أجمعت مواقف فرق المعارضة بمجلس المستشارين، مساء أول أمس الثلاثاء، في سياق أسئلة شفوية آنية تمحورت حول توقف الدعم المخصص للمواد الطاقية في إطار الجلسة العمومية الأسبوعية المخصصة للأسئلة الشفوية بالمجلس، على رفض القرار الحكومي الأخير، القاضي برفع الدعم بشكل نهائي عن بعض المواد البترولية المتمثلة في البنزين والفيول (رقم 2)، منتقدة ما أسمته ب "المقاربة التجزيئية" لأجرأة إصلاح صندوق المقاصة، وموضحة أنها ترفض حصر إصلاح الصندوق في إزالة الدعم وتحرير الأسعار دون وضع استراتيجية لحماية الطبقات الهشة ومباشرة إصلاحات موازية من قبيل الزيادة في الأجور. وفي هذا الصدد، قال الأخ إدريس الراضي رئيس الفريق الدستوري بمجلس المستشارين، "إننا لسنا ضد إصلاح صندوق المقاصة ولكن ضد الطريقة الجزئية والانتخابوية التي تعتمدها الحكومة في التعامل مع الصندوق"، مضيفا أن الحكومة باتخاذها لمجموعة من القرارات غير مدروسة وغير محسوبة العواقب تراهن بالاستقرار السياسي والاجتماعي للبلاد. وحذر الأخ الراضي من جديد في معرض مساءلته باسم الفريق الدستوري لمحمد الوفا الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، من كثرة الزيادات التي ستوقع البلاد في اضطرابات غير محمودة العواقب لأنها تمس بشكل مباشر بالقدرة الشرائية للمواطنين، مشيرا إلى "أنه سبق وشددنا على ضرورة فتح حوار وطني من أجل إصلاح صندوق المقاصة في إشارة منه إلى إشراك المعارضة في مثل هذه الأوراش السياسية والاجتماعية والاقتصادية الهامة، ولا شيء حصل من هذا القبيل". في المقابل، علل محمد الوفا الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، موقف الحكومة من اتخاذها لهذا القرار، بالقول، إن أول من سيتضرر من رفع الدعم عن البنزين هي الإدارة العمومية لأنها تتوفر على سيارات تتحرك بالبنزين، وأنهم تعمدوا رفع الدعم عن البنزين حتى يوضع حد للذين يستغلون سيارات الدولة في قضاء مصالحهم الشخصية خارج مهمات العمل. أما بخصوص الفيول فقد قال الوفا، إنه لن يضر المواطنين في شيء لأن من يستفيد منه 17 شركة كلها تصدر منتجاتها خارج المغرب. ونفى الوفا في هذا الصدد، وبشكل قاطع اعتزام الحكومة الزيادة في أسعار قنينات الغاز والسكر والدقيق والكهرباء. وقال الوفا، في معرض رده على أسئلة الفرق، "إني أعلن رسميا وبإسم الحكومة" أنه لن يتم المساس بقنينات الغاز بسبب استعماله الواسع من طرف المستهلكين بالخصوص في البوادي ولكونه مربحا من الناحية البيئية فضلا عن الرغبة في عصرنة استهلاك الساكنة وأوضح الوزير أن "لا زيادة في الكهرباء" وأنه "ليس صحيحا أن الحكومة ستمس أسعار الفيول الموجه لهذا القطاع " الذي يستهلك من ميزانية الدولة 9 مليارات درهم، مضيفا أن الإصلاحات لن تشمل أيضا مادة السكر والدقيق وهي المواد التي تستفيد من دعم صندوق المقاصة، مبرزا أن الحكومة تعتزم إصلاح التلاعب الحاصل على هذا المستوى. وفي المقابل، أكد الوفا أن الإصلاحات ستنفذ ، في فاتح فبراير القادم، في ما يخص البنزين الممتاز والفيول الصناعي المسمى بالتحديد (الفيول أويل رقم 2)، موضحا أن الغازوال، الذي يتلقى حاليا دعما ب 2,65 درهم للتر الواحد ، سيدعم، في 16 فبراير القادم، ب 2,15 درهم فقط، مبرزا أن الحكومة لا تعتزم تنفيذ هذه الزيادات دفعة واحدة على السوق. وذكر أنه من المقرر الزيادة في الغازوال، سنة 2014، بقيمة 1,20 درهم ، موضحا أنه تم الاتفاق في لجنة وزارية مع رئيس الحكومة على القيام بتنفيذ هذه الزيادات على طول السنة "بدل تنزيلها دفعة واحدة" "وهو ما لم يفهمه الناس". وقال إن الحكومة ستدعم اللتر الواحد من هذه المادة، في 16 يوليوز القادم ب 1,25 درهم ، و ب 0,80 في 16 أكتوبر "للبقاء في حدود الاعتمادات المقررة في الميزانية" وتفادي الاقتراض، معتبرا أن الحكومة تنهج على هذا المستوى سبيل الإصلاح التدريجي، مشددا على وجود جدية في اتخاذ القرارات من أجل الحفاظ على الاستقرار، مذكرا في هذا السياق أن "الحكومة مع المواطنين، وليس ضدهم"، مؤكدا على ضرورة مباشرة الإصلاحات "أيا كان ثمنها السياسي". وأورد الوفا إن ميزانية العام الجاري تخصص 35 مليار درهم لدعم المواد الأساسية و 45 مليار درهم لقطاع التعليم، و 9 مليارات درهم لتطوير التعليم العالي، و 12 مليار درهم لضمان ولوج المواطنين للخدمات الصحية، مشيرا إلى أن المواد النفطية استهلكت، في 2011 ، 54 مليار درهم من اعتمادات صندوق المقاصة ، مضيفا ان هذه المواد تستهلك 80 في المائة من اعتمادات هذا الصندوق.