بعد سنوات من نضال الفعاليات النسائية والحقوقية لإعادة النظر في بعض بنود مدونة الأسرة والمعمول بها على امتداد 18 سنة، وجه أمير المؤمنين، الملك محمد السادس، رسالة سامية إلى رئيس الحكومة، يوم أمس، تتعلق بإعادة النظر في مدونة الأسرة للنهوض بقضايا المرأة الأسرة بشكل عام، كما أكد جلالته خلال رسالته السامية على ضرورة إصلاح مدونة الأسرة بشكل جماعي ومشترك، لكل من وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، وذلك بالنظر لمركزية الأبعاد القانونية والقضائية لهذا الموضوع. أكدت أمينة التوبالي، حقوقية، أن الرسالة التي وجهها جلالة الملك محمد السادس، لرئيس الحكومة من أجل رفع التعديلات المتعلقة بإصلاح مدونة الأسرة، تعد مبادرة هامة ينتظرها كل الفاعلين والمهتمين بقضايا الأسرة، وكذا المتضررين والمتضررات من بعض أحكام مدونة الأسرة في شكلها الحالي، والتي أصبحت متجاوزة مقارنة مع بعض أحكام الدستور، وكذا الاتفاقيات الدولية التي التزم بها المغرب، وأهم ما جاء في الرسالة الملكية هو طلبه من رئيس الحكومة إشراك مجموعة من المؤسسات الرسمية والانفتاح أيضا على هيئات وفعاليات المجتمع المدني . موضحة في تصريحها ل"رسالة24″ أن المجتمع المدني والأكاديميون لهم دور مهم في إغناء المدونة نظرا لتراكم تجربتهم الترافعية سواء من خلال الحضور في ساحة النضال أو من خلال تنوير المجتمع عبر الأبحاث العلمية والجامعية، ليحظى جميع الأطراف بحقوقهم كاملة بدون تمييز لأن الهدف الأساسي حفظ كرامة الجميع والحفاظ على التماسك الأسري في جميع الحالات الاجتماعية. ومن أهم بنود مدونة الأسرة التي أكدت الحقوقية أمينة التوبالي على ضرورة إعادة النظر بها، المادة 20 المتعلقة بزواج القاصرات، والتي ارتبطت بشكل قوي بالعالم القروي، لأن فارق السن بين الطفلة والزوج يوحي بأن الأمر يتعلق بالبيدوفليا وليس بالزواج، والذي يعد اغتصاب للجسد والكرامة، بالإضافة إلى المادة49 من المدونة والذي يعنى بتدبير الأموال المكتسبة للزوجين، ويحيل على مفاهيم كحق الكد والسعاية، الذي كان معمول به في بعض المجتمعات خاصة منطقة سوس،بحيث نجد أن هناك أزواج أسسوا ثروة من خلال مساهمة زوجتهن في رأس المال الأصلي للمشروع أو من خلال مساعدتهن بالعمل أو من خلال صبر سنين طويلة وقبول وضعية اجتماعية هشة لأجل الصعود إلى أن يتحقق الثراء أحيانا بتعب وشقاء الزوجة، وتعتبر التوبالي أن الزوجة تساعد في الرفع من المستوى المالي لأسرتها، وللأسف بعض الرجال اختاروا هجرة زوجاتهن لأسباب عديدة، غير أن الزوجة في هذه الحالة تغادر بيت الزوجية بحقيبتها فقط، خاصة عند كبر . لهذا تؤكد الحقوقية على ضرورة إعادة النظر في الفصل 49 والاعتراف بحق المرأة في الكد وتثمين عملها المنزلي ودورها في التربية. وترى المتحدثة ذاتها، أن هذه النقاط الخلافية ستبقى موضوع نقاش مجتمعي، والحركة النسائية لا تتحدث من فراغ فكل القضايا التي تترافع حولها نتيجة دراسات ميدانية، وشكاوي يومية لمراكز الإنصات من قهر بعض الممارسات التي تم استغلال الدين فيها لحجب بعض المعاناة الاجتماعية، رغم أن الإسلام جاء رحمة للمؤمنين والمؤمنات، والله أمر بتحريم الظلم في اغلب نصوصه.