يشكل العنف ضد الأطفال خطرا كبيرا على صحتهم النفسية والجسدية، حيث يؤدي إلى اضطرابات عاطفية وسلوكية طويلة الأمد، يمكن أن يضعف ثقتهم بأنفسهم ويؤثر على تطورهم الاجتماعي، كما أن الأطفال المعنفين قد يعانون من مشاكل مثل الاكتئاب والقلق واضطرابات السلوك، في هذات المقال سيوضح لنا هشام العفو المعالج النفسي ورئيس رابطة متخصصي الصحة النفسية والعقلية بالمغرب، الأثار السلبية للعنف على الصحة النفسية للطفل. أكد الدكتور هشام العفو، أن تأثير العنف على الأطفال يمتد إلى مراحل متقدمة من حياتهم، ويحدث أضرارا عميقة على نموهم النفسي والعاطفي، وأوضح أن هذه الأضرار تتنوع وتتطور مع تطور الطفل مما يجعل من الصعب حصرها. مشيرا أن الدراسات العلمية تظهر أن العنف الذي يتعرض له الطفل يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات نفسية مدمرة، تتجلى هذه الاضطرابات في تدهور الثقة بالنفس والخوف المزمن الذي قد يعيق تطور الطفل الاجتماعي والأكاديمي، كما يمكن أن تؤدي هذه التجارب إلى ميل الطفل للعزلة والانغماس في ألعاب الفيديو كوسيلة للهروب من واقعه العنيف. عند الحديث عن العنف الموجه للأطفال والذي يتم توثيقه ونشره على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن هذا النوع من العنف يصنف ضمن اختصاص علم النفس الجنائي. يسعى هذا المجال إلى فهم الدوافع النفسية والمرضية وراء مثل هذه السلوكيات، إضافة إلى تقييم خطورتها على الطفل. تتطلب هذه الحالات تقييماً نفسياً للأم لتحديد سلامتها العقلية، وكذلك للطفل المعنَّف لفهم مدى تعمق الأثر النفسي للعنف. تشير الأبحاث إلى أن التعنيف المستمر في الطفولة يمكن أن يؤدي إلى تطور اضطرابات نفسية معقدة مثل اضطراب القلق العام أو اضطراب الشخصية الحدية، في بعض الحالات، قد تنمو شخصية الطفل في اتجاه منحرف، ما يؤدي إلى سلوكيات خطيرة مثل العنف الإجرامي. تدعم دراسة أجراها الباحثون العزاوي وآخرون (2022) هذه النتائج، حيث تم تحليل 50 حالة لقتلة متسلسلين، ووجدت أن 78% منهم تعرضوا لعنف أسري شديد في طفولتهم. تبرز الدراسة دور الإساءة الجسدية والنفسية من مقدمي الرعاية الأساسيين في تشكيل سلوكيات إجرامية لاحقا، ومن بين النماذج الواقعية التي تعزز هذا التحليل حالة هنري لي لوكاس القاتل المتسلسل الأمريكي الذي تعرض لإهانات وعنف شديد من والدته، مما دفعه إلى ارتكاب جرائم بشعة. لمواجهة هذه الآثار، يؤكد الدكتور العفو على أهمية التدخل العلاجي المبكر للأطفال المعنفين، يعد التشخيص الإكلينيكي أداة أساسية لفهم مدى تأثر الطفل بالعنف ووضع خطة علاجية مناسبة. بناء على هذه التحليلات، يصبح من الواضح أن العنف ليس مجرد فعل لحظي، بل هو جرح عميق قد يرافق الطفل مدى الحياة إذا لم يعالج بشكل صحيح. لذا فإن التصدي لهذه الظاهرة يتطلب تضافر الجهود بين الجهات المختصة، من أطباء نفسيين وقانونيين واجتماعيين، لضمان حماية الأطفال ورعاية صحتهم النفسية.