أعادت واقعة طفلة تيفلت على المحك مسألة تعارض الأحكام القضائية في قضايا الاغتصاب و العنف مع فصول القانون الحنائي التي تفرض عقوبات بين عشر وعشرين سنة فيما يخص جرائم إغتصاب القاصرين. فبعدما حول المغتصبون حياة هذه الطفلة القاصر ذات ال 11 ربيعا إلى خريف و جحيم، لم يتجاوز الحكم على المغتصبين السنتين فقط. للإجابة عن هذه المسألة، صرحت الأستاذة فتيحة أشتاتو محامية وحقوقية ل "رسالة 24 " بأن الخلل يكمن عموما في منظومة القانون الجنائي التي لم تعرف إلا تعديلات محتشمة وطفيفة منذ سنة 1962، و حان الوقت لتحيينها تبعا لما يوجد في دستور المملكة المغربية 2011 الذي يساوي بين المواطنين في جميع المجالات الاقتصادية والثقافية والبيئية والاجتماعية. هذا الأخير، ينص على مجموعة من الحقوق، إلى جانب الاتفاقيات الدولية التي تتعلق برفع التمييز عن المرأة وجميع أشكال العنف وبالمصلحة الفضلى للأطفال وحمايتهم، و كلها إتفاقيات صادق عليها المغرب و تلزمه بواجب التطبيق، خاصة و أن الدستور نفسه ينص في هذا الباب على أن الاتفاقيات الدولية تسمو على القانون الوطني. وبناء عليه، توضح الأستاذة أشتاتو أنه مجاراة للتحولات و التطورات التي يعرفها المجتمع المغربي، حان الوقت للقيام بمراجعة شاملة للقانون الجنائي. وترجع المتحدثة السبب في عدم تشديد العقوبات في هذه الحالات إلى ضبابية النصوص القانونية وعدم وضوحها و في كونها غير محددة. فمثلا الفصل 486 المتعلق بالاغتصاب الذي لا يحدد عقوبة مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها، كما أن النصوص لا تحدد مفهوم الاغتصاب، في حد ذاته، لأنه محمل بعدة أشكال. وتفيد الحقوقية أن عدم وضوح النصوص القانونية إلى جانب السلطة التقديرية للقضاة يفضي إلى عدم التساوي في الأحكام بالرغم من ارتكاب الأشخاص نفس الجريمة. كما هو الشأن في واقعة طفلة تيفلت، إذ قدر القاضي المدة العقابية المنخفضة لعدم خطورة الأفعال، مستفسرة بغرابة:هل من خطورة أكثر من استغلال طفلة تبلغ 11 سنة نتج عنه حمل؟ فالواقعة و الحكم الموازي لها مأساة حقيقية في نظر الحقوقية، فهي لا تتناسب مع التعديلات التي تم ادخالها في القانون الجنائي سنة 2018 فيما يتعلق بقانون 103.13. وفي هذا السياق، تتساءل الأستاذة أشتاتو عن الحماية التي قدمها هذا القانون، فالسلطة التقديرية بحاجة إلى أحكام رادعة ومحددة ، مشددة على عدم التسامح مع كل أشكال العنف، و ضرورة عدم استحضار ظروف التخفيف في مثل هذه الوقائع، فالجاني لا يجب تمتيعه بالتدابير الحمائية إلا برضى الضحية إذا كانت راشدة مع تعويض مادي، وفي حالة عدم مقدرة الجاني على دفعه وجب تخصيص صندوق ضحايا العنف خاصة العنف الجنسي نظرا لآثاره الجانبية خاصة النفسية التي يخلفها على الضحية. و أكدت الأستاذة أشتاتو أن مثل هذه الأحكام تساهم في الإفلات من العقاب وتشجع على الاستمرار في الاعتداء على النساء وممارسة العنف. و يذكر أن الحكم القضائي الذي أصدر في حق الجناة أغضب الرأي العام الحقوقي، واستغرب له وزير العدل عبد اللطيف وهبي نفسه، و يبشر بإنصاف الضحية وتطبيق القانون في جولة الإستئناف.