دخلت هدنة جديدة بين الجيش وقوات الدعم السريع حيز التنفيذ صباح السبت في السودان، حيث أبقى سكان آمالهم متواضعة حيالها بعدما خرق الطرفان كل الاتفاقات السابقة ولم يتيحا لهم فرصة التقاط الأنفاس في نزاع يقترب من شهره الثالث. ومنذ بدء المعارك في 15 أبريل بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، أبرم الجانبان أكثر من اتفاق لوقف إطلاق النار، سرعان ما كان يتم خرقها، ودخلت الهدنة حيز التنفيذ على أن تستمر ل24 ساعة فقط. وكان السكان أكدوا في وقت سابق أنهم لا يتوقعون الكثير من هذه الهدنة. وقال محمود بشير الذي يقطن وسط ضاحية بحري بشمال العاصمة "هدنة يوم واحد أقل من طموحنا. نتطلع الي إنهاء شامل لهذه الحرب اللعينة". من جهته، قال عصام محمد عمر الذي هجر من منزله وسط الخرطوم الى ضاحية أم درمان "هدنة لا تخرج قوات الدعم السريع من منزلنا الذي أخرجونا منه قبل ثلاثة أسابيع لا تعني لي شيئا". وكما سابقاتها من الاتفاقات، تهدف الهدنة الجديدة بشكل أساسي إلى تأمين وصول المساعدات الانسانية الى السكان المقد ر عددهم بنحو 45 مليون نسمة، ويحتاج أكثر من نصفهم الى مساعدات في بلد كان أصلا من الأكثر فقرا في العالم قبل النزاع الراهن. وأكد الطرفان مجددا عزمهما على احترام الهدنة لأغراض "إنسانية". وشدد الجيش على احتفاظه "بحق التعامل مع أي خروقات" قد ترتكبها قوات الدعم، في حين أملت الأخيرة بألا يعرقل الجيش "جهود المساعدات الإنسانية لرفع معاناة المواطنين". وشكك مراقبون في مصير الهدنة، خصوصا وأن ظروفها لم تتبد ل عن سابقاتها. وأودى النزاع بأكثر من 1800 شخص، حسب مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد). إلا أن الأعداد الفعلية للضحايا قد تكون أعلى بكثير، بحسب وكالات إغاثة ومنظمات دولية. ووفق المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، تسب ب النزاع بنزوح حوالى مليوني شخص، بينهم أكثر من 476 ألفا عبروا الى دول مجاورة. وجاء الإعلان عن الهدنة الجديدة في بيان مشترك سعودي-أميركي، أعرب فيه الطرفان اللذين يقودان منذ أسابيع وساطة بين المتحاربين، عن خيبة أملهما من فشل كل محاولات التهدئة. وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان الجمعة إن الرياض وواشنطن "تتشاركان مع الشعب السوداني حالة الإحباط من عدم الالتزام بالهدن السابقة، وعليه تم اقتراح هذه الهدنة لتيسير وصول المساعدات الإنسانية وكسر حالة العنف والمساهمة في تعزيز تدابير بناء الثقة بين الطرفين مما يسمح باستئناف مباحثات جدة". وأعلن الوسيطان الأسبوع الماضي تعليق المباحثات بعد قرار الجيش الانسحاب منها. لكنهما حض ا طرفي النزاع على إبرام اتفاق جديد، وأكدا بقاء ممثل ي الجانبين في جدة على رغم تعليق المفاوضات المباشرة. وحذرا من أنه "في حال عدم التزام الطرفين بهذه الهدنة، فسيضطر المسي ران الى تأجيل محادثات جدة". ورأى فيرجي أن الرياض وواشنطن، وعلى رغم فشل محاولاتهما وغياب أي أفق لحل ، تواصلان السعي لتهدئة "لأن مهمة الوسيط هي مواصلة المحاولة حتى متى بدت الأمور قاتمة". وتعاني الخرطوم التي كان يقطنها أكثر من خمسة ملايين نسمة قبل بدء المعارك، إضافة الى مدن أخرى، من نقص في المواد الغذائية وانقطاع الكهرباء وتراجع الخدمات الأساسية. وتأتي الهدنة غداة تجديد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ثقته بمبعوثه الألماني فولكر بيرتس، بعدما اعتبرته الحكومة السودانية شخصا "غير مرغوب فيه". واعتبر المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك أن إجراء الخرطوم "يتنافى" ومبادئ الأممالمتحدة و"لا يمكن تطبيقه"، مؤكدا أن صفة بيرتس "لم تتبدل راهنا ويبقى موقف الأمين العام كما عبر عنه أمام مجلس الأمن الاسبوع الفائت"، في إشارة الى الثقة التي أعرب عنها حياله. وكانت الخارجية السودانية أكدت الخميس أن الحكومة أخطرت الأمين العام بإعلان بيرتس "شخصا غير مرغوب فيه"، وذلك بعد امتناع المنظمة عن التجاوب مع طلب البرهان استبدال بيرتس إثر اتهامه بتأجيج النزاع. ومدد مجلس الأمن الدولي مطلع يونيو لمدة ستة أشهر، مهمة "بعثة الأممالمتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان" (يونيتامس)، وعلى رأسها بيرتس.