مقاولون وأصحاب شركات يسجلون شكايات لدى القضاء في مواجهة 'جيراندو' من أجل القذف والتشهير ونشر أخبار زائفة    فنانون عالميون وعرب يحيون ليالي مهرجان "موازين- إيقاعات العالم"    5 لاعبين مغاربة في التشكيلة المثالية بعد الفوز باللقب الإفريقي    مستشار ترامب لشمال أفريقيا يعيد نشر تغريدة وزير الخارجية الأمريكي المؤكدة لاعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء    وفاة رضيعين بحضانة منزلية    رشق بالحجارة داخل مدرسة .. مدير ثانوية في العناية المركزة بعد هجوم مباغت بطنجة    انعقاد الدورة 13 لمجلس إدارة المركز الجهوي للاستثمار لجهة طنجة-تطوان-الحسيمة    "من سومر إلى لوزان: ريشة فائق العبودي تُكمل الحكاية"    جلالة الملك يهنئ الفتيان على تتويجهم القاري    أسلحة بيضاء في شجار جماعي بالقصر الكبير.. الأمن يحقق ويلاحق المشتبه فيهم    باندونغ.. صرخة التحرر التي غيّرت ملامح العالم    مؤتمر نقابة الصحة: تثمين الموارد البشرية مدخل أساسي لإصلاح المنظومة الصحية    منتدى الصحراء للحوار والثقافات يشارك في فعاليات معرض "جيتكس إفريقيا"    محتجون يدافعون عن "هوية أمازيغية للدولة" .. والأمن يمنع تنظيم مسيرة    القفطان يجمع السعدي وأزولاي بالصويرة    الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تحتفي بالمنتخب الوطني لأقل من 17 سنة إثر تتويجه باللقب القاري    الفنان الريفي عبد السلام أمجوظ يتألق في مسرحية سكرات    عبد العزيز حنون يدعم البحث في اللسانيات الأمازيغية بأطروحة حول التمني بأمازيغية الريف    عروض تراثية إماراتية بمعرض الكتاب    تفاصيل اجتماع نقابات الصحة مع مدير الوكالة المغربية للدم ومشتقاته    "الكاف" يختار المغربي عبد الله وزان أفضل لاعب في البطولة القارية للناشئين    بعد القرار الأمريكي المفاجئ .. هل يخسر المغرب بوابته إلى السوق العالمية؟    الأرصاد الجوية تتوقع نزول زخات مطرية متفرقة اليوم الأحد    بنكيران: الأمة بكل حكامها تمر من مرحلة العار الكبير ولا يمكن السكوت على استقبال سفن السلاح    غزة تُباد.. استشهاد 29 فلسطينيا منذ فجر الأحد    الاتحاد الوطني للشغل يدعو إلى تعبئة شاملة في فاتح ماي    الآلاف يتظاهرون ضد ترامب في الولايات المتحدة: لا يوجد مَلك في أمريكا.. لنُقاوِم الطغيان    " هناك بريق أمل".. رواية جديدة للدكتورة نزهة بنسليمان    كيف يمكن التعامل مع الأسئلة الغريبة في المقابلات الشخصية؟    سوء الأحوال الجوية تتسبب في إغلاق ميناء الحسيمة    الإكوادور تعلن حالة تأهب قصوى بسبب تهديدات باغتيال رئيس البلاد    قتيل في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان    ندوة علمية تناقش الحكامة القضائية    لقاء يناقش دور المجلس الأعلى للحسابات في تتبع تنفيذ أهداف التنمية المستدامة    الكوكب يسعى لتحصين صدارته أمام الدشيرة والمنافسة تشتعل على بطاقة الصعود الثانية    الأساتذة المبرزون يحتجون الخميس المقبل    دراسة تدعو إلى اعتماد استراتيجية شاملة لتعزيز الأمن السيبراني في المغرب    مقتل 56 شخصا في وسط نيجيريا    دراسة: "الحميمية المصطنعة" مع الذكاء الاصطناعي تهدد العلاقات البشرية    الكشف عن نوع جديد من داء السكري!    دورة برشلونة لكرة المضرب: ألكاراس يتأهل للمباراة النهائية    "الجزيرة" حين يتحويل الإعلام إلى سلاح جيوسياسي لإختراق سيادة الدول    مجموعة مدارس الزيتونة تُتوج الفائزين بمعرض الابتكار والتجديد Expo 2025    برشلونة يضع المدافع المغربي إدريس أيت الشيخ تحت المجهر … !    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    أنور آيت الحاج: "فخور بمغربيتي"    قناة إيرلندية تُبهر جمهورها بسحر طنجة وتراثها المتوسطي (فيديو)    الدرهم المغربي ينخفض أمام الأورو    إطلاق أول شهادة مغربية في صيانة بطاريات السيارات الكهربائية بشراكة مع رشيد اليزمي    العربية للطيران تدشن خطا جويا جديدا بين الرباط والصويرة    ‪ بكتيريا وراء إغلاق محلات فروع "بلبن" الشهيرة بمصر‬    تزايد حالات السل اللمفاوي يسائل ضعف مراقبة سلاسل توزيع الحليب    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    بيانات تكشف ارتفاع الإصابة بالتوحد وكذلك زيادة معدلات تشخيصه    أكادير يحتضن مؤتمر التنظير عنق الرحم وجوف الرحم والجهاز التناسلي    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمة الأمين العام في المؤتمر الاستثنائي
نشر في رسالة الأمة يوم 09 - 10 - 2013


بسم الله الرحمن الرحيم
أخواتي المؤتمرات
إخواني المؤتمرين
أرحب بكم في هذا المؤتمر الوطني، الذي أردناه جميعا أن يكون مؤتمرا غير عادي، بقرار من المجلس الوطني للحزب الذي يعتبر برلمان الحزب المؤهل للبث في مواعيد المؤتمرات الوطنية العادية والمؤتمرات الوطنية غير العادية.
وقد بنى المجلس الوطني، كما تعلمون هذا القرار على حيثيات موضوعية تتعلق أساسا بضمان أحسن الظروف لإنجاح مؤتمر وطني عادي يجمع العائلة الدستورية وفق تمثيل محلي، يتأسس على قاعدة المؤتمرات الإقليمية والجهوية، وعلى تجديد الهياكل المسيرة، وإنتاج أوراق عمل محلية تترجم انشغالات المواطن في كل بقعة من بقاع المملكة.
وان إرجاء عقد المؤتمر الوطني الخامس إلى حين استكمال هذه المهام، يعتبر قرارا اتخذه المجلس الوطني للحزب لترسيخ هذا المسار الذي تعودتم عليه وباركتموه والمتمثل في توسيع دائرة المشاركة وتعميق الحوار والنقاش في كل النوازل والأحداث التي نتداولها فيما بيننا، لذلك فان اجتماعنا اليوم في إطار هذا المؤتمر، يعتبر في نفس الوقت إعلانا عن الاستمرار في تهيئ المؤتمر الوطني العادي الخامس لحزبنا.
أخواتي إخواني؛
يتضمن جدول أعمال هذا المؤتمر نقطة فريدة وهي مناقشة مشروع تعديل النظام الأساسي للحزب.
ولا يخفى عليكم مدى أهمية هذه النقطة سواء على مستوى الملاءمة بين هذا النظام وأحكام الدستور الجديد من جهة، و بينه وبين مقتضيات القانون التنظيمي للأحزاب السياسية، من جهة اخرى، وهي الملاءمة التي من شأنها أن تضفي على نظامنا الأساسي وعلى سائر الهياكل الحزبية والقرارات الصادرة عنها طابع المشروعية.
لذلك، فإن مؤتمرنا اليوم يكتسي أهمية بالغة، مما يفرض علينا أن نتحلى بقدر عال وكبير من المسؤولية الحزبية والوطنية.
إنكم ستقررون في وثيقة ستكون هي الدليل القانوني الذي سنسترشد به جميعا خلال الفترة القادمة، ونحتكم إليه في جميع أمورنا التنظيمية، وفي سائر الأهداف التي سيسطرها الحزب في مساره المستقبلي.
ويوجد من بين الوثائق الموزعة عليكم نسخة من المشروع الذي ساهمتم في مراحل اعداده المختلفة والذي انتم هنا لدراسته ومناقشته والمصادقة عليه
وبعد قليل سيكون عليكم أخواتي المؤتمرات اخواني المؤتمرين أن تتوزعوا إلى لجان عمل لفحص صيغة مشروع تعديل النظام الأساسي المقترح عليكم والذي أنتجته اللجنة التحضيرية للمؤتمر بعد فترة طويلة من العمل الشاق، والتشاور الواسع، والاستماع المتأني إلى كافة الملاحظات والتوصيات والاقتراحات الواردة عليها من جميع فئات الحزب وهيئاته وجهاته.
والحقيقة، أننا اخترنا في تعاملنا مع اعداد هذه الوثيقة، سلوك منهج التشاور الواسع، فقسمنا اللجنة التحضيرية إلى أربع لجان، اشتغلت على مواضيع عدة، واجتمعت في نهاية المطاف في لجنة مصغرة، أوكلنا إليها مهمة تتبع سائر المقترحات المقدمة بشأن النظام الأساسي. وقد توصلنا بالفعل باقتراحات من مختلف الهيئات الحزبية، من الفريقين البرلمانيين، ومن الجهات الحزبية، ومن المنظمات الموازية ومن المنتديات، علاوة عن المقترحات المقدمة من طرف إخوانكم أعضاء المكتب السياسي، وعهدنا بها جميعها إلى اللجنة التحضيرية مرة أخرى لمناقشتها.
وقد ضمنا نص المشروع كل هذه المقترحات بعد تدقيقها وإخضاعها للنقاش مجددا وإحالتها على المجلس الوطني، الذي أوصى في اجتماعه الأخير بتمديد فترة استقبال الاقتراحات وهو الأمر الذي استمر إلى غاية الموعد الذي حدده المكتب السياسي في آخر اجتماع له قبل أسبوع من انعقاد هذا المؤتمر.
وهكذا تلاحظون أخواتي إخواني، أننا حرصنا على أن تكون صيغة النظام الأساسي التي هي بين أيديكم اليوم، نتاجا لمسلسل طويل من التشاور والتشارك والحوار، استمر لمدة طويلة وشمل مختلف فئات الحزب وهياكله وهيئاته، وحاولنا أن نجسد بهذا السلوك مبدأ التدبير التشاركي في معالجة القضايا المرتبطة بمصير الحزب ومستقبله.
واني واثق من أن الصيغة التي بين أيديكم تترجم إلى حد بعيد تصوراتكم واقتراحاتكم جميعا .
إلا أن هذا لا يعني أن لقاءكم اليوم لن ينتج عنه أي تغيير في الصيغة المقترحة عليكم، فأنتم أصحاب الأمر، وأصحاب القرار، وعليكم بالتالي أن تعملوا النظر في ما هو معروض عليكم لتحسينه إذا اقتضى الأمر ذلك، قبل طرحه على المصادقة.
وفي هذا الاطار ارتأينا أن نتوزع كمؤتمرين إلى أربع لجان، قسمناها على أساس جغرافي وأوكلنا إلى كل واحدة منها أن تنظر في المشروع برمته، وتبدي ملاحظاتها على أن تجمع الملاحظات من طرف لجنة للصياغة وتعرضها على الجلسة الثانية من هذا المؤتمر.
أخواتي المؤتمرات، إخواني المؤتمرين؛
بالرغم من طبيعة مؤتمرنا هذا، وبالرغم من خصوصية الموضوع المطروح عليه، فان السياق الوطني العام الذي يلتئم فيه جمعنا هذا، يفرض علينا أن نتداول في واقع بلادنا وفي الأوضاع المزمنة التي يعيش فيها المواطنون اليوم، بحكم رداءة السياسات المتبعة من طرف الحكومة لمعالجة القضايا الكبرى المطروحة. فموقعنا في المعارضة يلزمنا أكثر من غيرنا أن نتتبع أوضاع المواطنين ومعاناتهم وانشغالاتهم وتطلعاتهم، حتى نكون قريبين منهم، وبالتالي، حتى نوفق في ترجمة هذه التطلعات والانشغالات إلى مواقف وقرارات وسياسات نطرحها كبدائل وكحلول.
لقد أرادت الظروف أن يتزامن المؤتمر الذي نعقده اليوم مع الدخول السياسي الجديد، وهذا التزامن يساءلنا كحزب في المعارضة عن تصورنا لتقييم العمل الحكومي خلال الفترة السابقة وعن رسم ملامح خطة عملنا مستقبلا لتفعيل الأدوار المنوطة بنا في هذه الفترة العصيبة والحاسمة من تطور المجتمع المغربي.
واسمحوا لي بداية، أن أقول، أن الدخول السياسي لهذه السنة يكتسي طابعا خاصا، بل إنه بالتأكيد طابع غريب:
فنحن بداية، نجد أنفسنا ولأول مرة في تاريخ المغرب الحديث أمام دخول سياسي بدون حكومة، وبدون أغلبية، وفي موقع اقتصادي ومالي متأزم ووضع اجتماعي ينذر بالانفجار وسلوك حكومي يكاد يصل الى وضعية العبث.
ثانيا: إننا أمام دخول سياسي مشلول ومرتبك.
مشلول لان القرارات الحاسمة التي تتخذ في شأن القضايا المصيرية يطبعها استفراد مجموعة معينة من الحكومة تستحوذ على القرار بشأن قضايا هي في غاية الحساسية، من بينها تلك القرارات التي تضرب الكرامة المادية والمعنوية للمواطن المغربي في عمقها. وغياب كلي لمبدأ إشراك الأطراف الأخرى، حتى من داخل مكونات الحكومة.
ولعل في نموذج السلوك الحكومي تجاه تطبيق نظام المقايسة على المحروقات وما أدى إليه من زيادات في المواد الغذائية وضرب القدرة الشرائية للمواطن المغربي مثالا صارخا لهذا المنحى الغريب.
أما الارتباك، فانه ناتج عن كون هذه الحكومة، للأسف الشديد، تشتغل دون مخطط مسبق أو سلم أولويات معلوم أو برنامج زمني محدد بما يجعلها تسقط في كثير من الأحيان في الارتجال والارتباك والتذبذب في المواقف والقرارات.
ولعل نموذج التعامل مع إجراء الاستمرار في إضافة ساعة زمنية على توقيت غرينتش، أو العدول عنه وما تمخض عنه من إعلانات متضاربة أوضحت بالملموس أن هذه الحكومة لا تملك أدنى عناصر التعامل العقلاني مع تدبير مصالح الناس. وأعطت بسلوكها هذا نموذجا للاستخفاف، بمصالح المواطنين والمستثمرين.
وما يمكن أن ينتج عنه من خسارات مادية ومعنوية جسيمة للعديد منهم. وهذا ما لم تدركه الحكومة أو تأخذه في الحسبان.
وهذا دليل مرة أخرى على قصر نظر الحكومة وغياب أي دراسة استشرافية للمستقبل أو أي حساب للنتائج والانعكاسات المترتبة عن القرارات والإجراءات المتخذة من طرفها. فهل قدرت الحكومة الحالية حساب الربح والخسارة حينما أقدمت على نشر لوائح المستفيدين من اقتصاد الريع والمأذونيات ؟ وأحدثت ضجة وصخبا لم تتولد عنه اي سياسة اصلاحية تخرج قطاع النقل او غيره الى دائرة التنافس الشريف وأين هي النتائج العملية لهذا الإجراء في سجل الإصلاح الاقتصادي لبلادنا؟.
وهل قدرت الحكومة الحالية مبلغ الربح والخسارة حينما تسترت عنوة على حقيقة الوضع الاقتصادي والمالي المؤشر إلى وقوع المغرب في أزمة اقتصادية وشيكة والتي كانت جميع المؤشرات تدل على قرب حلولها منذ بداية عمل الحكومة؛ ولكنها إذ ذاك، فضلت أن تركب لغة حماية السيادة المالية للمغرب، دون أن تبادر إلى إنتاج حلول استعجالية ودون ان تدرك أنها فوتت على نفسها فرصة معالجة الداء قبل أن يستفحل وينتشر؟.
هذه نماذج وغيرها كثير مما طبع، مع الأسف الشديد، المسار المرتبك لهذه الحكومة التي ينتظر الشعب المغربي دخولها السياسي بكثير من البرودة، وقليل من الاهتمام، وبقدر ضعيف جدا من الأمل في قدرتها على أن تنتج سياسات تعيد الثقة في المستقبل.
أخواتي إخواني؛
لا يمكنني أن أتناول آفاق الدخول السياسي دون أن أشير إلى جملة من الحقائق التي لا بد أن نقف عندها جميعا.
الحقيقة الأولى: هي أن المغرب لم يعد قادرا على تحمل حكومة تخرج مائلة من اللائحة المقترحة لرئيس الحكومة، لأنها حتما ستسقط عند أولى خطواتها، فالمغاربة قالوا قديما قولتهم الشهيرة والعميقة الدلالة في نفس الوقت "كَالو طاح ...كَالو من الخيمة خرج مايل"
لذلك، فإننا، ومن منطلق رغبتنا في خدمة المصالح العليا للبلاد، نلح على أن تنكب الحكومة على ذاتها، وتعالج تناقضاتها الداخلية وتخرج بشكل نهائي عن سلوك التطاحن الداخلي لتؤسس لانسجام أو شبه انسجام يدوم ولو لما تبقى من عمر هذه الحكومة.
إن هذه الخطوة في تقديرنا؛ تشكل الأولوية المؤسسة والضامنة لقابلية الحكومة للحياة والاستمرار والإنتاج وهو ما يتوقف على تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الانتخابية والحزبية كشرط أساسي للارتقاء بالعمل الحكومي إلى مرتبة العمل الوطني النبيل.
الحقيقة الثانية: وهي أن استقرار هذه البلاد، إنما هو ناتج عن مجموعة عناصر متأصلة ومنصهرة في السلوك الوطني العام، تتمثل من جهة في وجود نظام ملكي جامع وموحد لمختلف مكونات المجتمع وأعراقه، كما يتمثل في دور أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين والساهر على وحدة الأمة والضامن لاستمرار الدولة وازدهارها.
كما يتمثل أيضا في إجماع كل فئات الأمة على حماية المقدسات والدفاع عنها وصيانة القيم والمبادئ المؤسسة ومن ضمنها الخيار الديمقراطي الذي يشكل في عمقه احد ركائز الاستقرار في هذا البلد.
وإن من يعتقد أن الاستقرار مرهون بوجوده هو في الحكم إنما هو مخطئ، لأنه لم يستوعب معنى الخيار الديمقراطي، أو لعله لم يتمثل مفهوم هذا المبدأ في الثقافة التي يحملها أو التي توجهه.
ثم إن هذا الاستقرار قبل كل هذا وبعده، إنما هو نتاج تراكم ممتد في الزمن لعمل أجيال متعاقبة منها من حمل السلاح من اجل استقلال البلاد ومنها من ساهم في مراحل الجهاد الأكبر، جهاد بناء الدولة العصرية الحديثة ومنها من تحمل مسؤولية التسيير في الفترات الصعبة التي كانت تستوجب وجود حكومات مناضلة بالفعل وقادرة على مواجهة الصعوبات الاجتماعية بالسياسات اللاشعبية وهي تلك السياسات التي عرفها المغرب أيام مرحلة التقويم الهيكلي، وأيام الحرب المفروضة على المغرب من أجل حماية وحدته الترابية.
أما أن يأتي اليوم، من يقول انه يحمل مفتاح الاستقرار، فانه ليس أكثر من أن يكون مغرورا أو مخدوعا أو مستقويا بغيره.
الحقيقة الثالثة: وهي أن انتظارات الشعب المغربي العريضة والهامة، لم تعد تتحمل المماطلة أو الانتظار، فحبل الصبر لدى الفئات الشعبية من المجتمع المغربي أصبح قصيرا لا يتحمل مزيدا من التمطيط.
إن إجراء تطبيق المقايسة الأخير على المحروقات وما يستتبعه من زيادة في أثمان المواد الأساسية، وما ينتج عن ذلك من ضرب للقدرة الشرائية للمواطن المغربي الذي يعاني من تجميد الأجور، يخلق جوا من الاحتقان الشعبي من شأنه أن يهدد الاستقرار فعلا.
وهنا يكمن دور الحكومة في الاطلاع بمسؤولياتها في رعاية هذا الاستقرار، فهل أدركت الحكومة الحالية حقيقة التبعات الاجتماعية لقرارها غير المدروس. هل أدركت أن تعطيلها للحوار الاجتماعي خطأ فادح؟
هل أدركت أنها حينما تولي ظهرها للمعطلين من الشباب وتتنكر للالتزامات السابقة، فإنها تساهم في توسيع رقعة اليأس، وهل فطنت الحكومة أن انتشار بؤر التوتر الاجتماعي عبر كل القطاعات التعليمية منها والقضائية والإعلامية والصحية وغيرها، لا يمثل مؤشر خير على حسن تدبيرها للشأن العام؟.
فهل سيتوقف هذا المسلسل من الإجراءات غير المدروسة التي تمس بالكرامة المادية للمواطن عند هذا الحد، أم أن هناك بقية أخرى ستأتي فيما بعد، هذا هو السؤال المخيف؟
إننا نحذر الحكومة الحالية من عواقب استمرارها في هذا السلوك اللامسؤول وندعو إلى توسيع دائرة التشاور في المواضيع التي ترهن مصير المجتمع وتهدد استقراره فالمصير من مسؤولياتنا جميعا، والاستقرار أمانة في عنقنا جميعا، وهذان موضوعان لا يمكن أن نقبل إخضاعهما لوصاية كاملة وشاملة من طرف الحكومة.
الحقيقة الرابعة: وهي أن الحكومة الحالية تمثل النموذج الأكثر وضوحا للتفكك والتنافر وتعطي بالتالي الدليل القاطع على حتمية المرور مستقبلا في تشكيل الأغلبيات وتكوين الحكومات إلى مرحلة التقاطب السياسي.
لقد بلغ الجسم السياسي درجة من النضج، أصبح معها التهافت على المناصب الحكومية من اجل المناصب فقط، ينتمي إلى فترة مضت نرجو ألا تعود مرة أخرى.
إن المسؤولية الحكومية في اعتقادنا، كل لا يتجزأ، وهي ترتبط ارتباطا وثيقا بطبيعة العلاقات الفكرية بين مكونات الحكومة الواحدة، وهذا هو شرط نجاحها وهو السبيل إلى إنتاج سياسات وطنية شجاعة هادفة ومثمرة.
نحن ندرك أن هذا الشرط، لم يكن متوفرا في النسخة الأولى من الحكومة الحالية، وهو بعيد عن أن يتوفر بالكامل في النسخة الثانية إن تحققت، ومع ذلك، فان أملنا هو أن تعمل الأحزاب السياسية ذات المرجعيات المتقاربة أو الموحدة إلى تجسيد التقاطبات حتى تتحقق للمغرب فرصة إنتاج الاغلبيات المتجانسة بشكل طبيعي، وتجنبه سياسات الارتجال والحكومات المتفككة والاغلبيات المشتتة والقرارات المرتبكة.
أخواتي اخوني؛
كان لابد، أن آتي معكم على هذا المسح الخفيف لتصورنا وتقييمنا لمسار الحكومة الحالية، ولكن هذا لا يعفي من الوقوف على حقيقة الاكراهات المطروحة والأولويات الملحة.
إن المغرب اليوم في حاجة إلى معالجة قضية تنزيل أحكام الدستور بكل ما يفرضه ذلك من صرامة في احترام الآجال ومن منهجية في إشراك الجميع بشكل ديمقراطي حتى يتحقق للمغاربة جزء من الآمال التي فتحها الخطاب الملكي ل: 9 مارس 2011، وجسدها دستور فاتح يوليوز 2011 وأجلت تطبيقها الحكومة الحالية.
وإننا نأمل صادقين أن تتوقف النسخة القادمة من الحكومة المنتظرة في فك اسر المقتضيات التطبيقية للدستور.
إن المغرب في حاجة إلى إصلاحات حقيقية كبرى تقوم على تصحيح الأعطاب المتولدة عن سوء الفهم وسوء التقدير وقلة الإدراك والخنوع إلى الانتظارية والتسويف من طرف أولئك الدين تعاقبوا على تسيير أمور القطاعات الحيوية والمصيرية من قبيل التعليم والتكوين والتشغيل والصحة والسكن، وتهييئ مناخ الاستثمار بما يشمله من تبسيط في المساطر الإدارية ووضوح في الإجراءات والأحكام الصادرة عن المحاكم، ومحاربة الرشوة والمحسوبية والريع والاحتكار وكل الأساليب التي تتنافى مع مبدأ المنافسة الحرة والإبداع والاجتهاد.
إن الاتحاد الدستوري، يدعو بالحاح إلى اعتماد سياسات متكاملة للإصلاح الشامل، وهو يعتبر أن هذه السياسات هي الخلاص الحقيقي للخروج من دوائر الأزمة الاقتصادية والمالية وما يترتب عنها من أزمات اجتماعية.
أخواتي المؤتمرات
إخواني المؤتمرين
لا شك أن هذه مجرد إطلالة خفيفة على عمق الصعوبات التي تطبع معالجة الواقع كما نعيشه اليوم، وإننا عازمون على أن نقوم بواجبنا في المعارضة من اجل تصحيح هذه الأوضاع وتقويم سائر السياسات التي تتعلق بها.
سبيلنا إلى النجاح في مهمتنا هذه هو ان نبرم اتفاقا للشراكة مع إخواننا في المعارضة من مختلف الأطياف لنبني معهم جبهة موحدة من اجل الدفاع عن القيم المشتركة والقضايا الوطنية العامة من قبيل قضايا الدفاع عن وحدتنا الترابية وإصلاح التعليم ومحاربة الفساد وحماية الحريات والدفاع عن الحقوق، وصيانة مبدأ الديمقراطية، والعمل على إرساء دعائم مجتمع حداثي منفتح.
وان نعمل على التنسيق معهم في كل ما هو طارئ أو مستجد من القضايا حتى نعطي لعملنا معناه الوطني الخالص ومدلوله السياسي الذي يؤهلنا إلى الارتقاء بالعمل السياسي والمردودية الحزبية ومستوى المناضل الدستوري على جميع الأصعدة.
هذه بعض الأفكار التي أردت أن أتطارحها معكم في هذا المؤتمر الاستثنائي حول وضعنا الحزبي وحول وضعنا الوطني أرجو أن يستمر النقاش حولها وان ينتج هذا النقاش تصورا متعقلا لدى مناضلينا في جميع أنحاء التراب الوطني.
أشكركم وأتمنى لهذا المؤتمر كل النجاح والتوفيق ولمناضلينا في الاتحاد الدستوري مزيدا من العطاء حتى نرقى بعملنا السياسي إلى ما نتطلع إليه جميعا.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.