ما تزال غيوم الدخول المدرسي الجديد تلقي بظلالها عل الأسر المغربية هنا في مدينة ومراكش وعلى جميع الفعاليات التربوية بالمدينة، وتراوح استقبال الموسم الجديد بين الارتياح الممزوج بالحذر والتذمر الواضح من عدة أمور لعل أهمها فقدان الكتب المدرسية الجديدة في السوق والزي المدرسي الموحد.. مع انتظام العام الدراسي الجديد تبدأ معاناة جديدة للأسر، كانت أشد وطأة من سابقتها، خاصة مع الارتفاع الملحوظ لأسعار السلع والخدمات، وتفتح الدراسة في مراكش كباقي مدن المغرب أبوابا متعددة من المصروفات تؤثر على ميزانية الأسرة المراكشية بدءا بمستلزمات المدرسة ومرورا بالمصروف، وانتهاء بالدروس الخصوصية عند البعض. معاناة متجددة مع المصاريف إن المشكلة لدى الأسر المراكشية في مواجهة مصاريف المدارس هي تدني الدخل الفردي نفسه؛ حيث لا يتعدى 1300في بعض الأحيان 20 درهما يوميا للأسرة الفقيرة و100 درهما للأسر المتوسطة، وأول أعباء مصاريف التعليم كانت هذه السنة تجلت في التغير الحاصل في المقررات التربوية، ففي حين كان الآباء يقصدون أسواق الكتب القديمة من أجل ابتياع الكتب المدرسية أو مبادلة كتب السنة الفارطة بالسنة الحالية، وجدت العديد من الأسر نفسها أمام مقررات جديدة ، ولم ينجح العديد من الآباء في تجنب الاكتظاظ على المكتبات، بسبب الارتباك الواضح في اختيار الكتب المدرسية من المدرسين، وحيث وصلت أنواع الكتب في المستوى الرابع الابتدائي مثلا في مقرر الفرنسية إلى سبعة أنواع، لذا بقيت المكتبات مكتظة إلى يومنا هذا وبقيت عدة مقررات خارج التغطية، كما أنه من غريب الصدف أن أحد الآباء وجد مقررا جديدا في سوق باب دكالة لبيع الكتب القديمة، وقصة هذا الكتاب أن صاحبه طلب منه استبداله بنوع آخر، ولم يجد بدا غير بيعه في سوق الكتب القديمة. مصاريف الدراسة بقرعة العائلة أما عن مصاريف الكتب فيقول محمد الأنعامي، 41 سنة، موظف: لدي أربعة أبناء بمراحل التعليم المختلفة، وبداية الدراسة تمثل لي مشكلة كبيرة؛ ففي شهر واحد يتم إنفاق دخل الأسرة في 3 أشهر، لذا أستعد لبداية الدراسة بعمل قرعة مع أفراد العائلة، ورغم أن أبناء الأنعامي كلهم في مدارس المخزن فإن تكلفة الدراسة في الشهر الأول تعدت 1000 درهما ، فالابن الأصغر الذي يدخل المدرسة لأول مرة تكلفت احتياجاته للمدرسة أكثر من 300 درهما، شملت وزرة مدرسية، ومصاريف الكتب ومحفظة وحذاء وكراسات دفاتر. أما بالنسبة للعائلات الميسورة والتي تختار أن تدخل أبناءها للمدارس الخاصة فيصل إلى أرقاما مضاعفة، فبعضها يصل إلى 500 درهما والآخر يصل أضعافا مضاعفة ، فالحاج أحمد بورازيق يقول إن واجبات التسجيل وإعادة التسجيل المدرسي لخمسة أولاد منهم حفيدين وصل إلى 5000 درهما دون ذكر مستلزمات الدراسة ، في حين تصل واجبات الدروس الخصوصية إلى 150درهما شهريا للفرد الواحد. رغم ذلك فإن مساعدة التلاميذ الفقراء على مواصلة تعليمهم من خلال توزيع محفظات مكتملة خاصة على الصف الأول جعل الكثيرين من الآباء خاصة في الأحياء الفقيرة يتنفسون الصعداء بعض الشيء، خصوصا العام الماضي أما هذا العام فلم تسجل إلا حالات قليلة لتوزيع المحافظ، وفي واقعة مثيرة ، كان تلميذ بالمستوى الثاني يبكي بحرقة كبيرة في مدرسة فرعية بنواحي مراكش ، والسبب أنه لن يتمكن من الحصول على محفظة جديدة بالمجان كما هو الشأن في العام الماضي، لأنه وبكل بساطة انتقل إلى المستوى الثاني ولاحق له في كتب ودفاتر مدرسية، وعلق أحدهم مازحا لو رسب هذه السنة لنال ما أراد. مذكرة وزارية..متأخرة من مظاهر تعثر الدخول المدرسي الجديد إصدار نيابات التعليم بمراكش لمذكرة بتاريخ 24 شتنبر 2003 ،بشأن الدخول المدرسي 2003/2004 ، رغم أن وزارة التربية الوطنية كانت قد أعلنت أن الدخول الفعلي وبدء الدروس سيكون يوم 16 من الشهر نفسه، وتذكر هذه المذكرة حسن استقبال الآباء والتلاميذ !! والاهتمام برونق المؤسسات التي تعاني من إهمال واضح وليست لها ميزانية خاصة لذلك، ومن غريب الأمور أن هذه المذكرة لا تعترف أن فصلا وصل تلاميذه إلى 40 فردا يعتبر مكتظا. إضافة إلى ذلك ورغم مناداة المذكرة بفتح المطاعم المدرسية والداخليات مع الحرص على أداء خدماتها على الوجه المطلوب، إلا أن كثيرا من التلاميذ لا يزالون محرومين إلى حدود كتابة هذه السطور من الوجبات المدرسية الهزيلة أصلا. أما وزارة الصحة فإنها قررت هذه السنة عدم إرسال أطبائها إلى المؤسسات التربوية قصد إجراء الفحوصات الأولية، وهو ما دفع بعديد من الأمهات والتلاميذ إلى المستوصفات بدل الجلوس إلى الدرس والتحصيل. زي موحد .. أما عن الزي الموحد، فمن المعلوم أن وزير التربية الوطنية والشباب المغربي أصدر مذكرة في شأن توحيد الزي المدرسي على صعيد المملكة، وقد تراوحت ردود الفعل بين مؤيد اعتبر القرار إشارة إيجابية تعيد للمؤسسات التعليمية ووقارها، ومنتقد رأى أن دوافع سياسية وراء القرار الذي قد يؤثر على السير العادي للمدارس، وأن المشكل ليس في توحيد اللباس بقدر ماهو تحسين جودة المنتوج التربوي في المغرب. وفي هذا السياق تقول فاطمة منصف إحدى أولياء الأمورتوجهت إلى المؤسسة التعليمية التي يتابع فيها أبنائي دراستهم مباشرة بعد أن سمعت أن هناك زيًا موحدًا جديدًا لأسأل عن شكله وتفاصيله قبل أن أشتري مستلزمات الدراسة للأولاد، إلا أن المدير أخبرني أنه لم يتوصل إلى أي شيء بهذا الخصوص وأضافت قائلة: أوشك الأسبوع الثاني من الدراسة على الانتهاء، ولا نعرف ماذا نفعل؟ وماذا نشتري لأبنائنا؟ وأخشى أن يأتي قرار وزاري جديد يلزمنا بزي آخر بعد مدة؛ مما سيزيد من المصاريف ويضاعفها بدل أن يقللها.وعرفت المدارس حركة غير عادية للآباء الذين يتساءلون عن تفاصيل الزي الموحد، ومع مرور الوقت وفي غياب أية إشارات من نيابات التعليم والوزارة الوصية، أخذ العديد من مديري المدارس الابتدائية المبادرة باقتراح الوزرة المعتادة مع إلزام توحيد اللون، أزرق للذكور، وأبيض أو وردي للإناث، أما في الإعداديات والثانويات فأصبحت العديد من الأطر الإدارية غير قادرة على فرض الوزرة خاصة في الأحياء العصرية. عبد الغني بلوط