لا يزال الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بالرباط، بخصوص اغتصاب فتاة قاصر بمدينة تيفلت من طرف ثلاثة أشخاص، يثير السخط والاستنكار، بعدما اكتفت المحكمة بإدانة المتهمين بسنتين فقط. واعتبرت العديد من الأصوات والهيئات أن هذا الحكم لا يناسب هول الجريمة، حيث تعرضت القاصر البالغة 11 سنة للاغتصاب بشكل منتظم، مع التهديد بالقتل، ما تسبب لها في الحمل. وأدانت المحكمة المتهمين بتهم التغرير بقاصر بالتدليس وهتك عرضها بالعنف للمتهم الأول والثاني، والتغرير بقاصر بالعنف وهتك عرضها بالعنف الناتج عنه افتضاض للمتهم الثالث، فقضت على الاولين بسنتين نافذتين في حدود 18 شهرا، وعلى الثالث الذي تسبب في الحمل بسنتين نافذتين. وفي حيثيات الحكم، قررت المحكمة منح المتهمين ظروف التخفيف، نظرا للظروف الاجتماعية لكل واحد من المتهمين، و لعدم سوابقهم القضائية، ولكون الجزاء المقرر قانونا لما أدينوا به قاس بالنسبة لخطورة الأفعال المرتكبة وبالنسبة لدرجة إجرامهم، وهو ما يتعين معه النزول بالعقوبة المقررة قانونا عن حدها الأدنى مع تطبيق الفصل 147 من القانون الجنائي. كما أوضح قرار الحكم أن المحكمة وبعدما تبين لها عدم سبقية الحكم المتهمين الأول و الثاني بأية عقوبة حبسية من الجرائم المضمنة في الفصل 55 من القانون الجنائي، بالنظر لحداثة إجرام المتهمين وظروفهم الاجتماعية المبسوطة أثناء المحاكمة وخلو ملف النازلة من أية سوابق قضائية لهما قررت جعل جزء من العقوبة المحكوم بها المتهمان المذكوران موقوفة التنفيذ. هذا الحكم أثار موجة استنكار، عكست جزءا منها مواقع التواصل الاجتماعي، التي رفضت الظلم الذي تعرضت له القاصر، واعتبرت الحكم فضيحة، فضلا عن أن مثل هذه الأحكام لا تردع المغتصبين. وإضافة إلى النشطاء والفاعلين الحقوقيين، عبر وزير العدل عبد اللطيف وهبي عن صدمته، وقال إنه صعق من مضمون الحكم. عدة هيئات حقوقية أصدرت بيانات تنديدية أكدت فيها صدمتها من هذا الحكم في حق مغتصبي الطفلة، مطالبة الجهات القضائية المسؤولة، بعدم التساهل أو التخفيف في مثل هذه الجرائم، التي تعتبر انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان وحقوق الأطفال والنساء. ودعا تحالف ربيع الكرامة لوقفة رمزية يوم الأربعاء المقبل أمام محكمة الاستئناف بالرباط من أجل التنديد بالأحكام المخففة التي تصدر في جرائم الاغتصاب والاعتداءات الجنسية على النساء والفتيات ووضع حد للاستهتار بحقوقهن وكرامتهن، وحث الدولة على تحمل مسؤوليتها في حمايتهن. التحالف الذي عبر عن "غضبه جراء هذا الحكم الظالم الذي أصدرته غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط من خلال إطلاقه لهاشتاك اش_من_عدالة_هادي"، دعا كافة القوى الديمقراطية وعموم المواطنات والمواطنين إلى المشاركة القوية في هذه الوقفة، مشددا على ضرورة الإصلاح التشريعي للمطالبة بقوانين ناجعة تحمي النساء والفتيات من العنف وتناهض التمييز. وإلى جانب ذلك، تعالت الأصوات المطالبة بتشديد العقوبات في الجرائم الجنسية ومختلف الاعتداءات والانتهاكات، التي يكون ضحاياها الأطفال والنساء على الخصوص.