تنقسم المناطق الحضرية إلى أحياء سكنية (Résidentiel) مختلفة، "ستاندين" بين المتوسط إلى العالي، وأخرى تنعت ب "الشعبية"، لضعف مستوى مساكنها وغياب تجهيزاتها السوسيوثقافية- ترفيهية، وقلة إنارتها العمومية وكثرة أزبالها المترامية وحفرها العارية! "شعبية" صارت إذن مرادفة إذ بضدها تتميز الأشياء لتهميش بعض أطراف المدن كي تبرز أحياءها الراقية! كما تنقسم الأحياء السكنية إلى فيلات فردية وعمارات مشتركة الملكية؛ كثيرا ما يتشبث أصحابها بالشقة المعنية بالسجل العقاري الخصوصي Dans la division ويتناسوا نهائيا حقهم وواجباتهم تجاه امتلاكهم على الشياع (Dans l'indivision) لكل الفضاءات المتبقية، من مصاعد للراجلين أو آلية، أو مساحة مغروسة، أو مرأب للسيارات... تحتاج كلها إلى عناية مستمرة وأداء فواتير شهرية، من طرف "سانديك" إما متطوع معين من طرف جمع عام لأغلبية المالكين، أو سانديك محترف تفوض له تلك المهام مقابل الأداء عليها وعلى خدماته. إلا أن جل مالكي شقق العمارات، حتى عندما يكون مستواهم المهني من بين أشرف وأدق التخصصات ذات الدخل المحترم، كالجامعيين أو الأطباء أو القضاة أو رجال الأعمال، (جلهم) يخلطون بين السانديك المهني والسانديك التطوعي، بل يلجأون أحيانا إلى السانديك العشوائي يرهن أحوال مساكنهم إلى "كل شْهر ورْزقو" بين من يؤدي واجبا شهريا، ومن لا يفعل، بدعوى اتخاذ موقف من الذي لا يفعل مثله (!). ومن هو "ماسوقش"، إلا عندما يأخذ المصعد الآلي بعدما يشعل كل مصابيح المرأب، بدون أدنى حرج، مادام هناك من يؤدى عليه مصاريف قرر فقط الاستفادة منها بكل مجانية. لفهم تلك العقليات والممارسات، لابد من التذكير أن لكل منظومة مجتمعية تركيبة، أحيانا متكاملة ومتفاعلة، وأحيانا أخرى متنافرة ومتناقضة (تركيبة) لبنيات سياسية، اقتصادية، اجتماعية، ثقافية، مؤثرة أو متأثرة بذهنيات التقاليد والأعراف البناءة، أحيانا تعكر صفوها مفاهيم وممارسات هدامة مقطِّعة لحبل العلاقات البناءة. ما يحول حسن جوار قادر على تأهيل ملكية مشتركة، يرفع من القيم الأخلاقية بين السكان، ومعها من القيمة التجارية للعقار (يحوله)إلى سوء اعتبار الآخرين وإهمال كل تدبير للفضاءات الخارجة عن مساحة شقق تُقفل أبوابها على أنانية أصحابها، وعلى مفهوم الشراكة وحسن العلاقة! كل هذا رغم وجود قانون فوق الجميع! إذ منذ سنين عديدة، أيام "وزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية"، قبل الحكومة البيجيدية الحالية، يوجد "دليل رسمي لسانديك الملكية المشتركة" Guide du Syndic de copropriété منشور في 116 صفحة، على موقع !mhu.gov.maوليجوز التساؤل عن غياب الدور المفسِّر والموضّح من طرف الموثقين، عند تواجد المالكين المشتركين في مكاتبهم، لأن الاختباء وراء "لا أحد يعذر بجهله القانون» صار اليوم مستحيلا، أمام تعقيد المساطر وتوسيع المجالات التشريعية وتعدد الاختصاصات الإدارية والجماعية المنتخبة... فالموثق يمكنه الإضافة إلى الاتفاقية المعروضة للإمضاء بنودا مفيدة حول مسؤولية المالك تجاه احترام وصيانة الفضاءات المشتركة التي لا تدخل مباشرة ضمن السجلات العقارية لملكية الشقق الخصوصية. لكنها تضمن مستواها وتؤمن رونق وسلامة كل ما هو مشترك مع باقي الجيران! كما على الموثق الإشارة إلى الإطار التنظيمي السالف الذكر وتفسير أهم التزاماته، لأن تلك الوثائق كما هو الحال بالنسبة لعدة نصوص منشورة في مغرب اللغة العربية الرسمية لا توجد على صفحات الإنترنيت إلا باللغة الفرنسية (!).