يختصر أهل السياسة تعريفها بالقول أنها فن الممكن مفضلين حذف المستحيل من الجملة على نهج البلاغيين وأهل الإنشاء والخلق والابتكار،وطبعا يبقى المستحيل حاضرا في السياق التداولي والدلالي وإن غاب على المستوى التركيبي. لا يفهم الكثيرون من المغاربة أين يبدأ الممكن و أين ينتهي المستحيل في هذا التعريف الضيق إلا عند بدء العد التنازلي للاستحقاقات الانتخابية التي تدق أبوابهم فتذكرهم بالممكن من المستحيل مرة أخرى . وإذا كان هذا المستحيل غائبا على الدوام بفعل الممكنات التي يتوارى خلفها حبيسا في القلعة المستحيلة،فقد يهتدي البعض إلى تتبع الأثر والبحث فقط في هذه الممكنات التي يختبئ وراءها المستحيل. هنا على المغاربة أن يشمروا عن سواعدهم مرة أخرى بعيدا عن أي وهم أو خيال جامح مكتفين بقول المتصوفة" كلما اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة ". وعلى نهج العارف السائل،على الباحث الشاهد تحديد الممكنات في مسلسل الاستحقاقات الانتخابية القادمة. بهذا المعنى يمكن للمغاربة الإسهام الايجابي في بناء مغرب مغاير لا وصاية لأهل الممكن عليه و لا حجر لأهل المستحيل عليه،مغرب يختار فيه المغاربة ممكناتهم بتتبع المواقف والمنجزات والسلوكات والخطابات والاختيارات وبالرجوع إلى التاريخ والاستفادة من ماضي الفشل والنجاح والخطإ والصواب. قطعا يحتاج المغاربة إلى دروس التاريخ ، وإلى معرفة عالمة بالطبائع والجواهر،وحتما لا غنى عن الميراث الحي القادر على إحياء إرادة الفعل الممتد وتشكيل الوعي المتجدد بالواقع والمتغيرات والتحديات،وامتلاك النقد وما بعد النقد حيث المعرفة واجبة والوعي فريضة والعمل عبادة. وباللفظ المطابق للمعنى على مذهب اللغويين القدامى لا محيد عن وعي سياسي شعبي يترجم إلى فعل منتج،ينخرط ويشارك ويقرر،وعي تدفع به الدولة والمجتمع معا إلى أقصى ما يمكن،بلا خوف وبلا عقد،فتطلق طاقته العملية وخزانه الإبداعي لينخرط أكثر فأكثر في الحياة السياسية بلا تعصب أو تطرف أو استعلاء أو ارتزاق،فيسهم في بناء مغرب دائما ممكن،لا يحتكره أحد ولا وصاية عليه لأحد. مغرب ممكن