عاشت مختلف الأحياء الشعبية بعدد من المدن، ليلة عاشوراء، على إيقاع فوضوي رهيب، استعملت فيه جميع أنواع المفرقعات القوية والعجلات المطاطية، ووسائل عدة يدوية الصنع محشوة بمواد قابلة للاشتعال، وإحداث دوي "انفجار" مرعب، وكأننا في ساحة حرب، مما تسبب في إزعاج كبير للساكنة، التي تضررت كثيرا من هذه الممارسات اللامسؤولة، التي استمرت إلى ساعات متأخرة من الليل، متسببة في العديد من الأضرار والخسائر المادية والإصابات... وكما تبين صور هذا الروبورتاج من مدينة الدارالبيضاء، فقد سارعت السلطات المحلية للانتقال إلى الأماكن "المشتعلة"، حيث حاولت تطويق بعض الأحياء، إلا أن تمادي بعض المتهورين حال دون السيطرة على الوضع في حينه، مما خلق بعض الاشتباكات والمطاردات الأمنية، للحد من الفوضى العارمة التي بلغت حدا لا يطاق، وأخرجت طقوس الاحتفالات عن طبيعتها المعتادة، إلى تهديد لراحة وسلامة السكان، الذين تلقوا ذلك باندهاش، بالنظر إلى الظروف الاستثنائية التي تعيشها البلاد في ظل تفشي جائحة "كورونا"، وما تقتضيه من حرص على التقيد بالتدابير الوقائية الصحية، من تباعد اجتماعي، ووضع الكمامات، والمداومة على التعقيم، وهي الإجراءات التدبيرية التي تم خرقها علانية، نتيجة الاستهتار بخطورة الوضع الذي يزداد استفحالا، يوما عن يوم، وينذر بالعودة إلى حالة "الطوارئ الصحية"، بتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية، وكلفتها الباهظة الثمن. وفي خضم هذا النوع من الانفلات، جرى تداول العديد من التساؤلات والاستفهامات العريضة، بشأن تسويق هذا الكم الهائل من المفرقعات، وتمكن أولئك المتهورين من الحصول عليها، بطريقتهم الخاصة، أمام تشديد المراقبة الذي تستلزمه ظروف "كورونا" من جهة، وإغلاق الحدود البرية والبحرية والجوية، اللهم في وجه بعض المواد الصناعية والتجارية، وفق تدابير خاصة واستثنائية، لأن ما حصل ليلة عاشوراء، لا يمكن أن يكون من صنع محلي، أو من مخزون قديم، لأن طول المدة تفقده مفعوله. وبعيدا عن هذه الصور البشعة التي لوثت مظاهر المدينة، وخلقت أجواء فوضوية عارمة، فقد أحيت العديد من العائلات أجواء وطقوس عاشوراء، في ظروف احتفالية مرحة، وإدخال البهجة على الأطفال، باقتناء اللعب ومختلف الوسائل التي تدخل في إطار الاحتفالات بهذه المناسبة، مع الالتزام بما تقتضيه من تباعد اجتماعي والحرص على عدم الاختلاط العائلي.