أقر محمد صالح التامك، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، أنه لازالت هناك معوقات بنيوية لتطوير قطاع السجون، أهمها "الزيادة المسجلة في عدد السجناء، مقابل ضعف الاعتمادات المالية المرصودة والنقص المهول في الموارد البشرية." وقال التامك خلال عرضه للميزانية الفرعية لمندوبتيه، أمام أعضاء لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، اول أمس الجمعة ، إنه "في الوقت الذي ارتفع في عدد السجناء إلى أكثر من 82 ألف نزيل الى حدود شهر شتنبر المنصرم، لم يستفد قطاع إدارة السجون وإعادة الإدماج من أي زيادة في ميزانيته تواكب هذا الارتفاع في عدد الساكنة السجنية"، مضيفا أن هذا القطاع "عرف تقليصا في عدد المناصب المالية المرصودة له." وأكد المسؤول الأول عن سجون المملكة، أن هذا التقليص "من شأنه أن يشكل في حد ذاته تهديدا لأمن المؤسسات السجينة وسلامة نزلائها وكذا سلامة الموظفين العاملين بها"، موضحا أن مندوبيته "راسلت الجهات المعنية وكان لها لقاء معها لمدها بتشخيص دقيق لاحتياجاتها من الوسائل المادية والبشرية الضرورية وأكدت على الارتباط المباشر بين تلبية هذه الاحتياجات والحفاظ على أمن المؤسسات السجنية." وأكد المتحدث ذاته أن "إشكالية ضعف الميزانية المرصودة للمندوبية العامة لا تقل أهمية عن إشكالية الاكتظاظ، باعتبار أن النهوض بأوضاع السجون وما يتطلبه من نهج سياسة سجنية فعالة يتطلب اعتمادات مالية كافية لتغطية النفقات المرتبطة بالعناية بالسجناء كالنظافة والرعاية الصحية والتغذية، حيث نسجل في هذا الإطار استقرار الميزانية خلال السنوات الأخيرة مقابل الارتفاع المتزايد للساكنة السجنية باستثناء الرفع من ميزانية التغذية والذي مكن من اعتماد التدبير المفوض بجميع السجون". وأضاف التامك أن ما يزيد من تعميق هذه الإشكاليات النقص المهول في عدد الموظفين الذي أصبح يشكل أحد المعوقات الأساسية لأداء المؤسسات السجنية لدورها الأمني والتربوي"، مبرزا أنه بالرغم من إلحاح المندوبية العامة على ضرورة رصد العدد الكافي من المناصب المالية للتخفيف ولو نسبيا من حدة الخصاص فقد لوحظ التقليص المستمر في عدد المناصب المرصودة لها والتي لا تتجاوز 350 في مشروع قانون مالية 2018. وأكد المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج أن هذا الخصاص في الموظفين من شأنه أن يؤثر سلبا على نسبة التأطير الأمني والتربوي بالمؤسسات السجنية التي لا تتعدى حاليا موظف لكل 40 سجين بالنهار وموظف لكل 300 سجين بالليل، وأن يتسبب في إنهاك مستمر للموارد البشرية المتوفرة التي تعمل أصلا في ظروف جد صعبة ومحفوفة بالمخاطر اليومية، حيث يتعرض الموظفون لاعتداءات لفظية وجسدية تصل احيانا الى حد القتل كما وقع مؤخرا بالسجن المحلي تولال2، " وكل ذلك في غياب التحفيزات اللازمة لهذه الفئة من موظفي الدولة التي لم تستفد بعد من التعويض على السكن والتعويضات المخولة للقطاعات الأمنية المماثلة، وذلك رغم أنهم يشتغلون في مجال مغلق ويؤدون مهام شاقة"، وفق تعبير التامك وفي الوقت الذي أكد فيه بأن أنسنة ظروف الاعتقال شكل على الدوام أحد أولويات المندوبية العامة، اعتبر التامك "أن إشكالية تفاقم ظاهرة الاكتظاظ يشكل إكراها كبيرا لتدبير المؤسسات السجنية، وذلك بالنظر الى تأثيرها السلبي على تأمين مختلف الخدمات الأساسية من إيواء وتغذية وفسحة وتطبيب وزيارة وبرامج تأهيلية." وحسب المعطيات التي قدمها التامك أمام البرلمانيين، فإن المندوبية العامة عملت على تحسين ظروف الإيواء من خلال بناء سجون جديدة وإغلاق السجون المتهالكة، حيث تم خلال الفترة 2012-2017 افتتاح 16 مؤسسة سجنية منها 3 مؤسسات سنة 2017، وهي السمارة والعرجات2 وطنجة2، وإغلاق 11مؤسسة قديمة بعضها كان دائما محط انتقادات المنظمات الحقوقية كسجن بولمهراز بمراكش وسجن انزكان وسجن عين قادوس بفاس، معلنا عن قرب إغلاق السجن المحلي بسلا1 قبل متم السنة الجارية. وزاد التامك، أن "الوضع الحالي لازال دون مستوى تطلعات المندوبية العامة بالنظر الى الازدياد المضطرد للساكنة السجنية، وعدم القدرة على التشغيل الكامل للعديد من المؤسسات السجنية بفعل النقص الحاصل في الموارد البشرية، هذا فضلا عن عدم القدرة على إنجاز مشاريع بناء السجون المبرمجة بسبب النقص في ميزانية الاستثمار"، مشيرا إلى أنه رغم إشكالية الارتفاع المضطرد للساكنة السجنية الذي وصل إلى 82 ألف و400 سجينا متم شهر شتنبر2017، مكنت المجهودات من الرفع من معدل مساحة الإيواء من 1.68م مربع سنة 2012 الى 1.83م مربع لكل سجين سنة 2017.