الحسن همام * كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن إصلاح المنظومة التربوية المغربية لأنها لازالت تعرف الكثير من العيوب و الاختلالات التي تؤثر على مردو ديتها و فعاليتها. ومن بين مجالات التجديد و الإصلاح التي حددها الميثاق الوطني للتربية والتكوين مجال \" الرفع من جودة التربية و التكوين من خلال مراجعة البرامج و المناهج و الكتب المدرسية و الوسائط التعليمية و تدبير بشكل أفضل لاستعمالات الزمن و الإيقاعات المدرسية و البيداغوجية \". لكن الممارسة الميدانية تثبت أن مشكل كثرة المواد و كثافة البرامج لازال قائما و يشكل عبئا كبيرا على الأستاذ و المتعلم على حد سواء. فكل من يمر أمام مؤسسة تعليمية وخصوصا الابتدائية إلا ويثير انتباهه كبر حجم المحافظ التي يحملها التلاميذ الناتج عن كثرة الكتب المقررة لكل مستوى دراسي, وتزداد الصعوبة بالوسط القروي إذ يضطر المتعلم إلى قطع كيلومترات طويلة ذهابا و إيابا, بمحافظ ثقيلة على الظهر. كما أن كثرة الكتب تنهك كاهل أباء و أولياء التلاميذ مع بداية كل موسم دراسي, خصوصا عندما يتعلق الأمر بالأسر ذات الدخل المحدود والمتوفرة على أكثر من طفلين متمدرسين. ولكثرة المواد و الكتب المقررة آثار سلبية على المنظومة التعليمية إذ ينتج عنها ضعف استيعاب مضامين الدروس و تشتيت ذهن المتعلم, وتجزيء العملية التعليمية إلى حصص كثيرة ترهق المتعلم و تبث الملل في نفسيته. كما أن الممارسة التربوية الحالية تفرض على المتعلم شراء جميع الكراسات و الكتب لأنه ينجز بها التمارين وبالتالي لا يمكنه الاستغناء عنها. أما طول المقررات فيؤثر سلبا على سير العملية التعليمية التعلمية, فهي تدفع بالأستاذ إلى التسابق مع الزمن لإنهاء المقرر الدراسي قبل موعد الامتحانات, ويفتح الباب واسعا أمام اعتماد بيداغوجيا التلقين و شحن ذهن المتعلم بالمعلومات الكثيرة. ويجعل بعض الأساتذة يلتجئون إلى نسخ الدروس وتوزيعها على التلاميذ. كما ينتج عن هذا المشكل إنهاك مجهودات المتعلم و إضعاف تركيزه, فيضطر إلى حفظ و تلقي ما يقدم له من دروس فقط من أجل الامتحان دون الأخذ بعين الاعتبار المعارف الحقيقية الوظيفية و الكفايات الأساسية التي عليه أن يستوعبها و يتمكن منها لتترسخ في ذهنه. ويعتبر بعض التلاميذ هذا المشكل سببا مباشرا في التجائهم إلى الغش في الامتحانات. كما يصعب العمل بهذه المواد الكثيرة و البرامج الطويلة بالأقسام المشتركة بحيث أن المدة الزمنية لا تكفي لتدريس المواد المقررة لمستويين أو أكثر في نفس الوقت, مما ينتج عنه تدني المستوى و الهد ر المدرسي . فقد عملت بعض الدول على الاهتمام بالتعلمات الأساسية, خصوصا بالتعليم الابتدائي, و كذلك التقليل من المدة الزمنية اليومية للتدريس, وعدد الكتب المقررة لتعم الفائدة و يتمكن المتعلم من الكفايات الأساسية التي تمهده و تؤهله لمتابعة دراسته بأسس متينة. كما أن ضغط المقررات الدراسية تدفع بالأستاذ إلى تغييب الأنشطة الثقافية المندمجة التي تذكي في المتعلم روح المبادرة و تنمي ثقته في مؤهلاته الشخصية و طاقته الإبداعية . لقد أصبح منتظرا و ضروريا اتخاذ جميع الإجراءات و التدابير اللازمة من طرف الوزارة الوصية على قطاع التربية والتكوين حتى \" يستجيب الرفع من جودة أنواع التعليم من حيث المحتوى والمنهاج, لأهداف التخفيف والتبسيط والمرونة والتكيف \", كما ينص على ذلك الميثاق الوطني للتربية والتكوين, وكذلك أن \" تبحث سلطات التربة والتكوين في مبدأ تخفيض عدد الساعات الدراسية الأسبوعية بالنسبة للتلاميذ, خصوصا في التعليمين الابتدائي والإعدادي \". كما يجب التسريع بإعطاء الفرصة لمجالس التدبير لاختيار الكتب المدرسية المناسبة لمحيط المؤسسة التعليمية والمستجيبة لمتطلبات المتعلم المستهدف. أستاذ التعليم الابتدائي بنيابة بنسليمان