس العكس. نعم، كانت هناك محاولات في الحكومة السابقة لتفويت بعض العقارات، لكن، للتوضيح، فإن التفويت الذي كان سيحصل ليس من أجل التفويت، بل لأن حاجة إعادة التهيئة العمرانية حتمت أن يحول الفضاء المشيد فيه دار الشباب إلى مكان آخر، وأؤكد أنني لن أذهب في ذلك الاتجاه ،لأنه أمر صعب أن تحول ذلك العقار، وهذه تجارب عشناها ولاحظنا المشاكل التي تحيط بها، والجمعيات التي ترفض أن يبتعد عنها فضاؤها في الوقت الذي نبحث عن القرب وليس البعد، إذن، من الصعب أن نقوم بذلك. في الشأن الحزبي، هناك قيادات في حزب الحركة الشعبية ترى فيكم الخلف لمحند العنصر، لمجموعة من الاعتبارات، كيف تردون على هذا القول؟ هذا كلام سابق لأوانه، لسبب بسيط ، هو أننا إذا كنا نؤمن بالديمقراطية الداخلية في حزب الحركة الشعبية، سنجد أن خلافة الأمين العام تأتي عبر الترشيح لهذا المنصب في مؤتمر وطني هو الذي يحسم الأمر وليس الآراء. طبيعي أن الحركة الشعبية تعرف نوعا من الحراك الهادئ في اتجاه التأسيس لحزب يتماشى مع مضامين المغرب الجديد، أما بخصوص ترشيحي لمنصب الأمانة العامة، فهذا طموح خاص، وطبيعي أن يكون لدى أي مناضل حركي، وبالتالي، أؤكد مرارا وتكرارا أنني يسعدني أن أخدم الحزب من أي موقع كان، وليس فقط من موقع القيادة، سواء من داخل الأمانة العامة أو من خارجها. كيف تقيمون تسيير سعيد امسكان لشؤون الحزب خلفا لمحند العنصر الذي تفرغ لوزارة الداخلية؟ - سعيد أمسكان فوض له تدبير مهام الحركة الشعبية لكثرة انشغال الأمينن العام، ولاعتبار حساسية الوزارة التي يسهر على تسييرها، ويجب ألا ننسى أن سعيد امسكان ليست هذه هي المرة الأولى التي يدبر فيها شؤون الحزب، بل تكلف بالمهمة حين كان امحند العنصر وزيرا للفلاحة في وقت سابق، وفوضت له هذه المهمة لأنه الرجل المناضل الحركي بامتياز، والذي يعشق حزبه ويدافع عنه حتى الجنون، ويتميز أمسكان بالأناقة الفكرية، والحكمة، وأعتبره من قيدومي الحركيين الذين نتشرف ونعتز بهم، حين يدبرون لنا شؤون حزبنا. هل وجدت أن هناك علاقة بين انتقالك من كتابة دولة في الخارجية إلى وزارة الشباب والرياضة؟ - أقول دائما إن هناك علاقة وطيدة بين الخارجية والشباب والرياضة، وحينما كنت أتقلد منصبا حكوميا في الدبلوماسية، كنت في مهمة حيوية واستراتيجية للوطن، أدافع فيها عن قضايا الوطن، وكنت أقدم خدمة تضمن إشعاع المغرب. وقطاع الرياضة لا يخرج عن هذا المنطق، لأن الرياضة، إذا توفرت لها شروط عمل قاعدي، يبني أبطالا يمثلون البلاد في تظاهرات دولية وقارية، أعتقد أنهم سيكونون في مهمة رياضية ودبلوماسية، لأنهم، في تظاهراتهم، يعرفون بالبلد وبرموزه في المحافل الدولية، وهذا هو الرابط الحاصل بين الوزارتين. هل تستغلون علاقاتكم الدبلوماسية التي راكمتموها في كتابة الدولة في الخارجية في مهمتكم الوزارية الجديدة على رأس وزارة الشباب والرياضة؟ - بكل تأكيد، واليوم بالضبط استقبلت وزير الشبيبة والرياضة في حكومة النيجر، الذي كانت لي فرصة اللقاء به حين زرت النيجر، أثناء الفترة الانتقالية للحكومة الحالية، إذ تشرفت بحمل رسالة ملكية إلى رئيس النيجر، وحينها تعرفت عليه وربطت علاقة معه، علما أنني كانت لي علاقات عديدة أثناء تقلدي لمنصب كاتب الدولة في الخارجية، حين كنت أشتغل على الملفات الدبلوماسية ذات العلاقة مع دول إفريقيا والتعاون جنوب جنوب. ويمكن أن أحمد الله على تلك العلاقات التي راكمتها، والتي أعتمد عليها في مسؤوليتي الجديدة، كما أن العمل في وزارة الشباب والرياضة يفتح آفاق العمل والتعاون مع عدد من الوزراء الأفارقة، الذين كانت لي صلة بهم. وأعتبر أن العبور من وزارة بحجم وزارة الخارجية والتعاون يعد فعلا مدرسة تذكي الإحساس بالانتماء والغيرة والدفاع عن الوطن وعن رموزه. من داخل هذه العلاقات مع القادة الأفارقة، هل سيساعدكم ذلك في تقوية الحضور المغربي في "الكاف"؟ - إن شاء الله، هذا هو التوجه الذي نشتغل عليه اليوم بحكمة وبكياسة، والحضور الرياضي المغربي بشكل عام يستمد قوته من الحضور المغربي القوي في القارة الإفريقية. ويجب ألا ننسى أنه، على مستوى جنوب جنوب، فإن المغرب يعد من الدول الرائدة في مجال التعاون، وبالتالي، فإن هذا التعاون يمس جميع الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والرياضية. وزيارة وزير الشبيبة والرياضة النيجري تسير في هذا الاتجاه، من أجل تنمية أواصر التعاون في قطاع الشباب والرياضة. إن العالم اليوم يعطي اهتماما أكبر لجانب الشباب، لاعتبارات أنتجها الحراك الذي عرفه العالم، خصوصا في المحيط العربي والإقليمي، والتحدي الذي لا نختلف عليه، هو إشراك الشباب في اتخاذ القرار وفي السياسات التي تهمه، بدل التنظير في مكانه، ورسم السياسة في غيابه. كيف هو مستقبل الكرة الوطنية في أفق تنظيم الكأس الإفريقية بالمغرب؟ - على مستوى التنظيم، ستكون لإقامة نهائيات الكأس الإفريقية بالمغرب قيمة مضافة، لأنها تتيح فرصة المساهمة في إشعاع الوطن والتعريف بالمغرب، واكتشافه بالنسبة للأشخاص الذين سيزورونه لأول مرة لمتابعة مباريات الكأس الإفريقية، وبالتالي، فإن تنظيم الكأس الإفريقية بالمغرب مكسب كبير. أما بخصوص الفريق الوطني لكرة القدم، فأقول بكل صدق إنني لا أريد أن أكون قاسيا في الحكم عليه، لأنه صعب أن تقوم بتوقيف قطار المنتخب الوطني في هذا الظرف بالذات. واليوم، لا خيار لنا إلا أن نترك القطار يواصل المسير، ونراقب مسيرته للتقييم والتدخل بقوة لوقف كل الاختلالات. كيف ذلك؟ نحن منكبون، في الوقت الحالي، على إنجاز عمل قاعدي، اعتمدنا فيه على إنجاز تقييم وتشخيص لكل التجارب السابقة، وبالمناسبة، وجدنا أن هناك أشياء ناجحة جدا أثناء تسيير هذا القطاع في عهد نوال المتوكل، ومحمد الكحص، ومنصف بلخياط، والتوجه الذي أريد أن أتبعه هو الاعتماد على مقاربة تراكمية، تستحضر كل التجارب الناجحة في عهد وزراء الشباب والرياضة السابقين. ليس لي مركب نقص أن أستلهم تجربة ناجحة من أحد الوزراء الذين مروا من وزارة الشباب والرياضة، بهدف إعادة الحياة لتلك التجربة، ويجب ألا تكون لنا عقدة الأشخاص، لأن الأشخاص زائلون، لكن المؤسسات هي التي تبقى دائمة، ونحن نعمل في إطار استمرارية المؤسسات. في مناقشات الميزانية الفرعية لوزارة الشباب والرياضة في لجنة الرياضة بمجلس النواب، اعتبر البرلمانيون أنك لم تقدم لهم أي هدف جديد في الاستراتيجية وفي مخطط عمل وزارة الشباب والرياضة، ما هو ردك على ذلك؟ إن الأمر لا يتعلق بإعادة ابتكار العجلة، فالعجلة موجودة وما نختلف عليه، هو الوجهة التي يمكنها أن تتخذها أثناء دورانها، هل هي وجهة صحيحة أو غير صحيحة. وحين نتحدث، مثلا، عن دور دور الشباب والمنشآت الرياضية في النهوض بمواهب الشباب، هل فكرة بناء هذه الدور حديثة العهد أم قديمة؟ الجواب هو أنها كانت لسنوات، لكن السؤال الذي يجب طرحه هو هل هذه الدور وفت بالمهمة التي أنشئت من أجلها، ووصلت إلى مستوى الطموح المرجو منها؟ بمعنى أن الأمر، اليوم، لا يتعلق بالإتيان بفكرة خارقة للعادة من أجل وضع استراتيجية عمل. إن الأمر سهل وبسيط، ويتمثل في تقييم كل التجارب من أجل إعادة تفعيل التجارب الناجحة، والسهر على فك لغز التجارب الفاشلة، ولماذا فشلت لنقوم بتصحيحها. لذلك قلت إن هناك عملا قاعديا ننجزه اليوم، ولا أريد أن أعد المغاربة بالنتائج، لكن أعدهم بعمل قاعدي، يستطيع خلق النتائج المرجوة في المستقبل وربما قد لا أكون على رأس الوزارة، حين يحين وقت حصاد تلك النتائج. إن الخطأ الذي تعاني منه وزارة الشباب والرياضة، هو أن أي وزير جديد يأتي لها يريد أن يحصد النتائج قبل أن يغادرها، وكأن الاستراتيجيات والأهداف هي نبتة يجب أن تغرس وتؤتي ثمارها في ظرف أربع أو خمس سنوات، كي تقطف نتائجها، ليبدو للآخرين أن ذاك الوزير غادر الوزارة وبيده نتائج ملموسة حققها في عهده، وهكذا أصبحنا نراوح مكاننا ،دون أن نقدم خدمة للبلاد، واليوم، لا أقول إنني سأحقق النتائج غدا أو بعد غذ، بل أقول إنني سأعمل على التنظيف والتطهير وخلق جو سليم، في إطار الحكامة الجيدة في التسيير والتدبير المالي والإداري والتقني، وطبعا، في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة. في إطار الحكامة ، كل المغاربة يتحدثون عن الراتب الذي يتقاضاه مدرب المنتخب الوطني غيريتس، وزاد الطين بلة حين صرح الوزير إدريس الأزمي (الوزير المنتدب المكلف بالمالية) أن غيريتس لا يؤدي رسم الضريبة على الدخل، أين هي الحكامة في كل هذا؟ كل هذه الأشياء أعتبرها عاصفة في فنجان، لماذا؟ أولا، مشكل الراتب الشهري لغيريتس، كنت قلت حين التحقت بالوزارة، إنه سبب لي إحراجا لأنني مسؤول، والتوجه الذي اخترته، ليس البحث عن البهرجة وإثارة الإعجاب، بقدر ما يهمني تصحيح وضع مختل بهدوء، لأنه لا يمكن أن نستثمر في الشعبوية. لنفترض أنني قمت بخرجة إعلامية، وقلت فيها الراتب الشهري الذي يتقاضاه غيريتس، ستكون خرجة إعلامية غير مسؤولة، والتاريخ سيسجل هذا. لماذا؟ لأن الخطأ الذي كان هو أن شخصين تعاقدا في ما بينهما بعيدا عن المؤسسات، وضمنا العقد بندا سريا، وهو ما كتفنا وشكل لنا إحراجا أمام المواطنين، وعندما قلت إننا حين نعلن عن راتب غيريتس يمكن أن تحاسبنا "الفيفا" فهذا صحيح، وتعاملت وسائل الإعلام مع التصريح بطريقة مغلوطة، وقالت بأن "الفيفا" تكذب أوزين، مع العلم أن "الفيفا" ليست أشخاصا، إنها مؤسسة، وحين تكذب تصريحا، تكذبه ببيان رسمي، وليس بالهاتف كما فعل بعض الصحافيين، الذين اتصلوا بمسؤولين في الفيفا لاستفسارهم إن كان المغرب سيخضع لمحاسبة إن صرح براتب غيريتس. وقالت لهم مسؤولة بالفيفا لا، وأن الفيفا تشجع إشهار رواتب المدربين، نعم، تشجع، لكن حين يكون هناك عقد موقع، يتضمن بندا خاصا يلزم المتعاقدين بعدم الإفصاح عن الراتب الشهري، بأي حق يمكن خرق العقد الذي يعتبر شريعة المتعاقدين؟ خلاصة القول، أعد المغاربة بالمحاسبة والمساءلة أثناء تحملي للمسؤولية، وأقول لا يمكن أن تقدم الوزارة على إجراء لا يعرفه كل المغاربة، في العهد الذي أسير فيه شؤون الوزارة. بمعنى أن غيريتس فوق كل القرارات؟ لا، ليس فوق القرارات أبدا، وننتظر مرور الاستحقاقات التي تنتظر المنتخب الوطني على المستوى القريب، وحينها ستكون لنا رجعة في الموضوع، وسيكون لنا موقف حاسم. أما بالنسبة لمسألة الضرائب، فإنها مسألة لا يقبلها العقل، وإن كانت، سأكون من الأوائل المنددين بها. وحين سمعت بالخرجة الإعلامية للوزير المنتدب المكلف بالمالية، أثارتني كثيرا، مع العلم أن رئيس الجامعة أكد لي أن غيريتس يؤدي الضرائب المفروضة عليه. إذن، أيهما صادق، هل الأزمي أم علي الفاسي؟ - المشكل الذي وقع، هو أن الجامعة الوطنية لكرة القدم تكلف المؤسسة البنكية، التي تحول لها راتب غيريتس ورواتب كل المدربين الأجانب العاملين في كرة القدم، بالاقتطاع الضريبي من الرواتب، وتبعث المؤسسة البنكية ذلك الاقتطاع إلى إدارة الضرائب، تفاديا لحدوث ازدواجية في الاقتطاع الضريبي، وهذا ما قاله لي رئيس الجامعة، وهو مستعد لكي يثبت أن غيريتس يؤدي الضرائب. وطلبت من أعضاء البرلمان أن يتحققوا بأنفسهم من ذلك ،حتى يتبين لهم من يزايد على من، وحتى نتمكن من وضع حد لمثل هذه المزايدات، التي تضيع الوقت، وتجعلنا نخطئ المعركة الحقيقية. واستجاب أعضاء البرلمان لهذا الطلب، وكونوا لجنة ستقوم بزيارة رئيس الجامعة، الذي سيطلعها على جميع الوثائق ليتأكد أعضاء اللجنة بأنفسهم. لكنكم في تحالف حكومي، وكان من المفروض أن تتبادلوا المعلومات في ما بينكم في المجالس الحكومية التي تعقدونها كل يوم خميس؟ - صحيح نحن في تحالف حكومي، لكن الأزمي، حين قال في تصريح إنه لم يجد أي اقتطاع ضريبي من راتب غيريتس من المصدر، لم يشعرني بذلك. هل تحيلون حسم سوء التفاهم الحاصل على رئيس الحكومة؟ - لا، أبدا، نحن في انسجام حكومي، لكن هناك خرجات إعلامية، تلزم أشخاصا بعينهم في الحكومة فقط، وليس التحالف بشكل عام. وهذه الخرجات تؤثر على الصورة الحكومية. وبعد تصريح الوزير المنتدب للمالية وجدت نفسي أمام تصريحين متناقضين، ما يقدمه رئيس الجامعة وما يقدمه الوزير المنتدب في المالية، ما جعلني أدعو البرلمان لتشكيل لجنة للاطلاع على الأمر لتعم الفائدة، علما أن تصريح الأزمي لا يقول بأن غيريتس لا يؤدي الضرائب، بل قال إنه لم يجد أي ضريبة على الدخل تقتطع من المصدر، وهذا الكلام يقع التلاعب به أحيانا. هل اتصلت بالأزمي لاستطلاع الأمر؟ نعم، اتصلت به، وقال لي إنه قال لم يجد اسم غيريتس ضمن أسماء الذي يؤدون الضريبة على الدخل، التي تقتطع من المصدر. والحقيقة، أنه ليس هناك خلاف بين ما قاله الأزمي وما يقوله علي الفاسي الفهري، رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم، والخلاف الوحيد هو في طريقة قراءة تصريح الأزمي. كيف يتعامل رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران داخل التحالف الحكومي؟ - رئيس الحكومة أكن له كل التقدير وكل الحب والإخلاص، لأنه رجل وطني وصادق، وفعلا، يشرفني أن أشتغل بجانبه، لأنني أجد فيه الصدر الرحب، والأذن الصاغية، والشخص المرح، وهذه مميزات محفزة للاشتغال معه. إننا نعمل معه في جو حميمي، وأستشيره في العديد من الإجراءات، وقال لي بالحرف "أسي محمد، فونس (اندفع)، وامسح فيا"، وقلت له: "حاشا واش نمسح فيك، لأن هذه مسؤولية مشتركة، لكن يجب أن أستشيرك في قرارات استراتيجية من أجل أن تنير لي الطريق التي يمكن اتخاذها في المجال". وأنا معجب بكاريزميته وبساطته وأريحيته وعفويته. هل شهد أحد المجالس الحكومية احتكام وزيرين لدى رئيس الحكومة في قضية ما؟ لا، لم نصل بعد إلى درجة الاحتكام، وإذا تطلب الأمر ذلك، سنلجأ اليه، لأنه ليس عيبا أن نحتكم لدى رئيس الحكومة.