ان المتتبع للإعلام و للتوجيه التربوي سيرى ان الاشكالات والاكراهات التي يعيشها متشابهة في كل الاقطار والبلدان ولا تقتصر على بلد واحد فقط . لكن ما يلاحظ هو الخلط بين هذين المفهومين من قبل غير المختصين ومحاولة توظيف الاعلام محل التوجيه التربوي في عدة احيان ومحاولة التدخل في هذا المجال الذي يشرف عليه مختصون وله نصوصه المنظمة لكافة تدخلاته . انطلاقا من هذه الاشكالية، اشكالية الفصل بين الاعلام و التوجيه في النظام التربوي، يمكننا طرح عدة اسئلة لمحاولة تقريب الموضوع اكثر ولمحاولة فهم ما يجري بهذا المجال التي يتنوع متدخلوه من داخل وخارج منظومة التربية والتكوين منها : * كيف نعرف الاعلام المستعمل في هذا المجال؟ *ما هو التوجيه التربوي؟ *ما هي النصوص المعتمدة في هذا المجال؟ *من هم المتدخلون فيه؟ *ما هي بنياته؟ *ما هي الاكراهات التي يعيشها ؟ هذه اسئلة من بين اخرى سنحاول من خلال الاجابة عنها توضيح بعض اليات الاشتغال ومعرفة المتدخلين فيه، لان شان الاعلام والتوجيه التربوي ، فهو شان الجميع ولا يقتصر على اطره فقط ( لكن متدخل دوره الخاص به ). فالإعلام كما هو متعارف عليه ،هو البحث عن معلومات تتعلق بمجال معين وتقديمها الى الجمهور الذي يبحث عنها وذلك من توظيفها في مجال اختصاصه. في مجال اشتغالنا هذا ، يقتصر الاعلام على البحث عن معلومات محينة حول المدارس والمعاهد العليا والكليات والمباريات الخاصة بولوجها وعن فرص الشغل المتاحة بعد التكوين وعن كيفية التقويم والدراسة بالخارج وكيفية طلب مختلف المنح الخاصة بمتابعة الدراسة. وعن مختلف ملتقيات الاعلام المدرسي والجامعي والمهني …هذه المعلومات التي تتم الاستعانة بها في اختيار تكوين معين وذلك لمعرفة افاق ذلك التكوين بعد التخرج. اما التوجيه التربوي فيمكن اختصارا تعريفه كما يلي : مساعدة التلاميذ/الطلبة على الاختيار بناء على نتائجهم الدراسية وقدراتهم وامكانيتهم وحافزيتهم… وكما يعرف المتخصصون في مجال اشتغاله ، فهو مبني مرجعيات متعددة و المشتملة على نظريات التوجيه التربوي وكل ما يتعلق بعلم النفس وعلم الاجتماع وعلم القياس والاقتصاد وعلوم التربية والاحصاء والديموغرافيا… ومن بين الوسائل المستعملة في مساعدة التلاميذ على الاختيار التي يعتمدها، نجد : الروائز – المقابلات الفردية – انشطة في التربية على الاختيار… يتضح مما سبق ، انه لا يمكن ان يلعب الاعلام دور التوجيه التربوي ولكن المساعدة على التوجيه يمكن ان تعتمد على المعلومات المقدمة للاختيار المناسب وذلك لمحاولة وضع الرجل المناسب في المكان المناسب. مجال الاعلام و التوجيه التربوي تنظم نصوص والتي من خلالها يعرف كل المتدخلين مجال تدخلهم ومهامهم، حيث نجد : *المستشارون في التوجيه التربوي الذين يقوم بعدة مهام كثيرة ومتنوعة ( سواء بالقطاعات المدرسية او في مكاتب الاعلام والتوجيه ) منها: تقديم المعلومات- تمرير روائز- اجراء مقابلات- اعضاء بكل مجالس المؤسسات التعليمية… ويعملون وفق برنامج سنوي ودوري محدد. *المفتشون في التوجيه التربوي هم ذلك يقومون بمهام كثيرة ومتنوعة ( سواء بمناطق التفتيش او المهام الادارية الاخرى) منها : تأطير المستشارين في التوجيه التربوي – اجراء بحوث …او يعملون وفق برنامج سنوي – تخصصي ومشترك – … زيادة على كل هؤلاء المتدخلين نجد: *الاساتذة – المديرين– الاباء – مفتشو باقي المواد الدراسية – المستثمرون والمقاولون –الجمعيات … فكما نلاحظ ، فان شان التوجيه التربوي يتدخل فيه عدة متدخلون ولا يقتصر على فئة واحدة ( رغم تخصصها في المجال) ولكن في حدود اختصاص كل واحد، لان الاعلام والمساعدة على التوجيه تستلزم القيام بعدة انشطة في المجال منها : الندوات – زيارة المقاولات – ملتقيات الاعلام والمساعدة على التوجيه ( لا يجب الخلط بين ملتقيات الاعلام وملتقيات الاعلام والمساعدة على التوجيه) –القوافل الاعلامية- الابواب المفتوحة… ينظم عمل الاعلام والمساعدة على التوجيه داخل بنيات ثلاث ( المذكرة الاطار): *البنيات الخدماتية :المراكز الجهوية والاقليمية وفضاءات الإعلام والمساعدة على التوجيه … ، *البنيات الادارية : الوحدة المركزية – مكاتب الاعلام والتوجيه بالنيابات والاكاديميات… ، *البنيات التا طرية: المفتشيات :المركزية-الجهوية-الاقليمية( التي تشكلها مناطق التفتيش..). ان مجال الاعلام والمساعدة على التوجيه ، في ظل ما تعرفه منظومة التربية والتكوين وما يعرفه العالم من مستجدات متسارعة ، يتطلب تحيين النصوص المنظمة له واعادة النظر في كثرة المهام الموكولة لكل متدخل فيه مع الرفع من اعداد الاطر المكونة والمختصة وذلك نظرا لتزايد عدد المؤسسات واعداد التلاميذ ، لان المساعدة على التوجيه هو سيرورة تتطلب مواكبة دائما للتلاميذ/الطلبة بمساعدة كل الاطراف الاخرى لمحاولة تلبية الرغبات حسب الاختيارات. فتعميم المراكز الجهوية والاقليمية للإعلام والمساعدة على التوجيه اصبح ضرورة ملحة وذلك نظرا لما سيكون لهذه البنيات الخدماتية من دور كبير في مواكبة التلاميذ/الطلبة لكن شريطة توفير الموارد البشرية المؤهلة لتسييرها والعمل بها مع تطبيق المذكرات المنظمة للعمل بها، دون اغفال تحفيز هذه الموارد على المهام الادارية المسندة لهم . ان عالم اليوم يتميز بكثرة المعلومات و بسرعة انتقالها والذي اصبح معه ضروريا توظيف اقصى ما يمكن الوسائل التكنولوجية الحديثة في ايصالها الى كل من يرغب فيها وهذا لن يتأتى الا بتوفير كل التجهيزات الضرورية داخل فضاءات ومراكز الاعلام والمساعدة على التوجيه وخلق بوابة وطنية رسمية لتجميع كل المعلومات الخاصة بهذا المجال ( دون ان تفوتنا الفرصة لكي نشكر كل اطر التوجيه التربوي التي عملت على خلق بوابات خاصة بتوفير المعلومات المحينة خلال هذه السنين الاخيرة والتي استفاد منها الكثير من التلاميذ ). ان مجال الاعلام والمساعدة على التوجيه مجال خصب لابد من تطوير الياته ومتابعته مع توفير تكوين مستمر لكل العاملين به وذلك لمسايرة كل المستجدات والتطورات التي يعرفها دون اغفال الدور الكبير الذي يلعبه مركز التوجيه والتخطيط التربوي في الرباط في تكوين كل هذه الاطر من مستشارين ومفتشين والذي ، في الحقيقية ، يجب ان يرقى الى مؤسسة جامعية عليا نظرا لمستوى التكوين والتأطير الموجود به ومستوى البحوث المنجزة في شتى مجالات التربية ( التوجيه – التخطيط – التقويم..). فالكثير يظنون ان التعبير عن الرغبة – اختيار الشعب والمسالك والتكوينات…- وتحقيقها في مجال التوجيه التربوي تعتبر بالسهولة بمكان ويحاولون اقحام انفسهم وفرض رغبات معينة ناسين ان ذلك لا يتماشى وقدرات ومؤهلات ذلك المتعلم الذي يجب الاخذ بيده والذي لا يمكن الا بتدخل واستشارة ذوو الاختصاص في هذا المجال، اطر التوجيه التربوي . محمد بكنزيز اطار في التوجيه التربوي اكادير في : 15/08/2014 الاعلام و التوجيه التربوي من الرغبات الى التكوينات