بعد أيام من عقد أمينه العام، حكيم بنشماش، لقاءات متفرقة مع قيادات من المركزيات النقابية الأكثر تمثلية، بينهم الأمين العام لنقابة الاتحاد المغربي للشغل، الميلودي موخاريق، وفي انتظار مباشرته لمشاورات مع أحزاب من الأغلبية والمعارضة، من أجل إعداد تصور حول ملف “الحوار الاجتماعي”، أماط حزب الأصالة والمعاصرة، اللثام عن مقترح قانون يقضي ب”إحداث المجلس الوطني للحوار الاجتماعي”. مقترح القانون المذكور، الذي توصلت “رسالة 24” بنسخة منه، والذي يستعد فريق “البام” بمجلس المستشارين، لتقديمه خلال الدورة البرلمانية المقبلة، المقررة افتتاحه يوم 12 اكتوبر الجاري، يهدف بحسب مذكرته التقديمية إلى “وضع منظومة جديدة للحوار الاجتماعي، باعتباره آلية أساسية للديمقراطية التشاركية والاجتماعية، ومدخل للمصالحة المطلوبة بين الدولة والمجتمع، وكأحد مرتكزات الوساطة والعدالة الاجتماعية، والسلم والاستقرار والتوازن الاجتماعي، والتنمية المستدامة”. كما يروم المقترح، تضيف المذكرة، “تعزيز النمو الاقتصادي، وتوفير شروط العمل اللائق للجميع، ومقومات العيش الكريم، تؤمن الانتقال إلى نموذج تنموي مستدام منصف وشامل، لإرساء دعائم العيش المشترك في كنف مجتمع متضامن”. وأكدت المذكرة أن إحداث “مجلس وطني للحوار الاجتماعي”، سيمكن من “خلق بيئة ومناخ مواتي، لتعزيز وتطبيق الاستدامة الدورية لحوار اجتماعي شامل وديناميكي ومؤسسي”، وكذا “تطوير منظومة جديدة، ضمن مؤسسة وطنية للحوار الاجتماعي باطار قانوني تنظيمي مبسط في مسطرته، واضح في منهجيته التواصلية والإدارية، شامل لأطرافه الثلاثية، بامتداد جهوي وقطاعي واضح، ودور متكامل يضمن الالتقائية، وقدرة استباقية ونفس استشراف في إطار من الذكاء الجماعي التوافقي والتشاركي بين الشركاء الاجتماعيين”. من جهة أخرى، نص مقترح القانون في مادته الثانية، على أن المجلس، يتولى مع مراعاة الاختصاصات الموكولة للمؤسسات والهيئات بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، “تنظيم وتطوير الحوار الاجتماعي في القضايا الاجتماعية والمهنية ذات الاهتمام المشترك بين الأطراف الاجتماعية الثلاثة، في إطار يضمن ديمومة الحوار وانتظامه ويدعم علاقة التكامل بين الحقوق العمالية والتنمية الشاملة”. وأناط المقترح بالمؤسسة ذاتها مهام “تتبع ورصد مدى احترام السياسات والبرامج العمومية لمضامين التشريعات الاجتماعية والمقتضيات الدستورية ذات الصلة”، و”اقتراح الآليات الكفيلة بتطوير المؤسسات في إدارة العلاقات المهنية والوقاية من النزاعات الاجتماعية”، إلى جانب “تأطير المفاوضات الجماعية في القطاعين العام والخاص”، و”انجاز الأبحاث والدراسات في الميادين المرتبطة بممارسة صلاحيات المجلس”، مع “إبداء الرأي بشأن المصادقة على الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بمعايير العمل الدولية”، إضافة إلى “إقامة علاقات الشراكة والتعاون مع الهيئات والمنظمات الوطنية والدولية ذات الأهداف المماثلة”. كما منح مقترح القانون للمجلس كذلك، سلطة إبداء “رأيه في مشاريع ومقترحات القوانين والبرامج التي تعرض عليه، من لدن الحكومة أو أحد مجلسي البرلمان، في المجالات ذات العلاقة بمنظومة الشغل والحماية الاجتماعية والمنظومة الضريبية ذات البعد الاجتماعي، داخل أجل شهرين ابتداء من تاريخ توصله بها”. وبحسب ما جاء في المادة الخامسة من مقترح القانون، فإن المجلس، مطالب “مرة واحدة في السنة على الأقل”، بإعداد “تقريرا عن أعماله”، حيث نص المقترح في هذا السياق على ضرورة أن “يرفع رئيس المجلس هذا التقرير إلى جلالة الملك، ويوجه نسخا منه إلى رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين”. وبخصوص تركيبة المجلس، فمن المرتقب أن يتألف هذا الأخير، في حال قبلته الحكومة، وصادق عليه البرلمان بمجلسيه، علاوة على “الرئيس الذي يعين بظهير شريف”، من “24 عضوا يتم تعيينهم، بواسطة مرسوم بعد اقتراح من منظماتهم وهيئاتهم التي ينتمون إليها، مع ضرورة مراعاة توفر “النزاهة والمروءة والتجربة والكفاءة” في المعينين. ويتوزع أعضاء المجلس ال24، بين “ثمانية أعضاء ممثلين عن الحكومة، وثمانية أعضاء ممثلين عن المنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلا، وثمانية أعضاء ممثلين عن المنظمات النقابية الأكثر تمثيلا”، فيما حدد المقترح مدة تعيينهم “في ست سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة”. واشترط المقترح أن يكون هؤلاء الأعضاء متمتعين ب”الحقوق المدنية والسياسية”، مشددا على أن العضوية بالمجلس المذكور، تتنافى “مع العضوية بمجلسي البرلمان والعضوية بإحدى الهيئات والمؤسسات الدستورية المنصوص عليها في الفصول من 161 إلى 170 من الباب الثاني عشر من الدستور”. وبالنسبة للتعويضات المالية، فإن المقترح، أكد ان الأعضاء ال24 المشكلين للمجلس، إضافة لرئيسه، “سيتقاضون تعويضا ماليا عن المهام التي سيقومون بها”، وهو التعويض الذي أوضح المقترح أنه “سيتم تحديد بمرسوم”. وكان عبد الحكيم بنشماش، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، ورئيس مجلس المستشارين، قد عقد قبل أيام لقاءات تواصلية متفرقة مع بعض قادة النقابات، ضمنهم زعيم نقابة الاتحاد المغربي للشغل الميلودي موخاريق، تركزت بالأساس حول الدخول الاجتماعي وضرورة الانكباب على معالجة الملفات الاجتماعية المستعجلة، لنزع فتيل التوتر الاجتماعي القائم. وتندرج لقاءات بنشماش مع قيادات المركزيات النقابية، في سياق اهتمام الحزب بالمسألة الاجتماعية، وفي إطار تنزيل مضامين خطاب العرش ل29 يوليوز 2018، خاصة في ما يتعلق بمأسسة الحوار الاجتماعي الذي دعا جلالة الملك محمد السادس إلى ضرورة الإسراع بإنجاحه، في أفق بلورة ميثاق اجتماعي متوازن ومستدام ، كما جاء في خطاب العرش.