شكل القطاع الرياضي موضوع نقاش مستفيض خلال 100 يوم الأولى بعد تعيين حكومة بنكيران، وساهم في تأجيجه خروج المنتخب الوطني لكرة القدم خاوي الوفاض من نهائيات كأس أمم إفريقيا 2012، التي احتضنتها مناصفة كل من الغابون وغينيا الاستوائية، وتعالت الأصوات داخل قبة البرلمان وخارجه بإعطاء تفسيرات حول أسباب «النكسة» والمطالبة بمحاسبة المتورطين فيها. وزادت في حدة النقاش مطالب الفرق البرلمانية بالكشف عن الراتب الشهري للبلجيكي غيريتس، خصوصا في ظل تكتم الجامعة والوزارة الوصية عن الكشف عنه، في وقت تشير المصادر إلى كونه يقدر ب 250 ألف دولار. اللقاء الدراسي الذي نظم بالبرلمان، والذي حضره كل من وزير الشباب والرياضة محمد أوزين، ورئيس الجامعة الملكية لكرة القدم علي الفاسي الفهري، تطرق بدوره إلى راتب المدرب الذي حير شعبا بأكمله دون أن يكون ذلك كافيا للكشف عنه، بل وضع الوزير أوزين في موقف حرج بعدما وعد بالكشف عنه باعتباره لا يندرج ضمن أسرار الدولة قبل أن يعود ليؤكد أن بندا في العقد يحول دون الكشف عنه، ملقيا الكرة في مرمى من أشرف على توقيعه، وهو ما جعل التساؤل حول قيمته الشغل الشاغل لمتتبعي وغير متتبعي الشأن الكروي. اللقاء ذاته لم يستثن التطرق إلى موضوع تكلف الجامعة ب«كلب» غيريتس بسبب وجود صاحبه رفقة المنتخب، وهي النقطة التي خلفت نوعا من الاستياء في نفسية وزير الشباب والرياضة محمد أوزين، الذي رد قائلا: «الحديث عن كلب غيريتس أمر محرج نوعا ما. أريد التنزيه عن الخوض في مثل هذه الأمور التي لا تفيد في شيء لأنه كلام بلا فائدة». واشتكى أوزين في اللقاء نفسه ضعف البنيات التحتية، مقدما أرقاما مخيفة تعكس النقص الشديد، وموضحا في السياق ذاته أن التوجه الجديد للوزارة سيتمحور بالأساس حول تصحيح الاختلالات ومواكبة مشروع الإصلاحات من خلال معالجة تباين التوزيع الحاصل بين المناطق عن طريق ما سماه تطبيق «الحكامة الجغرافية»، خصوصا المدار القروي، الذي قال إنه يعيش ضعفا كبيرا، رغم كونه يعتبر مشتلا مهما فرخ العديد من المواهب وأغنى الساحة الرياضية بالكثير من الأبطال الذين رفعوا العلم الوطني في سماء كبريات الملتقيات والتظاهرات العالمية. راتب غيريتس استمر في خلق الجدل بعدما وضع اعتراف إدريس الأزمي، الوزير المكلف بالميزانية، بعدم أداء البلجيكي لأي سنتيم لإدارة الضرائب، علي الفاسي الفهري، رئيس جامعة الكرة، في موقف حرج، وهو ما دفع عبد اللطيف برحو، النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، إلى وصف الأمر ب«الفضيحة»، متسائلا في السياق ذاته عن السبب الذي يجعل موظفين بسطاء لا يتجاوز راتبهم الشهري 2500 درهم يؤدون الضرائب، في الوقت الذي يستثنى من تأديتها مدرب يتقاضى ملايين السنتيمات شهريا، ومضى قائلا في تصريح سابق ل«المساء»: «إما أن غيريتس يتقاضى راتبه الشهري دون أن يؤدي الضريبة، وإما أن الجامعة هي التي تقتطع الضريبة، والأولى فضيحة والثانية فضيحة أكبر لأن مصلحة الضرائب هي التي من المفروض أن تقتطع الضريبة وليس الجامعة». ومع توالي الأيام استمر القطاع الرياضي في خطف الأضواء وأضحى مادة سياسية محضة، خصوصا بعدما تضمنت لائحة المستفيدين من ريع «كريمات» النقل، التي أعدتها وزارة النقل والتجهيز، أسماء رياضيين وازنين، منهم من راكم ثروات كبيرة تجعله في منأى ودون حاجة إلى ما تدره عليه العائدات الشهرية لمأذونيات النقل، خصوصا أن الأسماء الرياضية كانت حاضرة بقوة في اللائحة التي تم الكشف عنها، والتي ترتب عنها جدل كبير داخل الأوساط الرياضية بخصوص مدى أحقية الاستفادة من عائدات المأذونيات من عدمها. الجدل الرياضي سيستمر في إثارة النقاش وسيأخذ أبعادا أخرى لم تحل بدورها دون فتح باب النقاش وحدوث انقسام بين معارض ومؤيد للفكرة بعدما أثار فرض الضريبة على الرياضيين، المنصوص عليه في مشروع قانون المالية لعام 2012 المعروض حاليا على البرلمان، جدلا واسعا داخل الأوساط الرياضية، وهو ما ترتب عنه حمل اللاعبين شارات سوداء خلال فعاليات الجولة 21 من النسخة الأولى للبطولة «الاحترافية»، موازاة مع تحركات كبيرة في صفوف رؤساء الأندية، الذين دعوا إلى تأسيس نادي الرؤساء كصوت للدفاع عن مصالح الأندية، وهو ما لم يحل دون موافقة الأخيرة على مبدأ فرض الضريبة على دخل الرياضيين مع التشديد على أنها يجب أن تكون وفق شروط قانونية تحافظ على مصالحها دون إلحاق أضرار بها. موقف وزير الشباب والرياضة كان واضحا في هذا الاطار حينما أكد أن «دفع الضرائب هو عمل ينم عن روح المواطنة، وأنه لم يشكل أبدا عقبة في طريق تطوير أي نشاط٬ بل على العكس من ذلك تبقى تأدية الضريبة أحد المؤشرات الأكثر حيوية لتأمين نضج هذا النشاط والارتقاء به».