مع دخول شهر شتنبر دبت وتدب كل موسم دراسي حركة غير عادية تخلخل حركية المجتمع التي تكون راكدة نسبيا طوال شهري يوليوز وغشت. وهكذا نجد المكتبات تعود إلى حيويتها المعتادة في بيع الكتب والدفاتر – كعادتها التي اشتقت منها الاسم- بعد جمود طوال السنة الماضية • المحطات الطرقية المختلفة تعرف ازدحاما شديدا للضغط التي تعرفه في سبيل ضمان سفر رجال التعليم وأبناءهم إلى مقرات عملهم المختلفة. • الأسواق تعرض آخر موضات اللباس لإغراء الآباء والتلاميذ باقتنائه استعداد لموسم دراسي جديد. • شوارع المدن تعرف جيئة وذهابا لم تعهده من قبل بعد رجوع التلاميذ إلى بيوتهم سالمين آمنين ليحكوا لزملائهم أخبار السفر والصيف مرفقة بالتحايا الحارة والعناق. • المؤسسات الخصوصية التعليمية تفتح أبوابها مرفقة بدعاية وخدع لضمان تسجيل أكبر عدد ممكن من التلاميذ إضافة إلى انطلاق الدراسة بها مبكرا للتدليل على الجدية التي تحاول البعض إيهام الناس بها. أما المدارس العمومية فبعد أن التصقت بها صورة المؤسسة المغلقة طوال الصيف،فهي تحاول أن تنفض عنها الغبار فتفتح أبوابها معلق عليها لافتات تدعو للتسجيل والالتحاق. الإدارات التربوية ترتدي حلة جديدة من خلال الحيوية التي يحاول أطرها أن يتصفوا بها لإعطاء الانطباع أن عملا جديدا ينتظر الجميع، ويأملوا في عام جديد بعيدا عن الصراعات المختلفة بشتى أشكالها. الأساتذة يتعانقون قبل وبعد التوقيع على المحاضر، البعض منهم يحس بوخز خاص يدفعه ليسأل عن الينية واللوائح والمساءات الفارغة... لأسباب عدة مرتبطة بأجندة خفية أصبحت واضحة للعيان. التلاميذ يلجون الفضاءات، وهم يتذكرون شغب السنة الماضية، فرحين بتخلصهم من روتين المنزل الصيفي للقاء الأصدقاء والدخول في مرحلة جديدة من الحياة. الآباء يحضرون جيئة وذهابا، وهم في حيرة من أمرهم، ينظرون للمؤسسة أنها وحش يكاد يفترسهم ويلتهم أجرتهم الهزيلة من جراء كثرة وقسوة المصاريف المختلفة، والبعض منهم يبحث عن وساطات معينة لنقل أبنائهم للتسجيل في قسم جيد أو لدى أساتذة محددين. النواب الإقليميون يجاهدون الزمن لملء تقارير الدخول المدرسي مرفقة بأرقام لا تعكس الواقع وهم يحاولون الإيحاء لأصحاب الرباط أنهم في الموعد ومنخرطون في الإصلاح، وإعطاء انطلاق الموسم الدراسي بأي ثمن ولو كان شكليا في الحفلات التي يدعى إليها المسؤولون الإقليميون.في حين أن الواقع يعري زيف التقارير والشعارات. المسؤولون بربطات أعناقهم المشرئبة والمزركشة التي يحرصون على الظهور بها يزورون المؤسسات العمومية لحضور حفل توزيع شكلي لأدوات بئيسة، وهو يتأملون الوضع المزري والمؤلم، ويبتسمون استهزاء بمن يتقدم أمامهم... إما للسلام أو لملء القاعات والترحيب بهم فهم أول من يدركون أنه لا تعليم ولاهم يحزنون فالوضع معروف وبادي للعيان، ولذلك عمدوا نهارا وجهارا إلى تهريب أبناؤهم إلى مؤسسات خصوصية لا تطبق المقررات المغربية التي يوزعونها. النقابات تفتتح مقراتها لترمم أوضاعها وتكسب منخرطين جدد،تحضر اجتماعات شكلية مع أصحاب القرار يدعونها بالتواصلية،يسارعون لإعداد ملفات المنخرطين لضمان استفادتهم من حركة جهوية أو محلية، ولو كان القانون يقول خلاف ذلك. طبعا من باب الحالات الاجتماعية أو الالتحاقات أو. ..أو..... المفتشون والموجهون مايزالون في المقاهي كماهي العادة، فهم غير معنيون بما يجري عمليا ولو كان المقرر الوزاري يدعوهم لما يدعيه بالإشراف والتاطير والمساعدة و..و... تجار الطريق يمرون قرب المؤسسات للتعرف عن مدى التحاق التلاميذ ليهيؤوا وجباتهم الفاسدة والشوكولاته المنتهية الصلاحية،وكل ماهو رديء ويتعرض للتراب والشمس والغبار و*نظافة *الأيدي المتداولة عليه، والسجائر وهلم جرا....في غياب الجهات الأمنية لمحاربة الظاهرة، ترى بعد كل هذه الاستعدادات التي لا تنتهي.... نجد أنفسنا نتساءل : هل بعد كل هذه الدينامية التي يبصم بها الدخول المدرسي المجتمع وفي غمرة السنة الثانية من المخطط الإستعجالي، هل سيتم الانضباط ل 16شتنبر كتاريخ عملي للدخول الفعلي؟ أم أنه حلم بعيد المنال فالأسر المغربية اعتادت أسر أبناءها حتى الاحتفال بيوم العيد. وفي انتظار ذلك لماذا لا تبرمج الوزارة الدوارات التكوينية لربح الوقت فالأساتذة في عطلة غير معلنة من 2 إلى 10شتنبر الجاري. ألا يعني كل تأخر هدرا المزيد من الجهد والمال والزمن الضائع؟ ماموقع الإدارات لفرض الانضباط للتواريخ التي حددتها بنفسها؟ الذين يفترض فيهم الجواب خارج التغطية الآن،ومنهمكون في إجراءات كان يفترض أن تنتهي في العطلة الصيفية. بقلم الأستاذ محمد البوزيدي