يواصل المغرب وإسبانيا منذ عدة شهور، سلسلة اللقاءات والمشاورات المشتركة بين مسؤولي البلدين، حول ما يجب عمله في قضية المهاجرين السريين القاصرين الغير مصحوبين “هجرة الاطفال” الذين تمكنوا من الوصول بالآلاف إلى إسبانيا بطرق غير شرعية، إما على متن قوارب الموت عبر البحر الأبيض المتوسط، أو عن طريق سبتةالمحتلة. وتم خلال الاسبوع المنصرم بإسبانيا، تقديم أولى البيانات الموضوعية حول الموضوع في لقاء رسمي رفيع المستوى جمع بين مسؤولين كبار في وزارة الداخلية ومنثلي المجتمع المدني بمدريد من جهة، وبين كريمة بنيعيش سفيرة المغرب باسبانيا وخالد الزروالي الوالي مدير للهجرة ومراقبة الحدود بوزارة الداخلية المغربية من جهة أخرى. اللقاء الذي وصف بالهام، ركز بالخصوص على الاهتمام بالحصول على معلومات دقيقة وموضوعية عن عدد المهاجرين الغير شرعيين المغاربة القاصرين غير المصحوبين، الذين يتم الترحيب بهم في مراكز الإيواء المنتشرة بعدد من المدن الإسبانية. وذكرت مصادر مقربة، أن هذا الاجتماع تم تحديده والاعداد له في لقاء مصغر سابق انعقد شهر فبراير الماضي، ليكون أول محطة رسمية لمناقشة وبشكل فعلي، سبل وإمكانية ترحيل الاطفال المغاربةالمتواجدون فوق التراب الاسباني الذين تم تحديد هوياتهم وعددهم بكل دقة إلى المغرب وتسليمهم إلى أسرهم ببلد المنشأ، حيث أن خطة العمل المشتركة هاته، ستبدأ بالعاصمة مدريد ليتسع نطاقها على نحو أوسع لتشمل جميع مناطق إسبانيا، خاصة مدينة سبتةالمحتلة التي تعاني اكثر من غيرها من هذه المشكله. وسبق للمغرب وأن أعرب عن موافقته المبدئية على المقترح الإسباني القاضي بترحيل القاصرين المغاربة غير المرافقين، بشرط التمكن من تحديد هوياتهم وعددهم بكل دقة قصد التمكن من إعادتهم إلى عائلاتهم في ظروف سليمة ومناسبة، لإعادة إدماجهم في وسطهم الأسري بالمغرب. وتطالب الحكومة الإسبانية نظيرتها المغربية بإعادة تفعيل الاتفاق الثنائي بين البلدين، الموقع سنة 2007، من أجل مواجهة سيل المهاجرين القاصرين الموجودين تحت رعاية الحكومات الاسبانيا الإقليمية، الذين يبلغ عددهم أكثر من 10 آلاف قاصر، 70 في المائة منهم مغاربة، إذ يتضمن الاتفاق الثنائي، الذي يرجع إلى سنة 2007 والذي جرى تفعيله في أكتوبر من سنة 2012، تعهدا مغربيا بتحديد القاصرين وعائلاتهم. وتقدر إسبانيا عدد المهاجرين القاصرين على ترابها ب10 آلاف لا يرافقهم آباؤهم، ووفق القانون، فعندما يبلغ هؤلاء القاصرون 18 سنة، فإنه يحق لهم التمتع بالجنسية الإسبانية إذا مكثوا في مركز للإيواء لمدة تصل إلى سنتين. وتشتكي مدن الجنوب الإسباني، على وجه الخصوص، ارتفاع عدد الأطفال المشردين الذين يبيتون في العراء ويرفضون الاستقرار في مراكز الإيواء، التي باتت تستوعب ضعف العدد المخصص لها، وقد طالبت الحكومة المحلية بمدينة مليلية المحتلةمدريد بالتدخل من أجل إيجاد حل لمشكلة القاصرين المغاربة غير المصحوبين الذين أصبحوا يؤرقون مضجع سلطات الثغر المحتل. المغرب وإسبانيا كانا قد وقعا مذكرة تفاهم حول المهاجرين القاصرين غير المرفوقين، والتي تم تحويلها سنة 2007 إلى اتفاق رسمي شامل، والذي يقضي بمنح السلطات الإسبانية الحق في ترحيل القاصرين غير المرفوقين بعد التعرف إليهم وتحديد عائلاتهم، وفي حال لم يجر التمكن من ذلك، يكون من حقها تسليمهم إلى السلطات المغربية، لتحديد عائلاتهم أو إيداعهم مراكز الطفولة. إلى ذلك، فقد كشف تقرير للحكومة المحلية بمليلية المحتلة السنة الماضية، عن نماذج من نوعية القاصرين غير المصحوبين المتواجدين بها، إذ أوضح أن الأمر يتعلق بقاصرين مغاربة يلجون المدينة عبر الحدود البرية باستعمال وثائق وبرفقة أحد أفراد أسرهم، لكن الهدف هو البقاء في مليلية لشهور قبل الالتحاق بمراكز الإيواء للحصول على بطاقة الإقامة. وأضاف التقرير، أن القاصرين المغاربة يصرحون بأنهم يسعون من خلال الهجرة إلى البحث عن حياة أفضل، مبرزا أن البعض منهم خرجوا من المغرب بمحض إرادتهم، في ما البعض الآخر قام بذلك بتحفيز وتشجيع من الأسرة، ليخلص التقرير أن ظاهرة هجرة القاصرين المغاربة مرتبطة أكثر بما يعرف ب"المهاجرين الاقتصاديين" منه ب"القاصرين الذي يحتاجون إلى الحماية"، أي إن السبب الرئيس للهجرة في معظم الحالات، هو تحسين ظروف العيش وليس الهروب حماية للنفس.