أجواء الفرح التي عمّت مصر بنجاح ثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني لم تقتصر على جموع الشباب الذين شاركوا فيها، أو جموع الشعب المصري، ولكنها امتدت لتشمل رموزاً وقيادات دينية عبرت عن فرحها وسعادتها بالغناء والأناشيد، لعل أبرزها الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي ظهرت له لقطات فيديو بثت على موقع اليوتيوب وهو يحتفل مع عدد من أقرانه وتلاميذه. وأنشد القرضاوي أبياتاً من الشعر نظمها في هذه المناسبة ألهب بها مشاعر الحاضرين الذين تجاوبوا معه بالغناء والتصفيق. وكان من بين ما ردّده القرضاوي في تلك المناسبة "مرحبا بالحراب مرحبا بالسيوف في سبيل الإله كل شيء يهون.. إننا لن نهاب كل ما يوعدون. كيف نخشى العذاب ومنانا المنون.. حسبنا يا شباب أننا مؤمنون". وبدت على الشيخ القرضاوي الذي كان يجلس حاسر الرأس، دون عمامته الأزهرية الشهيرة، علامات السعادة والحيوية، وتفاعل بشدة مع الجمهور بتحريك يديه أثناء الإنشاد. وكان من بين الحضور الذين شاركوا في الاحتفال الذي بث على "يوتيوب" الدكتور عصام البشير المفكّر الإسلامي ووزير الأوقاف السوداني السابق. وعقّب البشير على إنشاد القرضاوي بأبيات شعرية احتفى فيها بنجاح الثورة ومنها: "دعوة الحق نادت بنيها .. فاستجابوا لصوت النداء، طهروا أرضكم طهروها.. واكتبوا عزها بالدماء.. الكتاب المجيد في يمين الشعار.. العلا والخلود في طريق المنار.. لا نهاب الخيول .. إنها للدمار.. لا يفل الحديد.. غير عزم ونار.. آن يا شعب ألا تعاني.. أين منك ارتقاء الشعوب.. لم تنل حظها بالأماني- إنما طهرتها الحطوب.. النزال النزال يا ليوث الكفاح". وكان القرضاوي من أول المؤيدين للثورة المصرية منذ اندلاعها وحث على نصرتها والوقوف في صفها، وألقى خطبة حماسية في يوم جمعة الغضب، حيا فيها الشباب الثائرين وحثهم على مواصلة كفاحهم لنيل الحرية. وبعد نجاح الثورة قال القرضاوي إن ثورة الشعب المصري أصبحت معلما من معالم التاريخ المعاصر، مشيدا بشباب 25 يناير، الذين " لم يحملوا سلاحا ولم يميلوا الى العنف" وإنما نفذوا ثورتهم بالكلمة، لينجزوا ثورة عظيمة علّمت الناس كيف تكون الثورات. وأثنى على مصر "بلد الحضارة والإيمان منذ عهد الفراعنة والوثنية"، حيث تبنت مصر الديانة المسيحية ودخلتها بقوة واصطدمت بالرومان، وكان عصر حروب سمي بعصر الشهداء، ثم دخلت الإسلام ودخلت الحروب ضد الصليبيين وأسرت ملكهم لويس التاسع عشر، وأخذت بثأرها من التتار في عين جالوت. وقال إن هذه "الثورة العظيمة علّمت الناس كيف تكون الثورات"، مشيرا إلى أن "ثورة أمريكا قامت بمائتي ألف في حين كان تعداد الشعب الأمريكي 200 مليون"، لافتا إلى "أن الثورة المصرية أصبحت مدرسة وجامعة لكيفية عيش الإخوة بعضهم مع بعض، لا فرق بين غني وفقير، ورجل وامرأة، وحيث يقوم أبناء الأسر الغنية بخدمة الناس".