رحل إلى دار البقاء الفنان أحمد الطيب لعلج أحد الرموزالكبار الذين برعوا في عدة مجالات من تأليف مسرحي وتمثيل وشعر وزجل...، مساء أول أمس السبت بالرباط، عن عمر يناهز 84 عاما، وروي جثمان الفقيد الثراء أمس الأحد بمسقط رأسه بمدينة فاس في موكب جنائزي مهيج بحضورثلة من الفانين والأدباء ... وفي هذا الصدد، عبر الفنان جمال الذين بنحدو عن أسفه وصدمته الكبرى من تلقي الخبر، وأوضح في تصريحه ل"رسالة الأمة" أن رحيل الفقيد يشكل فراغا للساحة الفنية والأدبية في إطارها العام، وتابع بنحدو في سياق حديثه" بضياع الهرم المغربي الطيب العلج تضيع لنا الكلمة المغربية الشاعرة والمسرحية والمتعددة الأذواق، خاصة وأنه برز كملحن ولعل أشهر ألحانه القطعة الموسيقية" ما أنا إلا بشر" للفنان عبد الوهاب الدكالي، مضيفا أن الفن المغربي سيصبح يتيما برحيل الفقيد الذي وضع ركائزه وظل وفيا في الحفاظ على خصوصياته، ولم يخف بنحدو ذكرياته الخاصة مع الراحل التي طبعتها كل سمات الصداقة والود والعرفان والقيم النبيلة، مشيرا في المنحى ذاته إلى العلاقة الوطيدة التي جمعتهما على المستويين الفني والإنساني . ولم ينفي فنان الملحون في موضوع متصل الفضل الكبير للراحل على مساره الفني، حيث قال" لقد فتح لي أبوابه بكل طيبة وشدد على طلبه للقناة الثانية بحضوري خلال تكريمه من لدنها، وبعد فترة من الزمن ذهبت علاقتنا بعيدا لنصبح عائلة حقيقية متماسكة، حيث تعرفت على أبناءه الذين طالما اعتبروني واحد ا منهم، بحكم صلتي القوية بالراحل الذي كنت أناديه عمي،لأنه حريصا على اطلاعي بكل مستجداته " . وفي سياق متصل، كشف بنحدو أنه استطاع خلال الأيام التي دخل فيها الر احل مرحلة المرض، تأسيس مؤسسة الطيب العلج للبحوث في جميع الفنون بمعية محبيه تخليدا لذكراه كاسم لامع سطع نجمه في تاريخ الفن والأدب المغربيين، مشيدا بتميزه وبراعته على مستوى كتابة النثر وغيره، حيث نعته ب"الموسوعة الفنية والأدبية التي تمثل مفخرة للمغرب والمغاربة عموما. من جانبه، أكد مصطفى القباج الأمين العام لمؤسسة"أحمد الطيب العلج للمسرح والزجل والفنون الشعبية" أن الفقيد كان من العباقرة الذين اغنوا الثقافة المغربية، مبرزا إسهاماته المتفردة في مجال التأليف المسرحي والزجل ودراسات الفنون الشعبية والأمثال، وتابع" كان الراحل إنسانا عصاميا وله عطاء كبير ويضحى بتقدير ومحبة الجميع" وولد الفنان أحمد الطيب العلج، الذي تعددت مواهبه بين التأليف والشعر والتمثيل والزجل والمسرح في 9 دجنبر 1928 بمدينة فاس، حيث كان مهتما بالثقافة الشعبية والغناء طبقا للتربية الحليقية التي تلقاها في مسقط رأسه، إذ اشتغل موظفا بوزارة الأنباء، كما عمل رئيسا لمصلحة الفنون الشعبية بمسرح محمد الخامس بالرباط ، إلى جانب ذلك ألف واقتبس الفقيد مجموعة من النصوص المسرحية، ومن أبرز أعماله المنشورة نذكر"دعاء للقدس، بناء الوطن، السعد، جحا وشجرة التفاح..." وفي سنة 1960 شارك أحمد الطيب العلج في التدريب بمسرح الأمم بباريس، ثم انضم إلى اتحاد كتاب المغرب سنة 1986، ليحرز سنة 1973 على جائزة المغرب في الآداب، كما نال وسام الاستحقاق الفكري السوري سنة 1975. وفي الأيام الأخيرة من حياته تعززت الساحة الثقافية والفنية الوطنية بإحداث مؤسسة «أحمد الطيب العلج» للمسرح والزجل والفنون الشعبية التي أعلن عن ميلادها يوم الأحد الماضي بالرباط خلال جمع عام تأسيسي ضم ثلة من المسرحيين والزجالين والموسيقيين من أصدقاء الفنان وأفراد عائلته وتمت خلاله مناقشة أهداف المؤسسة وبرامج عملها في المستقبل وأفاد بلاغ للمؤسسة أنها ستعمل على نشر تراث العلج المخطوط من مسرحيات وأزجال وكلمات الأغاني وكذا الدراسات الخاصة بالأمثال والحكايات فضلا عن مذكراته الشخصية، كما ستتولى المؤسسة إنشاء مكتبة متخصصة في الميادين المذكورة إضافة إلى دعم الفرق الهاوية والطاقات الشبابية الواعدة وانجاز دراسات أكاديمية وبنك للمعطيات وموقع الكتروني وأفلام وثائقية للحفاظ على مخزون الذاكرة الثقافية والفنية المغربية. يشار إلى أن حفل التكريم الذي أقيم على شرف الفقيد بمسرح محمد الخامس بالرباط، كان من تنظيم وزارة الاتصال والمكتب المغربي لحقوق المؤلفين بشراكة وتعاون مع المسرح الوطني والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، يندرج في إطار تقليد سنوي وذلك لتخليد اليوم العالمي للملكية الفكرية، إذ تقترن هذه المبادرة مع الحدث الدولي المتمثل في يوم تكريم الإبداع على المستوى الدولي، حيث قال بالمناسبة أتمنى للمغرب أن يبقى حرا أبيا، جميلا، رائعا، يشاهر بالحب إلى جميع الناس، أما أعداء المغرب فقال لهم " إنه لا يمكن للمغاربة إلا أن يجابهوكم بالمحبة". ويذكر أن من تصريحات الفقيد الأخيرة قوله "إن ثقافة التكريم في حياة الفنان قبل مماته، لا يمكن إلا أن تزيده طمأنينة ومحبة وإرادة وعزيمة على العطاء وتولد لديه الرضا بالنفس، مبرزا أن وضع الفن والفنان بالمغرب في الطريق الصحيح، قائلا " إلا مشاوناس يجيو ناس".