عبد الله عزوزي: منذ عشرات السنين وهذا الشعار ،وشعارات أخرى على شاكلته، يملأ ساحات المؤسسات التعليمية و أبواب نيابات وزارة التربية الوطنية و أكاديمياتها ، لكن واقع حال تعليم أبنائنا لا يزداد سوى تدهورا و شرودا. و عند كل دخول مدرسي أو مناسبة و طنية تردد الوزارة بصوت يشبه صوت مغنية تتدرب على الإحتراف بأنها رأت فيما يراه النائم "ورشا إسمه الإصلاح"، و أنها بصدد فرز المدخلات من المخرجات… وأن المشروع (السيدي// CD) سيكون في الأسواق في أجل أقصاه عام…شريط يفصل في الإختصاصات و يحدد المسؤوليات.. ففي الوقت الذي تبدو فيه وزارة التربية الوطنية بمثابة برج دبي ليلة الإحتفال برأس السنة المسيحية، و المنتشي بفرقعة الشهب و الألعاب النارية من فرط الشرارات التي تخلفها مذكراتها و مخططاتها المبشرة بالنجاح و الإصلاح ولو على استعجال، فإن ما على أرض الواقع ينبأ بكارثة اجتماعية و علمية بدأت ملامحها تلوح في الأفق، و ستكلف الوطن و الأجيال القادمة فاتورة باهضة—ياليتها كانت من الإحتياط النقدي و الذهبي لبلدنا. شيء ما غير طبيعي في شرايين و دماء و هيكل وزارتنا المحترمة.. لا زال الباحثون في هذا الأمر منقسمين فيما بينهم؛ فمن قائل أن الأمر سببه عين الحسود، و قائل أن المسألة متعلقة "بالنحس و التابعة"، إلى قائل أن القضية قضية أورام سرطانية، بنوعيها الخبيث و الحميد، تأكل من أحشاء و خلايا الوزارة؛ و من قائل أن كل ما قيل إنما هو تحامل، و أن وزارة التربية قد حققت أهدافها الحقيقية و نواياها الخفية.. و إنها نعم العبد المأمور. لكي تتعرف عن قرب على وضع منظومتنا التربوية يكفيك أن تترجل إلى فضاء "تربوي" تحت مسمى "ثانوية عثمان بن عفان التأهيلية" بحي الرميلة بتاونات. مؤسسة افتتحت في الموسم الدراسي الفارط (2014/2015)،و اليوم تمر ستون يوما عن انطلاق موسمها الدراسي الثاني، ونسبة الإنجاز بها لم تصل بعد إلى 90 بالمائة. لحدود اللحظة، لا يوجد ماء و لا كهرباء، ولا مرافق صحية؛ فضاء المؤسسة لا زال أقرب إلى ورش في شركة بناء ، منه إلى فضاء مؤسسة… مؤسسة تجاور فيها بيوت العمال فصول الدراسة. مؤسسة تعيش على وقع الإعتداءات على الأطر الإدارية و التربوية ( حالة الإعتداء على الإطار الإداري المقتدر السيد محمد زدع صباح اليوم )،مؤسسة لا زال بعض تلاميذها محرومين من أساتذة مواد أساسية كالأنجليزية و العلوم الطبيعية؛ مؤسسة دون ملاعب رياضية،دون حرم و بدون حرمة… هي سوق مفتوح، بل ياليتها ترقى إلى مستوى السوق، لأنني أكاد لا أعرف سوقا بدون جدار. مؤشرات التمدرس بهذه الثانوية كلها منحنية إلى الأسفل، ولا شيء يبدو مرتفعا إلى الأعلى و عليه إجماع سوى أسلوب حلاقة غالبية المتعلمين،إذ فوق رأس كل تلميذ "غابة نخيل" ساعة العاصفة الرملية. بثانوية الرميلة يختفي بياض الوزرة و تعوضه فوضى الألوان، التي لا شك أنها ستسبب في كارثة أخرى من جنسها تسمى "عمى الألوان". عندما نقارن أداء الساهرين على قطاع التعليم بأداء الساهرين على باقي القطاعات نلاحظ البون الشاسع في مستوى السرعة و الإتقان في الأداء. فهناك مثلا مشاريع تابعة لوزارة الداخلية دشنت بعد ثلاث سنوات من تاريخ الشروع في ورش الثانوية التأهيلية عثمان بن عفان التأهيلية، قد اكتمل بناءها و هي الآن تقدم الخدمات التي بنيت من أجلها، في حين تصر هذه ثانويتنا على قتل المزيد من الطاقات و صناعة الكثير من الأزمات و تقديم صورة مخجلة عن أرقى حقل و أجدر الميادين باليقظة و الحذر… دون أن نعرف من هو هذا الوطني البطل الذي يلعب بمصالح جيل و بصورة وطن. هذا واقع تعليمنا،الذي يبقى مستقبلنا كشعب مغربي أصيل مرهون به، في الوقت الذي يدور فيه الحول علينا و تأتي مهرجانات تقدر ميزانيتها ببلايين الدراهم،محورها العزف و الرقص. ترى هل تستطيع الجمعيات المحتضنة لتلك السهرات من أن تقلب موازين التوقيت و تطلع علينا ببدعتها في موسم الدخول المدرسي لكي تتضح الصورة أكثر؟ فما أحوجنا للفرجة في مثل هذه المواسم القاتمة . الجمعة 16 محرم 1436 /// 30 أكتوبر 2015 هذا عار ..هذا عار…تعليمنا في خطر: ثانوية عثمان بن عفان نموذجا