يواصل المركز القضائي للدرك الملكي BJ بسرية العرائش، التابعة للقيادة الجهوية للدرك الملكي بطنجة، تحقيقاته الميدانية بالاستعانة بخدمات المختبر العلمي والتقني والكلاب المدربة، لفك لغز حادث تحطم طائرة خفيفة مشبوهة يوم الأحد المنصرم، ضواحي القصر الكبير، بإقليم العرائش. ويجري التحقيق في علاقة مفترضة للحادث غير المألوف بشبكة دولية لتهريب المخدرات عبر الجو، إذ أشارت المعطيات الأولية للبحث المنجز، إلى أن الحادث ليس الأول من نوعه، بل سبق لبارونات المخدرات وأن حاولوا نقل كميات هامة من مخدر الشيرا جوا من شمال المغرب نحو الجنوب الإسباني، باستخدام المروحيات "هيليكوبتر"، والطائرات الخفيفة، أو بالطائرات الاحترافية المسيرة عن بعد "درون" . وفي السياق ذاته، فتحت مصالح الدرك الملكي المعنية، بحثا شاملا حول ظروف وملابسات الواقعة، بإشراف مباشر من النيابة العامة المختصة، بتحليل المعطيات التقنية للطائرة لتحديد هويتها، والمسار الذي قطعته بقراءة معطيات الGPS قبل وصولها إلى هذا المكان، عن طريق إخضاع ذاكرة لوحة القيادة الإلكترونية للفحص التقني بالمختبر العلمي للدرك الملكي، والكشف عن أصحابها المفترضين، وكذا الغرض الحقيقي من تواجها بهذا المكان. ورصدت التقارير الأمنية، انتعاش أنشطة الشبكات الإجرامية منذ بداية تفشي جائحة كوفيد-19، العام الماضي، إذ عمدت مافيا التهريب الدولي للمخدرات إلى استخدام وسائل متنوعة منها طائرات متطورة مجهزة بأحدث التقنيات وتستعمل الرؤية الليلية عبر التحليق على علو منخفض، حتى لا يتم رصدها من قبل رادارات الأجهزة الأمنية بين صفتي المتوسط. وكان دوار "الدرابلة" بالجماعة الترابية السواكن، ضواحي القصر الكبير، قد شهد في الساعات الأولى من صباح الأحد، 15 غشت الجاري، سقوط طائرة خفيفة يرجح أنها تستعمل لتهريب المخدرات بعد اصطدامها بحاجز إسمنتي وهي تحاول الإقلاع، الأمر الذي خلف حالة من الاستنفار في صفوف السلطة المحلية والدرك الملكي. هذا، وسبق لوزارة الداخلية وأن أوضحت في أكثر من مناسبة ، حول الاختراق المتكرر للطائرات والمروحيات للاجواء الشمالية للمملكة، منذ 2007، أن عناصر التحقيق المتوفرة، ترجح أن تكون عمليات الاختراق هاته، ذات صلة وثيقة بالتهريب الدولي للمخدرات جوا. جدير ذكره، أن المغرب شهد طوال السنوات الأخيرة االماضية، تصاعدا مضطردا لعمليات الاختراق لمجاله الجوي، خاصة في منطقة الشمال، من قبل طائرات قادمة من إسبانيا، وبأنه تم تسجيل سبع حالات سنة 2007، و20 حالة سنة 2008، وأكثر من 15 حالة سنة 2009، ويتعلق الأمر في غالب الحالات، بطائرات خاصة مدنية صغيرة، إلا أنه قد شرع منذ مدة في استعمال المروحيات والدرون. ونجحت السلطات المعنية في توقيف حوالي 10 طائرات ومروحيات بعد هبوطها بالمغرب، كما تعرضت بعض الطائرات لعمليات إحراق كاملة من طرف أصحابها، للحيلولة دون تحديد هويتها عبر تفريغ محتوى العلبة التقنية لذاكرتها بلوحة القيادة. وأفضت التحقيقات التي قامت بها السلطات المحلية، إلى اعتقال أربعة إسبان وأمريكي واحد و35 مغربيا خلال سنتي 2008 و2009، ومكسيكي سنة 2019، علما أن المسؤولين المغاربة قد سبق لهم وأن لفتوا انتباه نظرائهم الإسبان، إلى خطورة هذه الظاهرة التي أصبحت تشهد تناميا كبيرا، وإلى الخطورة الأمنية التي باتت تشكلها سواء بالنسبة للمغرب أو لإسبانيا، وكذا بضرورة القيام بعمل صارم ومنسق بين البلدين من أجل وضع حد نهائي لها. غير أنه و رغم وضع المصالح الأمنية المغربية لرادار خاص لاستشعار اختراق الأجواء المغربية من طرف طائرات خفيفة لتهريب المخدرات بجبل كدية الطيفور بإقليم الفحص أنجرة، لمنع تسلل الطائرات التي أصبحت تتخذ من قرى وبوادي منطقة تطوان، الفحص أنجرة، طنجة، الحسيمةوالعرائش، مدرجات لها لشحن المخدرات على وجه السرعة، قبل أن تعود آمنة إلى التراب الإسباني. فإن المنطقة لا زالت تعرف مثل هذا الخرق بين الفينة والأخرى، ما دفع القيادة العليا للدرك الملكي إلى إيفاد عناصر متخصصة في قيادة المروحيات الخفيفة للانتقال إلى المناطق المستهدفة للوقوف على أسباب عدم ضبط رادارات المراقبة دخول هذه الطائرات الأجواء الشمالية.