جلالة الملك في خطاب المسيرة الخضراء : حان الوقت لتتحمل الأمم المتحدة مسؤوليتها، وتوضح الفرق الكبير، بين العالم الحقيقي والشرعي، الذي يمثله المغرب في صحرائه، وبين عالم متجمد، بعيد عن الواقع وتطوراته        في بلاغ للمكتب السياسي .. وضوح رؤية جلالة الملك في قضية الصحراء مكَّن بلادنا من تأمين مضامين سوسيواقتصادية للسيادة على التراب    هذا ما أكده التنسيق النقابي الوطني بقطاع الصحة في ندوة صحفية بالرباط    التنسيق النقابي للأطر الصحية يتوعد الحكومة بالتصعيد احتجاجاً على خرق اتفاق يوليوز            قبل مواجهة الغابون وليسوتو.. وليد الركراكي يعقد ندوة صحفية الثلاثاء المقبل    انتخاب السيدة نزهة بدوان بالإجماع نائبة أولى لرئيسة الكونفدرالية الإفريقية للرياضة للجميع …    عدد سكان المغرب زاد ب2.9 مليون نسمة خلال 10 أعوام    ياسين بونو بين كبار اللعبة بمتحف أساطير كرة القدم بمدريد    مورو يدشن مشاريع تنموية ويتفقد أوراشا أخرى بإقليم العرائش    ندوة وطنية بمدينة الصويرة حول الصحراء المغربية    انتخاب المغرب بالأغلبية لتولي منصب نائب رئيس منظمة الأنتربول عن القارة الإفريقية    البنيات التحتية الأمنية بالحسيمة تتعز بافتتاح مقر الدائرة الثانية للشرطة    أسئلة لفهم مستقبل فوز ترامب على بنية النظام الدولي ومَوقِف الدول العربية    هذه برمجة الدورة ال21 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش    إطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    مؤشرات إيجابية نحو إنهاء أزمة طلبة الطب واستئناف الدراسة    منصف الطوب: هذا ما تحتاجه السياحة لتواصل صورتها اللامعة    استعدادات المنتخب الوطني: الركراكي يعقد ندوة صحفية وحصة تدريبية مفتوحة للإعلام    بنسعيد يزور مواقع ثقافية بإقليمي العيون وطرفاية    بالصور .. عامل الجديدة يوشح مجموعة من الموظفين بأوسمة ملكية بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء    ضبط عملية احتيال بنكي بقيمة تتجاوز 131 مليون دولار بالسعودية    بوجمعة موجي ل"رسالة24″ : يجب تعزيز الرقابة وحماية المستهلك من المضاربين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    سفير أستراليا في واشنطن يحذف منشورات منتقدة لترامب    قانون إسرائيلي يتيح طرد فلسطينيين        جدري: القطاعات التصديرية المغربية كلها تحقق قفزة مهمة    كلميم تطلق تشييد "مركب لالة مريم"    تظاهرات واشتباكات مع الشرطة احتجاجا على فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية    جو بايدن يشيد بهاريس رغم الخسارة    نجم منتخب أوروغواي السابق دييغو فورلان يحترف التنس    شخصيات رياضية تكرم محمد سهيل    وزارة الصحة تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    أولمبيك مارسيليا يحدد سعر بيع أمين حارث في الميركاتو الشتوي    محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بتهمة "التجاهر بالفاحشة"    بعد رفعه لدعوى قضائية.. القضاء يمنح ميندي معظم مستحقاته لدى مانشستر سيتي    مزور: المغرب منصة اقتصادية موثوقة وتنافسية ومبتكرة لألمانيا    إعطاء انطلاقة خدمات مركز جديد لتصفية الدم بالدار البيضاء    إحصاء 2024 يكشف عن عدد السكان الحقيقي ويعكس الديناميكيات الديموغرافية في المملكة    انخفاض عدد المناصب المحدثة للتعليم العالي إلى 1759 منصبا في مالية 2025    التّمويل والصّيانة تحديات تحاصر أجرأة مشاريع برنامج التنمية الحضرية لأكادير    300 ألف تلميذ يغادرون المدرسة سنويا .. والوزارة تقترح هذه الخطة    دراسة: أحماض أوميغا 3 و 6 تساهم في الوقاية من السرطان    انطلاق الدورة الثالثة عشرة للمهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة بالناظور    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    ابتسام بطمة ترد على شائعات العفو الملكي    برنامج يخلد المسيرة الخضراء بمونتريال    "مهرجان سينما الذاكرة" يناقش الدبلوماسية الموازية في زمن الذكاء الاصطناعي    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة        كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجهة نظر: "التربية هي السلاح الأقوى الذي يمكنك أن تستعمله لتغيير العالم"
نشر في الأستاذ يوم 01 - 06 - 2014

ماذا تشكل التربية والتعليم ، مهنا و مؤسسات، بالنسبة لنا كمغاربة؟ هل هي مجرد ترف؟ أم ضيعات للتوظيف؟ أم فضاءات بديلة لفضاءات لا نحبها ؟ هل هي مجرد تقليد لما نراه في باقي البلدان، ولو شكلا لا مضمونا؟ أكيد لا أحد منا سيقبل بأن يكون الجواب بنعم. لكن الواقع يدعم الإدعاء و يعارض النكران. فماذا يعني أن لا تنتج ست عشريات (1956 -2013) من السياسة و الإستثمار التربوي في إحداث نهضة علمية وطفرة اقتصادية و اجتماعية و حتى سلوكية؟ لا ريب أن هناك خلل، ومعرفة كل واحد منا لذلك الخلل على مستويات متفاوتة من الإدراك. لقد كان لنا جميعا كمواطنين وقفات اعتراف و اعتذار، مع الزمن و للزمان، بانتكاسة منظومتنا التربوية عبرنا عليها بإعلان الإصلاح، وترتيب الأولويات (الأولوية الثانية لمنظومتنا التربوية بعد الأولوية الأولى ، التي هي الوحدة الترابية ) وإصدار المواثيق (إصدار الميثاق الوطني للتربية والتكوين سنة 1999) وإعلان انطلاق المخططات (المخطط الإستعجالي 2009) وحاليا ما أعلنت عنه الوزارة الوصية من إطلاق مشاورات حول المدرسة المغربية من خلال بلاغ صادر عنها في أواخر الشهر الجاري ،والذي يحدد تاريخ 28 أبريل 2014 كتاريخ انطلاق ما يمكن تسميته بالحوار الوطني حول حال ومآل المدرسة العمومية، وما يعنيه ذلك من إعتراف ضمني بفشل كل المحاولات السابقة و سقوط الشعارات التي رفعت.
وقد تميزت الحقب الماضية من عمر المدرسة العمومية المغربية بميزة استثنائية مفادها أن حاضرها غالبا ما يكون موصوما بالشكوى و الإخفاق، لكن بمجرد ما يصبح هذا الحاضر جزءا من أرشيف الماضي حتى تبدأ القلوب في الحنين إليه مجددا، على إعتبار أن الماضي أفضل و أجود من الحاضر؛ وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن المدرسة العمومية، و المؤسسات التربوية عموما ، في تقهقر و وهن مستمرين، تماما كمن يحتضر و لا طاقة للمحيطين به بأن يعيدوا له عافيته أو روحه. بل كل ما قد يفعلونه أو يجرؤون عليه هو تبادل التهم و الرد على اللوم باللوم حول من يقف وراء هذا التردي.
لكن رغم كل هذا، أرى شخصيا ، كممارس تربوي، أن الأمر سيبقى على حاله، إن لم أتوقع أنه سيزداد سوءا لعوامل عدة تبدو أنها تنمو نموا طبيعيا وتكتسح المزيد من الأراضي و المساحات على حساب ركود المنظومة، بسبب ألوانها الباهتة و فقر قدرتها على التحفيز و التجديد و الإبداع، وارتكانها لكل ماهوتقليدي مجرب ومستهلك، واشتغال الفاعلين فيها و مرتفقيها (تلاميذ وطلبة ) تحت سقف محدود، وداخل مربع محدود، أضلعه تأمين التوصل بالأجرة في نهاية الشهر، وتكديس الأقدمية من أجل الترقي أو الإنتقال بالنسبة لأسرة التعليم ،والحفاظ على البقاء بالنسبة لرؤساء المصالح ،بغض النظر عن قطرها أو شعاعها، وتسجيل الحضور، بالنسبة للمتمدرسين ، مع تمني النجاح — مجرد نجاح — والإنتقال للصف الموالي دون تحقيق أي تطور في أي مادة من المواد المدرسة أو اكتساب أي مهارات تذكر.
ومساهمة منا في إيصال صوتنا للجهات التي قد تحترمه و تعيره إهتماما، سأحاول هنا أن أبسط بعض الأفكار التي يمكن أن تحدث الفارق في حالة ما إذا تم أخذها بعين الإعتبار و تطبيقها. وجهة النظر هذه سأقسمها إلى قسمين:
أولا، منطلقات يجب إعتبارها كمسلمات : أكاد أجزم أن سبب فشل محاولات الإصلاح السابقة ، والتي برزت على طول سنوات مابعد الإستقلال إلى الآن ، هو كونها كانت تأتي منعزلة عن باقي المجالات و المؤثرات التي تصيغ و تشكل الوعي الوطني و الشخصية المغربية على حد سواء ، في ترجمة واضحة للقصور في التصور و استصغار، أو بالأحرى عدم تقدير ، الأدوار الخطيرة أو المتميزة (سلبا /إيجابا) التي تلعبها باقي المؤسسات و المكونات. على رأس تلك المؤسسات المؤسسة الإعلامية. إذ طيلة ماسمي بسنوات الإصلاح تميز دور تلك المؤسسة ،بكل أطيافها السمعية و البصرية و الورقية وحتى الإلكترونية عموما، بالسباحة ضد التيار أو بالتحليق خارج وجهة سرب الإصلاح، أو بلغة الفلاحين " بدك ما حرثه الجمل". فأنى لتلميذ، أو تلميذة، أن يقوم بواجباته المدرسية، ويغريه الكتاب أو الرواية ، و القنوات الوطنية لا تألو جهدا ، على مدى أربع وعشرين ساعة ، في عرض الأفلام والسهرات و المقابلات التي لم يسلم من إغرائها حتى العقلاء، فكيف ينجو منها الأحداث و القاصرين؟ كذلك تميزت السنوات القليلة الماضية ببرمجة مهرجان موازين في أحسن و أنسب أيام السنة للدراسة و المذاكرة وهو ما يفوت فرصة ذهبية للتلاميذ و الطلبة للتحصيل وتعميق إيمانهم بمسلك طلب العلم (ولو في البيت،لا في الصين) ، ويزرع في عقولهم نماذج بديلة عن مسارات العلم و الفكر..
إن مسألة إصلاح منظومة التربية والتكوين هي جزء لا يتجزأ من تحدي إصلاح وطني يشمل إصلاح منظومة الإعلام و القيم ، والتخطيط او التنظيم العائلي (family planning) والعدالة (وما لها من علاقة بمحاصرة الفساد و بالشفافية والإستحقاق ،…) ومحاربة الرشوة، والقطع مع بعض الظواهر الثقافية والإجتماعية الماسة بالحق في التركيز و التحصيل ( فعلى سبيل المثال،كيف نسمح باستمرار سهرات الأعراس المغربية و ما يرافقها من صخب موسيقي مرتفع إلى مطلع الشمس ومن الجيران من سيكون على موعد مع حصة دراسية أو إجتياز إمتحان؟) ، واستتباب الأمن سلوكا و ثقافة ( إذ ينبأ الوضع، إن إستمرت مظاهر التشرميل و السرقة و إعتراض السبيل على ما هي عليه حاليا، أن المنظومة التربوية المغربية ستعرف ظاهرة جديدة من ظواهر الهدر المدرسي/الجامعي، مردها هذه المرة تردد التلاميذ في الإلتحاق بالمؤسسات التعليمية، و الطلبة المنحدرين من الروافد الهامشية في الإلتحاق بالمؤسسات الجامعية تحت طائل الخوف و حالة اللاأمن)،وتحسين البنية التحتية بالبوادي و الحواضر . كذلك من المنطلقات الي نعتبرها مسلمات أن مسألة الإصلاح التربوي له علاقة مباشرة كذلك بالمسلسل الديموقراطي وإصلاح نظام الإنتخابات. ففي الوقت الذي نسمح فيه بولوج رموز الفساد، ومتدنيي المستويات التعليمية و التكوينية، إلى المؤسسات التمثيلية و تدبير الشان العام فإن هذا يفرز سياسة تضرب في عمق الرسالة التي تقدمها المدرسة و الجامعة، وتزرع حالة من الإحباط لدى الناشئة و المراقبين. و اختصارا، فخلاصة القسم الاول من وجهة النظر هذه، أن مسألة إصلاح منظومة التربية هي تحدي غير قابل للتشييئ ولا يمكن الإنكباب عليه في معزل و انزواء عن باقي مناحي الإصلاح في القطاعات الاخرى.
ثانيا، بعض الإقتراحات التي نعرضها هنا : رغم كون هذه الإقتراحات ثانوية، ولا تعدو أن تكون مكملة لإصلاحات جوهرية تمس المقررات و القوانين و تدبير البنايات و الموارد، فإنه لن يساورنا شك في أنها يمكن أن تحدث الفارق.ومنها:
n أولا، نهج مبدأ التحفيز و التشجيع من خلال خلق جوائزسنوية وطنية، جهوية، إقليمية و محلية، للأشخاص الأكثر تأثيرا في الحقل التربوي، نظريا و ميدانيا (باحثين، مديري الأكاديميات، نواب الوزارة، مديري المؤسسات بكل أصنافها، والأساتدة، و كذا التلاميذ)
n جعل الترقي مرهون بإبداع مادي، على الواقع و في الميدان،يساهم في التجديد أو يأتي بجديد، و عدم جعله محدودا داخل إطار ضيق لا يطلب من المترشح أكثر من ديباجة مقال..، والإحالة هنا على الإمتحانات المهنية.
n خلق مسار تحفيزي في الدورة/الحياة المهنية لرجال و نساء التعليم. مثلا بعد الإلتحاق بسلك التعليم ، عن جدارة و استحقاق، بعد الحصول على الإجازة، يجب السماح لمن قضى ثمانية إلى عشر سنوات بالقسم بالعودة إلى مدرجات الجامعة، أو المراكز العلمية ، و الإنكباب على التخصص بسلك الماجستير..في الوقت الذي سيكون قد أصبح مكان كل ملتحق بسلك الدراسات العليا شاغرا للملتحقين الجدد. هذا سيحل معضلة البطالة، وسيساهم في خلق ناتج ورأسمال معرفي سيساهم في إبقاء كتلة الأجور غير متأثرة بالتوظيفات الجديدة. مقابل هذا، ماذا نتوخى من رجل يدخل الفصل شابا، منتصب القامة يمشي ،و يخرج منه كهلا ،منطوي الظهريزحف ، أوإمراة دخلت على قدمين و خرجت منه على ثلاث؟
التقليل من ساعات التدريس: الشيء إذا زاد على حده، إنقلب إلى ضده. أعتقد أن كل شئ يجب أن يتمحور حول التوازن. إن اختل التوازن ستكون النتائج و خيمة، لا محالة. هل من الضروري أن يمضي التلميذ 06 على07 أيام بالمدرسة و 04 إلى 07 من أصل ثمانية ساعات بالمدرسة يوميا؟ أين الطالب من العمل الجمعوي و الفني و السياسي والرياضي (ممارسة) الذي يشهده محيطه؟ هل يعقل أن يكون مغيبا من كل ذلك على طول مساره الدراسي؟ لماذا لا تقتسم عدد ساعات الأسبوع مناصفة بين الدراسة و العمل أو التعلم الحر الفردي؟ هل مازلنا نعتقد أن مسألة سقل الشخصية واكتساب المعارف هي حكرا على المدرسة فقط؟ ألا يمكن للتلميذ أن يتعلم مهارات و حرف يستعين بها على نوائب الدهر في أوقات خارج الدراسة؟ ألا يمكنه أن يكسب قسطا من المال يعينه على الرقي بنفسه (شراء كتاب،أو حاسوب، أو تذكرة سفر أو مسرح). أو ليست المدرسة بنظام حصصها الحالي معرقلة للتنمية و التأطير؟ أم الهدف هو ملأ وقت المتعلمين بوقت معلميهم؟
المدرسة و الرياضة: لماذا وطننا فاشل رياضيا، إلا من بعض النجوم الذين سطعوا فرادى و بمجهودات شخصية؟ السبب هو أننا أنطنا بالمدرسة رسالة التعليم وإعداد الأجيال ،ولو بطريقة هشة و غير معول عليها، لسوق الشغل فقط، في حين أنه كان يمكنها أن تنتج أبطالا رياضيين عالميين في شتى أصناف الرياضة ، الذين ستنعكس إنجازاتهم على صورة البلد وإقتصادها. في حين أن الواقع يشهد أن الذين يكون عندهم إستعدادا رياضيا غالبا ما تلفظهم المدرسة و يفوتهم قطار التمدرس ، والسبب هو عدد ساعات الدراسة و عدد الدروس المبالغ فيها. نتمنى لو يتم تفعيل وتشجيع الدور الرياضي الذي يمكن ان تلعبه المدرسة العمومية (ويمكن فتح ورش حول هذه القضية، والنظر في سبل إحداث الفارق على هذا المستوى// التجهيز، الولوج، والزمن المدرسي)
توفير مركبات سكنية للأساتذة في محيط مؤسساتهم التربوية. من شأن هذا المعطى أن يساهم في استقرار الأطر و تجنيبها مشاكل و مطبات البحث عن السكن، الذي، وإن وجد، غالبا مالا يكون مريحا، و يقضي الأستاذ جزءا من وقته في البحث عن الأحسن، مما يترتب عنه تعب نفسي و ضياع للوقت و تشتيت للتركيز على رسالة الوظيفة . من شأن هذه المركبات السكنية كذلك (كما نجدها في الثكنات والأحياء العسكرية) أن تخلق جوا من التعاون و البحث المشترك بين الأساتذة ، ويجعلهم يتعلمون بعضهم من بعض و يحفز بعضهم البعض الآخر.
بالنسبة للمناهج، يستحسن الإنفتاح على أدب التنمية البشرية و قصص النجاح و سير العلماء و القادة الدوليين،والأدب العالمي المؤثر.من شأن هكذا محتويات أن تأثر في التلميذ / طالب العلم بشكل عميق وتسقل شخصيته، و تضعه على سكة الرشد و الوعي بنفسه و بغيره و بمحيطه. كما أن على هذه المناهج أن تطور جانب التفكير النقدي و التفكير الإبداعي في المتعلم، عوض التركيز على الحفظ، وتقديس مبدأ "إرجاع البضاعة كما سلمت"..
إعتماد المناهج/ الكتب المدرسية الرقمية، أي يمكن أن يكون الكتاب المدرسي عبارة عن موقع أو كتاب رقمي يستطيع التلميذ تصفحه تفاعليا. من شأن هذا الأمر أن يفتح عيون المتعلم مبكرا على عالم المعلوميات في جانبه المفيد و الجاد، وأن يخفف عنه عبء شراء و حمل المقررات ، وتجنب إتلافها أو ضياعها.يمكن للقارئ الكريم أن يقوم بزيارة الرابط الثاني*** أسفله للوقوف على كتاب تتبناه ولاية كاليفورنيا ، وعثرنا عليه أثناء القيام ببحث حول طرائق إعداد المناهج بتلك الولاية صيف 2013. أما في الشق الثاني للمناهج، والمتعلق بكتب التمارين، فأطرح هنا ، من أجل تجاوز مشكل تلاميذ يأتون بكتب منتهية الصلاحية مادام كل التمارين منجزة من لدن من سبقوهم في تملك الكتاب، بأن تكون كتب التمارين شبيهة في تصميمها، من حيث الشكل، ببعض أنواع الدفاتر التي تسمح بتقطيع الورقة دون تأثر غيرها، وشبيهة بورقة الإمتحان من حيث المضمون، على أساس أن تنزع من الكتاب و تسلم للأستاذ من أجل التصحيح كلما دعت الضرورة.
إعتماد قاعات /أقسام شبه مغلقة تعتمد تهوية داخلية من أجل خلق جو من التركيز، مع ضرورة توفر كل جناح على مراحض ، تجنبا لتضييع المتعلمين للذهاب إلى دورات المياه بعيدة و مكتضة قد تكلف أزيد من 10 دقائق من الغياب عن مجريات الدرس.
توخي الأبعاد التربوية و البيداغوجية في إستعمالات التلاميذ، والقطع مع سياسة تكييف استعمالات المدرسين خدمة للأجندات الشخصية على حساب مصالح المتمدرسين التي توخاها المشرع. إذ غالبا ما ينتهي الأمر بملأ صبحيات أو أمسيات التلاميذ التي تكون فارغة وسط الأسبوع مقابل أن يدرسوا ساعة أو ساعتين فقط يوم الإثنين من كل أسبوع مع أساتذة إتقوا الله في تلامذتهم…
عدم خلط المواد المدرسة (علمية / أدبية / لغوية) على مستوى اليوم أو الأسبوع، والعمل بدل ذلك على تخصيص أيام الأسبوع الأولى لجانب (أدبي/علمي) مقابل تخصيص الشق الثاني من الأسبوع لمواد الجانب الثاني.
إعمال مبدأ "الكيف/الجودة خير من الكم / والتشتت" ، وذلك بتقليص المواد أو عدد الحصص و حصر عدد أيام التمدرس في خمسة أيام مع الحرص على إبقاء مكتبة / خزانة المؤسسة التربوية مفتوحة و رهن إشارة المتمدرسيين ، ونفس الشيئ بالنسبة للمكتبات العمومية و خزانات البلدية (وهنا نستحضر جانب من دور المحيط في خدمة المدرسة العمومية )
دمج المجموعات أو اللجن المشتغلة بتأليف المناهج المدرسية و توحيد جهودها مع ضرورة تجاوزها للمفهوم الكلاسيكي للإعداد والتأليف ، وذلك بإدراكها بالمنحى الرقمي والتفاعلي المبهر الذي أصبحت تنحوه المناهج في البلدان المتطورة.
جعل مسألة ضم المستويات بالمستوى الإبتدائي خطا أحمرا، إذ هي سبب الداء كله تقريبا. فلا يقبل عاقل قط بما يجري حاليا من إنتهاك ، بطرق ناعمة، لحق المتعلمين على مستوى المراحل الأساسية في بناء التعلمات وغرس الإنطباع الأولي لصورة المدرسة في أذهان أجيال الغد. سوف لن نكتفي بشجب الحال هنا بل سنحاول إقتراح ما يجدر فعله. إن الأمر شبيه بسلسلة غذائية على الشكل التالي: يقع خصاص طارئ في مستوى من مستويات المدرسة العمومية ( إنقطاع، ولادة، وفاة، نجاح في إمتحان..) فيكون الحل السهل بالعودة إلى تطبيق معادلة الضم بالمدرسة الإبتدائية التي تنبت "أستاذا فائضا"، وتخلق جوا من الرضا و السرور بين الأقوياء ( الأستاذ المفيض، والجهة المفيضة لأسباب واضحة )، في تغييب تام للحلقة الضعيفة في هذه الحالة من اللاستقرار، ألا وهو التلميذ (ة) الذي رفع عنه القلم. أعتقد لتجاوز هذا الوضع يجب تكوين "جيش" احتياطي من الأساتذة وجعله رهن إشارة سلطات التربية و التكوين جهويا و إقليميا،ولو في غياب المناصب المالية قبيل و أثناء سنة التكوين. إذ في مسألة تعليم أبناء المغاربة يصعب التوظيف وفق مبدأ الحاجيات الأنية، ما دامت الوزارة لا يمكنها أن تتوقع عدد المسجلين الجدد من التلاميذ، وعدد رخص الولادات، وعدد المنتقلين و المنقطعين والمتقاعدين، ومغيري الإطار، إلخ. فالتعليم مسألة مصيرية تصب في صورة البلد و شخصيته على الصعيد الدولي وله علاقة و طيدة بالناتج الوطني وباقي المؤشرات الإقتصادية و التنموية؛ لذلك فمسالة الجاهزية والإستباقية في إعداد الأطر و الرأسمال البشري لن تكون بأي حال من الأحوال فكرة طائشة أو طوباوية.
تحمل القطاعات المنتجة (شركات ، مقاولات..) و الهيأت التمثيلية (مجالس محلية، إقليمية و جهوية)، والمستثمرين المغاربة بالخارج المنحدرين من محيط المؤسسة التربوية المعنية ، مسؤولية إجتماعية، أخلاقية و حضارية في دعم المدرسة العمومية بالجوائز و التبرعات، إعمالا لثقافة الوقف و إطعام طالبي العلم الإسلامية . يمكن حتى إطلاق أسماء المتبرعين المتميزين على بعض أجنحة أو مدرجات المؤسسة التربوية تحفيزا لهم و تشجيعا على العطاء. فكيف يعقل أن يتجرأ الأثرياء على تنظيم حفلات با ضخة و مكلفة بقاعات الأفراح، مثلا، ولا يبادرون إلى إقتناء آلة ناسخة ، على سبيل الذكر، ووضعها رهن إشارة المدرسة، أو التكفل بالحالات الإجتماعية أو بتمويل رحلات للمتفوقين، و غير ذلك من الأعمال المشابهة.
بعيد إنهاء هذه الورقة البسيطة، نقول إن الحديث و التشاور حول المدرسة المغربية لا يمكن أن يلم به مقال أو إثنين، أو حتى ألف مقال… قد لا نكون ملزمين بالبحث في الشرق ولا في الغرب تعقبا لتجارب تلهمنا في تجديد إيماننا بالمدرسة أو المؤسسة التربية. لا شك أن فاطمة الفهرية قد قادتها حكمتها إلى بناء جامعة القرويين و تمويلها من مالها الخاص، دون أن تطالب بترقية أو تعويض أو زيادة في الأجر(ة)، لكن لقد أخذت و حصلت على أكثر مما لم تطلبه : لقد دخلت التاريخ من بابه الواسع ! أما تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية فيحكي أن أول شيء فكر فيه المستوطنون الأوائل كان هو فتح المدارس (لم يكن النظام الإتحادي قد أقر بعد) وتمويلها من مالهم الخاص؛ لم يكتفوا بفعل ذلك فقط ، بل تنافسوا فيه ! فانظر حولك، وفي الآفاق، ماذا حققت عقيدة حب العلم و المدرسة…
عبد الله عزوزي
أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي ، تخصص اللغة الأنجليزية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.