أدت موجة البرد التي تجتاح مدينة طنجة خلال الأيام الحالية، إلى وفاة متشرد صباح اليوم الجمعة، بعدما عثر عليه بعض المارة جثة هامدة جوار أحد المطاعم بشارع بركان، بمحيط كورنيش المدينة. وتم بحضور السلطة المحلية لدى الملحقة الإدارية 4، ومصالح الدائرة الثانية للشرطة، نقل جثة الضحية المسمى قيد حياته (محمد.ح)، البالغ من العمر حوالي 48 سنة، المنحدر من مدينة الفقيه بنصالح، وحديث الإفراج عنه من السجن، بعد ما لقي مصرعه في الشارع العام، جراء تعرضه لتدن كبير في درجة حرارة جسمه، بسبب برودة الطقس، ما أدى إلى وفاته بعين المكان الذي كان يتخذ منه مأوى وملجأ له من البرد. إلى ذلك، فقد حذرت جمعيات مدنية محلية تنشط في هذا المجال، من احتمال ارتفاع عدد ضحايا البرد خلال الأيام المقبلة، خاصة وأن فصل الشتاء لا يزال طويلا. وتقول أرقام هذه الجمعيات، إن عدد المتشردين بعاصمة البوغاز، ثاني قطب اقتصادي بالمملكة بعد مدينة الدارالبيضاء في ارتفاع مهول، بحيث يشكل الأطفال من الجنسين غالبيتهم العظمى، وهو ما يعرضهم في كثير من الأحيان، بالإضافة إلى قساوة البرد وخطورة التقلبات المناخية بسبب المبيت في العراء، إلى العنف والاستغلال الجنسي في أبشع صوره. ويوجد من بين المشردين بشوارع مدينة البوغاز، أطفال وشبان وشابات في مقتبل العمر من مختلف المدن المغربية، بالإضافة إلى مهاجرين أفارقة قادتهم مغامرة الهجرة من مدنهم و بلدانهم الأصلية نحو أوروبا، إلى قضاء أيام الشتاء في الشارع العمومي. وانتقدت نفس المصادر دائما، عجز السلطات المختصة، عن حماية المتشردين خصوصا الأطفال والقاصرين منهم، وفي مقدمتهم الفتيات الأكثر عرضة للعنف والاستغلال بشتى صوره البشعة، حيث أن هذه السلطات ممثلة في المندوبية الإقليمية لوزارة التضامن والتي غالبا ما يقتصر دورها عن إحصاء المتشردين، ما فتئت تتذرع ككل مرة، في مواجهة هذه الظاهرة المقلقة بغياب مراكز الإيواء الكافية التابعة للوزارة، والعاجزة عن استيعاب كل تلك الأعداد الهائلة من المتشردين. يذكر أنه في شهر ماي من سنة 2012، أعلنت وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، بأن مصالحها ستتبنى سياسة “وقائية وواقعية” لمواجهة كل ما يتعلق بظاهرة المتشردين، معلنة وقتها أن برنامجها في هذا الشأن سيهم توفير مراكز استقبال للمتسولين والمتشردين، بكبريات المدن المغربية، وفي مقدمتها طنجة، وذلك دون أن تفصح الوزارة المعنية عن خريطة هذه المراكز ولا عن طريقة اشتغالها ولا المدن المستهدفة بهذه المشاريع التي بقيت أغلبها حبرا على ورق لحد اليوم.