فرضت البوليساريو خلال الأيام الأخيرة، عن طريق ميليشياتها، طوقا وحصارا غير مسبوقين على المحتجزين في مخيمات تيندوف. وأكدت مصادر متطابقة أن حالة من الارتباك تسود داخل مخيمات تيندوف بشكل لم يسبق له مثيل بعدما علمت ميليشيات البوليساريو بخبر عزم مجموعة من الشباب الهروب من ويلات الاحتجاز والعودة إلى أحضان وطنهم الأم. وقالت المصادر ذاتها إنه بعدما شاع هذا الخبر بشكل كبير سارع المدعو محمد عبد العزيز إلى إعطاء الأوامر لتصعد ميليشياته من وتيرة الطوق الذي تفرضه على المخيمات، خاصة على مستوى ما يسمى بمبنى "الكتابة العامة" وضواحيها، حيث تم تسييج الساحة الواقعة أمام هذا المبنى. وأضافت المصادر أن الاتصالات عبر "djezzy " ،شبكة الاتصالات الجزائرية، التي يتم التواصل بها داخل تيندوف تتقطع بين الفينة والأخرى، وذلك بفعل التنصت العشوائي المستمر وغير القانوني على المكالمات الهاتفية. وتابعت المصادر أن البوليساريو شددت في الأيام الأخيرة الخناق على المحتجزين في المخيمات، وضيقت بشكل خطير على حرية التجول، كما نصبت كاميرات جديدة على مستوى السور الخارجي، وعطلت خدمة الرسائل النصية وشبكة الإنترنت، وذلك لتفادي التواصل بين أفراد هذه المجموعة، مشيرة إلى أن كل هذه الإجراءات تفسر حقيقة مفادها أن العودة الجماعية إلى أرض الوطن تمثل نزيفا حقيقيا للبوليساريو، خاصة وأن هذه الأخيرة متيقنة أن غالبية المحتجزين متعطشون للعودة في ظل خيار الحكم الذاتي كحل وحيد لمشكل الصحراء المفتعل ، وينتظرون الفرصة للتخلص من واقع البؤس والشقاء والظلم المسلط عليهم. ويأتي هذا الحصار كخطوة من البوليساريو في محاولة منه لإرضاء الجيش الجزائري الذي أقدم مؤخرا على إقامة جدار رملي عازل حول المخيمات يعزل بصفة نهائية كل مخيم عن المخيمات الأخرى ويعزل المخيمات جميعها عن المحيط الخارجي، وهو الواقع الذي أصبح معه لزاما على كل من يدخل المخيمات أو يخرج منها المرور عبر نقط تفتيش تشرف عليها قوات جزائرية تملك من الصلاحيات ما يسمح لها بدخول المخيمات دون تصريح ويعطيها الحق في ملاحقة أي كان داخلها، فيما يمنع تنقل أي كان بين المخيمات إلا بتصريح خاص. إن المعطيات تؤكد أن مخيمات الذل والعار قد تحولت إلى فضاء لكل أنواع المآسي الإنسانية التي لا تصل إلى الرأي العام الدولي، وأن الحصار الذي تفرضه البوليساريو على المحتجزين ليس أمرا غريبا عن عصابة ظلت لأكثر من 36 سنة تقمع كل محاولات التمرد، وحتى الإدلاء بآراء أو مبادرات لا تتوافق مع أطروحتها الانفصالية، وبالتالي فإن حجم هذا الحصار يكشف عن تزايد حالة من التذمر من القيادة الفاشلة التي أوصلت النزاع حول الصحراء إلى طريق مسدود، بسبب انشغالها في تحقيق مصالحها الفردية الخاصة.