بعد ترسيم اللغة الأمازيغية مكونا لغويا في المغرب، إلى جانب العربية في دستور 2011، أثير مؤخرا جدل كبير بعد إطلاق رجل الأعمال والناشط نور الدين عيوش دعوة وتوجيهه مذكرة للمؤسسة الملكية تتضمن توصية باستعمال اللهجة العامية المغربية في التعليم بدل اللغة العربية. وأفاد استطلاع للرأي أنجزه موقع إلكتروني مغربي بعد إطلاق الدعوة بأن 80% من المستجوبين يرفضون فكرة استعمال العامية لغة للتدريس مقابل 15% يؤيدون الفكرة. ولم تكن دعوة عيوش ومذكرته لتمر مرور الكرام، فقد استدعت تحركا من طرف المدافعين عن العربية، كما أخرجت المفكر المغربي عبد الله العروي عن" صمته الاختياري" ودفعته لتوجيه انتقادات حادة لهذه الدعوة التي عدها استهدافا وتقويضا للوحدة الوطنية. وكانت دعوة عيوش قد جاءت ضمن توصيات رسمية صدرت في أعقاب ندوة دولية، تتبنى فكرة اعتماد اللهجة العامية لغة تدريس في المغرب، وإخراج التعليم الأولي مما وصفه بالطابع الديني المتمثل في الكتاتيب القرآنية. ودخلت الحكومة، التي يقودها حزب العدالة والتنمية، على خط الأزمة التي أثارتها الدعوة بشكل غير مباشر، حيث استقبل رئيسها عبد الإله بنكيران، منسقية الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية وأكد بعد اللقاء على دعم مبادرتها لحماية اللغة العربية في المغرب. بدوره وجه الائتلاف -وهو جهة غير حكومية- مذكرتين، الأولى إلى بنكيران، والثانية إلى المجلس الأعلى للتعليم ترتبطان -حسب رئيس الائتلاف فؤاد بوعلي- ب"محاولات الانقلاب على اللغة العربية، وحريف النقاش من خلال مبادرة عيوش عن مساره الطبيعي المتمثل في معالجة اختلالات النظام التعليمي". انتقادات الملكيشار بهذا الصدد إلى أن الملك محمد السادس كان قد وجه الصيف الماضي انتقادات حادة للوضعية الحالية لقطاع التعليم خصوصا العمومي منه ودعوته لتجنب إخضاع تدبيره للمزايدات السياسية. وعزا في خطاب رسمي أسباب تعثر القطاع إلى اعتماد بعض البرامج والمناهج التعليمية التي لا تتلاءم مع متطلبات سوق العمل، وكذا الاختلالات الناجمة عن تغيير لغة التدريس في المواد العلمية، في المستوى الابتدائي والثانوي، من العربية إلى اللغات الأجنبية، في التخصصات التقنية والتعليم العالي، وهو ما يقتضي تأهيل التلميذ أو الطالب، على المستوى اللغوي، لتسهيل متابعته للتكوين في تلك التخصصات. وبغض النظر عن مضمون مقترح عيوش والنقاشات التي صاحبته، خصوصا في مناظرة تلفزيونية نادرة له مع العروي، فقد طرح عدد من المتابعين عدة أسئلة حول سياقها، ودوافعها، ومدى أهلية عيوش للخوض فيها وأهليته الأكاديمية. لكن عيوش اكتفى في رده على سؤال للجزيرة بهذا الشأن بالقول إن "الطفل الصغير عند دخوله المدرسة لا بد أن يتعلم بلغة الأم التي سمعها في المنزل، وفي الشارع، ومع أسرته". لا توضيحاتولاحظ المراقبون أيضا خلال المناظرة التي جمعته مع العروي أنه يدعو لاستعمال العامية مادة للتدريس والتعليم بكل قواعدها، دون أن يقدم توضيحات أكاديمية لذلك، خصوصا في ظل تنوع اللهجات بالمغرب، في حين اعتبر العروي أن استعمالها ممكن فقط في التواصل بين التلميذ والأستاذ. وفي هذا الإطار اعتبر رئيس الائتلاف من أجل اللغة العربية فؤاد بوعلي في تصريح للجزيرة نت أن مذكرة عيوش محاولة للالتفاف عن المسار الدستوري الذي رسم اللغة العربية والأمازيغية، وحرف لنقاش إصلاح التعليم بالمغرب عن مساره الطبيعي. وتساءل أبو علي كيف تحظى هذه الدعوة بهذا الاهتمام مع أنها صدرت من جهة غير مختصة أكاديميا في التعليم والدراسات اللغوية. وأشار إلى أن هذه المذكرة تندرج في إطار محاولات الاختراق التي تقوم بها الأوساط الفرنكوفونية في المغرب للحفاظ على مصالحها السياسية والاقتصادية.