أثارت قضية الطفلة البالغة من العمر 13 عاما، التي تعرضت للاغتصاب الجماعي والاستغلال الجنسي، موجة غضب واسعة بفعل الأحكام التي أصدرتها المحكمة الجنائية الابتدائية بمراكش. والتي اعتبرتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان هذه الأحكام "مخففة ولا تعكس فداحة الجريمة المرتكبة". وتعود فصول هذه المأساة عندما قام ثلاثة أشخاص باستدراج الطفلة وإغوائها، وتعرضها لاعتداءات جنسية متكررة أسفر عنها حمل. لتضع الضحية مولودها في مستشفى السلامة بقلعة السراغنة. وكشفت فحوصات جينية أن أحد المتهمين هو الأب البيولوجي للطفل، وهو ما دفع دفاع الضحية والجمعيات الحقوقية إلى المطالبة بإعادة تكييف التهم بناء على هذه النتائج. وأصدرت المحكمة أحكامها بعد عدة جلسات قضائية، حيث قضت بسجن المتهم الأول 10 سنوات نافذة بتهمة استدراج قاصر تعاني من إعاقة ذهنية واغتصابها بالعنف، فيما نال المتهم الثاني 6 سنوات نافذة بتهمة إغوائها واغتصابها أما المتهم الثالث، والذي أكدت الفحوصات الجينية أنه الأب البيولوجي للمولود، فقد حكم عليه بالسجن 8 سنوات نافذة، إضافة إلى إدانته بجريمة الارتشاء. كما قررت المحكمة إلزام المتهمين بدفع تعويض مدني قدره 100 ألف درهم للضحية، ودرهم رمزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي نصبت نفسها طرفا مدنيا في القضية. هذه الأحكام قوبلت بانتقادات حادة من قبل الجمعيات الحقوقية، التي رأت فيها "تساهلا غير مقبول" مع الجناة، مشيرة إلى أن القانون الجنائي المغربي يقر عقوبات قد تصل إلى 20 سنة في مثل هذه الجرائم، واعتبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن هذه العقوبات لا تشكل رادعا كافيا وطالبت بإعادة تكييف التهم بناء على نتائج الفحوصات الجينية لضمان حق الطفل في النسب والهوية وفقا للمادة 7 من اتفاقية حقوق الطفل. كما شددت على ضرورة تشديد العقوبات في جرائم الاعتداء الجنسي على القاصرين لضمان عدم تكرارها مع ضرورة تعويض الضحية عما لحق بها من أضرار نفسية وجسدية، فضلا عن إصلاح القانون الجنائي المغربي ليشمل نصوصا واضحة تجرم البيدوفيليا والاستغلال الجنسي للأطفال وإدراج الفحوصات الجينية كدليل رسمي لإثبات النسب في مدونة الأسرة. من جهتها، اعتبرت منظمة "ما تقيش ولدي" أن الأحكام الصادرة تمثل "خطوة إيجابية لكنها غير كافية"، مجددة دعوتها إلى تشديد العقوبات في قضايا اغتصاب الأطفال، خاصة بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة وذلك لضمان حماية هذه الفئة من الاعتداءات المتكررة كما أكدت المنظمة تضامنها مع الضحية وأسرتها، مطالبة بتوفير الدعم النفسي والاجتماعي لها. هذه القضية تأتي في سياق نقاش واسع حول ضرورة إصلاح المنظومة القانونية المتعلقة بحماية القاصرين في المغرب حيث يدعو العديد من الحقوقيين إلى ضرورة مراجعة القوانين الحالية وتشديد العقوبات في جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال، وصولا إلى فرض السجن المؤبد في الحالات التي تؤدي إلى الحمل أو تسبب أضرارا جسدية ونفسية جسيمة للضحايا. كما يطالب النشطاء الحقوقيون بإدراج الفحوصات الجينية كدليل قانوني لإثبات النسب في مدونة الأسرة، فضلا عن تعزيز آليات حماية القاصرين عبر تسريع إجراءات المحاكمة وضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.